معادن ثقيلة في طعامنا اليومي
حسام ألماني حسام ألماني

معادن ثقيلة في طعامنا اليومي

تم وصف  كربونات الرصاص الثنائية القاعدية المعروفة باسم الاسبيداج حسب صحيفة بيانات سلامة المادة External MSDS في فهرس المفوضية الأوروبية 082-001-00-6، من خلال فقرتي توصيف المخاطر بالبنود R61-R20/22-R33-R62-R50/53 والتحذيرات وقائية بالبنود S53-S45-S60-S61، أي أن هذا المركب سامّ جداً للكائنات المائية، قد يسبب تأثيرات ضارة بعيدة المدى على البيئة المائية ويحمل خطر حدوث تأثيرات تراكمية وقد يسبب أذى للطفل المقبل، ويجب تجنب تسريب المادة للبيئة. والعودة إلى صحيفة تعليمات السلامة، وفي حالة  حصول حادث ما، أو الشعور بالتوعك، يجب التماس استشارة طبية حالاً ، ويجب تجنب التعرض والحصول على معلومات مفصلة قبل الاستخدام

كل هذه التحذيرات والمخاطر لم تمنع عمليات الغش غير المراقبة المنتشرة في السوق من خلال إضافة كربونات الرصاص الثنائية القاعدية المعروفة باسم الاسبيدج في عملية تصنيع اللبنة بنسبة تصل إلى 80% حسب تصريحات صانعي الألبان، مما يعني أنه في أفضل الأحوال تصل نسبة الإسبيداج إلى 10 % إذا حسبنا نسبة الماء المضاف، إذا لم تصل إلى أكثر من ذلك وهذه النسبة هي خطرة جداً على الصحة،  وتسبب حتماً أعراض التسمم بالرصاص جميعها.
ويكمن أحد اسباب انتشار هذه اللبنة المغشوشة في سعرها المنافس بشكل خيالي للبنة الطبيعية، حيث يتراوح سعر اللبنة الطبيعية بين 500 و600 ليرة سورية أما المغشوشة فتتراوح بين 250 و280 ليرة سورية أي نصف السعر تقريباً، وتدّعي وزارة التموين أنها تكافح هذا الغش حسبما تصرح لبائعي الألبان غير المغشوشة، لكن هذا غير صحيح بالطبع فهي موجودة في الأسواق الشعبية جميعا، بل وتوجد كذلك في المؤسسات الاستهلاكية التي تشرف عليها الدولة، وفي هذه الحالة يبدو الغش بالحليب المجفف أو بالنشاء أخف وطأةً، خاصة وأنه ضمن الإطار الآمن بالمعنى الصحي.
ويبدو أنه ليس من السهولة تمييز اللبنة المغشوشة عن الطبيعية، رغم أن قوامها يبدو أكثر تجانساً ولونها أكثر بياضاً من الطبيعية، ويبدو أن شح الألبان عموماً في السوق وارتفاع أسعارها بشكل كبير وغياب الرقابة الصحية والتموينية عن الأسواق، كان عاملاً مساعداً في رواج مثل هذه البضائع المغشوشة.

مستوى الذكاء

عند تطبيق الاسبيداج ( وكذلك باقي أملاح الرصاص اللاعضوية ) على الجلد فإن امتصاصه محدود جدا (0,3 % من الجرعة المطبقة ) ولا يمثل خطورة كبيرة على المستخدم إلا إذا وجد طريقه للفم أو الاستنشاق أو إذا استخدم لفترات مطولة، 5-15 % من الجرعة التي تتناول عن طريق الفم تجد طريقها للدم والباقي يطرح مع البراز، معظمه يحتجز من قبل الكبد . عندما يصل الرصاص إلى الدم فإن 90 % منه يتركز في العظام . ومما تجدر الإشارة إليه فإن مستوىً من الرصاص في الدم يتراوح بين 10-25 ميكروغرام / ديسلتر قد لا يؤدي إلى أعراض مرضية ظاهرة ولكنه يؤثر سلبا على درجة الذكاء ومستوى التعلم والتحصيل الدراسي. بينما هذا المستوى لدى آخرين قد يسبب قصوراً كلوياً أو حتى فشل كلوي، وتغييراً في وظائف الكبد. ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن كثيراً من حالات صعوبة التعلم والقراءة لدى الأطفال، والتخلف العقلي أو البله، ناتجة في كثير من الأحيان من تعرض الأطفال المزمن لمستويات عالية من الرصاص.

الاسبيداج

تستعمل مادة الاسبيداج في الدهانات وهي مادة غير مرغوبة في صنعات الدهان الصديقة للبيئة بسبب ضررها الناتج عن وجود الرصاص الذي هو من المعادن الثقيلة المعروفة بسميتها العالية على الجسم وقدراتها التراكمية عبر الزمن، ويعتبر الرصاص مسؤولاً عن العديد من الأمراض في الجملة العصبية والرئتين والكلى، ويسبب تراكمه على المدى الطويل الوفاة.