وجدتها : جلاء  (الفرنجي البرنجي)

وجدتها : جلاء (الفرنجي البرنجي)

في ذكرى الجلاء المجيد، نستحضر ذكرى أولئك الذين قدموا شوطاً كبيراً من حياتهم ومن قدموا أرواحهم، من أجل هدف عظيم، أسميناه جميعاً الاستقلال، كان الجلاء في أذهانهم صورة واضحة، صورة نقيضة للممارسات المذلة والمهينة للتبعية للاحتلال باختلاف نوعيته ومسمياته، وبقيت هذه الصورة واضحة في أذهان السوريين وخاصة في مرحلة ما بعد الاستقلال حينما كانت ذكريات الاستعمار ما تزال حية في عقول وقلوب ذاك الجيل الذي عاصرها بكل قسوة وعمق.

رغم مرور ما يقارب السبعين عاماً على استقلال سورية فما زالت تلك الذكريات حية، وإن كانت محاولات انتزاع هذا الاستقلال بكل الطرق الممكنة مستمرة ولم تتوقف لو للحظة، من محاولات الاستعمار المباشر إلى المحاولات اليومية المستمرة للاستعمار غير المباشر بأساليب اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية.

مازال البعض يحمل عقدة الفرنجي، كما يقول المثل الشعبي «الفرنجي برنجي» في إشارة إلى هذه النظرة الدونية تجاه الأجنبي.

وما زلنا عند صياغة السياسات الوطنية المحلية ننظر إلى رضا الجهات الدولية على صياغاتنا وتنفيذها.

ويبقى السؤال الأوحد، ما هو الأهم في السياسات المحلية؟ الضرورات الوطنية أم إرضاء الاتفاقيات الدولية؟

ليست هذه دعوة لإنكار الاتفاقيات الدولية والتخلي عن تنفيذها (خاصة إن لم تتعارض مع الضرورات الوطنية) لكنها دعوة لتغيير نمط تفكير ينظر بالكثير من الدونية تجاه الأجنبي، ويبقى يؤكد في كل مناسبة وكلما حانت فرصة «أننا نعمل هذا المشروع أو ذاك تنفيذاً للمتطلبات الناجمة عن توقيعنا تلك الاتفاقية الدولية أوتلك» وكأن المبررات الوطنية المحلية ليست كافية حتى نقوم بمشاريع مفيدة لسورية.

هل نحفظ تراثنا أو نعمق محمياتنا أو نزيد نسب التعليم عند الفتيات، أو نطور قوانيننا نزولاً عند رغبتنا في «تنفيذ الاتفاقيات»؟.

إن تحديد سياسات وطنية واضحة في هذا المجال يبعد كل شبهة تذلل للمنظمات الدولية ويبرز استقلالنا في كل لحظة وعلى الدوام، فليس أحرص منا على سورية وليس سلوك الحرص بحاجة للتبرير فهو ليس ذنباً.