«حصر وتوثيق التراث اللامادي في سورية»
في إطار جهود مشتركة بين الجمعية السورية للثقافة والمعرفة ومديرية الآثار والمتاحف في وزارة الثقافة ووحدة تطوير المتاحف الوطنية ومواقع التراث الثقافي، تم يوم الخميس 24 نيسان في خان أسعد باشا في البزورية في دمشق، إطلاق مشروع «حصر وتوثيق التراث اللامادي في سورية» كخطوة أولى وأساسية لتطبيق استراتيجية حفظ وصون التراث اللامادي في سورية وفق معايير الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي –اليونسكو- التي وقعت عليها سورية في العام 2003.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى ضمان حيوية وتجدد وانتقال هذا التراث عبر الأجيال من خلال الحصر والتوثيق ونشر المعرفة به واعتماده كمكون رئيس في الاستراتيجية التنموية.
وتضمنت نتائج المشروع حصر مئة عنصر من عناصر التراث اللامادي في سورية وبناء قاعدة بيانات لحفظ الحصر وموقع انترنت تفاعلي للمشروع وبناء قدرات في مجال حصر وتوثيق هذا التراث.
استراتيجية حفظ وصون التراث
ويؤكد المشروع في هذا الإطار أن سورية الغنية بتعددها الثقافي والتراثي تحتاج إلى استراتيجية وطنية تهدف إلى توثيق وتحليل وتنمية التراث اللامادي لتعميق مفهوم الهوية الوطنية والانسجام الاجتماعي في ظل تنمية مستدامة محورها وغايتها الإنسان، الأمر الذي يتطلب حصر وتوثيق التراث اللامادي ، ودراسته وتحليله بطريقة تشاركية، إضافة إلى تنميته من خلال نشره، والاستثمار في مزاياه مادياً وثقافياً وإنسانياً تعزيزاً لاستدامته، ولاحترام ثقافة الآخر بطريقة متبادلة ضمن المجتمع السوري، ومع بقية المجتمعات الإنسانية.
حصر مائة عنصر من التراث اللامادي
ويأتي مشروع حصر مائة عنصر من التراث اللامادي في سورية كخطوة اختبارية باتجاه تحقيق استراتيجية حفظ وصون التارث اللامادي، بما ينسجم مع معايير اتفاقية حماية التراث اللامادي الدولية باعتبار سورية بلداً موقعاً عليها، ويتضمن المشروع: حصر مائة عنصر من عناصر التراث اللامادي في سورية، وبناء قاعدة بيانات وبوابة انترنت تفاعلية للمشروع وبناء القدرات الوطنية لحصر التراث اللامادي في سورية.
ومن هذه العناصر ما تندرج تحت فئة الممارسات والطقوس الاجتماعية (عيد الرابع- الأربعاء الأحمر- عيد الخضر- عيد الفصح- عيد الفطر- المصالحة- كشاش الحمام- الخطيفة عند الشركس- حمام السوق.....)
ومنها ما يندرج تحت فئة الفنون وتقاليد أداء العروض (القدود- الموشحات- الهجيني- رقص السماح- الألعاب الشعبية بالسيف والترس- ذكر القادرية في حلب التراتيل السريانية- خيال الظل: كراكوز وعواظ .....)
ومنها ما يندرج تحت فئة التقاليد وأشكال التعبير الشفهي بما فيها اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي اللامادي (الزغاريد/ المهاهايات/ الهلاهل- الأمثال الشعبية- الحكواتي- العتابا- الموليا- الدلعونة- السويحلي- الزجل- النواح.....)
ومنها ما يندرج تحت فئة المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية (إنتاج البروكار- إنتاج الدامسكو- إنتاج شرانق الحرير- صناعة الأغباني-صناعة بيوت الشعر- انتاج البوظة العربية- صناعة الفسيفساء الحجرية- الرسم على الزجاج.....)
ومنها ما يندرج تحت فئة المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون (مهنة العطارة- الطب البدوي الشعبي عند قبيلة الحديديين- الحجامة- العمارة الطينية- الصقارة/ القنص.....)
الإنسان الحامل للتراث
وفي إطار المؤتمر الصحفي الذي تلا عرض المشروع أشار الحضور إلى أهمية نشر نتائج التوثيق في الصحافة والإعلام المحلي وليس على الموقع وفي كتيبات فقط لما لذلك من دور في تعريف الناس بشكل واسع بهذا التراث، كما تمت الإشارة إلى ضرورة استخدام الوثائق التاريخية للتأكد من استمرارية هذا التراث، وأوضح بعض الحرفيين الحاضرين أن الاهتمام بالإنسان الحامل لهذا التراث المتمثل في الحرفي السوري هو أساس قد يكون أهم من التوثيق بالمعنى المعرفي فقط وخاصة في ظل ما تشهده هذه الحرف في الفترة الأخيرة في ظل الأزمة من سفر للحرفيين الخبراء إلى خارج سورية.
نعلمها للأجيال القادمة
وفي المعرض الذي تلا إطلاق المشروع والذي يعتبر استمراراً لأسبوع التراث عرض بعض الحرفيين نماذج من صناعتهم، تضمنت الزجاج المعشق والقاشاني والرسم على الزجاج والتطريز والنجفي والموزاييك ومنتجات عشبية تقليدية ومنتجات الحرير الطبيعي الخاصة بالمنطقة الساحلية، و نحاسيات وحفر على الخشب. وأكد معظمهم أن حرفهم في طور الاختفاء إن لم تلق الرعاية الكافية، وأبدوا رغبتهم في تعليمها للأجيال القادمة لمنعها من الاندثار، لكن جهودهم الفردية هذه لا تلقى الاهتمام الكافي، وأن كل الاهتمام المنصب هو نوع من الدعاية التي لا يمكنها الدخول في إطار الصون الحقيقي.