مونسانتو.. استعمار جديد!
تبلور مؤخراً التذمر الشديد من سياسات شركة مونسانتو متعددة الجنسيات التي تتخذ من مدينة ميسوري الأمريكية مقراً لها، حيث خرجت في 25 أيار الفائت مظاهرات في 40 دولة حول العالم تندد بالمنتجات المعدلة وراثياً لهذه الشركة،
وخاصة أن الشركة ترفض أن تلتزم بالإشارة على عبواتها إلى أن نباتاتها معدلة وراثياً تاركة على أقل تقدير حرية الاختيار للمستهلك مفسحة له المجال لتجنب أضرارها الكبيرة..
أوباما «شبيح» الشركات الكبرى
وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتاريخ 26 آذار 2013 مرسوماً حصلت من خلاله الشركات الزراعية الكبرى على حق الحماية القانونية الذي يسمح لها بزراعة بذارها المعدلة وراثياً وبيع منتجاتها المحصولية بما فيها المنتجات التي تواجه قضايا قانونية نتيجة تسببها بأضرار صحية وبيئية على حياة المواطنين، ولقد كان واضحاً للشعب المغزى من هذا القانون، لذا أصبح متعارفاً عليه باسم «قانون حماية مونسانتو».
وقد نقل موقع روسيا اليوم عن وثائق سرّبها موقع «ويكيليكس» بأن «وزارة الخارجية الأميركية تضغط على الحكومات الأجنبية لاعتماد سياسات وقوانين داعمة للمنتجات الزراعية المعدلة وراثياً».
وعملت ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ المنتجة للبذور واﻟﻜﯿﻤﺎوﻳﺎت على امتلاك ﺣﻖ اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻷﻋﺪاد ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺒﺬور اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ، حيث احتكرتها وعدلتها وراثياً، ثم باعتها للمزارع الفقير في دول كالهند مثلاً بأسعار مرتفعة جداً، ومن المعروف أن هذه البذور المعدّلة جينياً لا تستنبت مرة أخرى كغيرها من البذور الطبيعية، ما من شأنه أن يجبر المزارع على العودة إلى الشركة لشراء البذور مرة أخرى، وهو ما يمثّل شكلاً فظاً من أشكال الاحتكار، فقد تسببت السياسة الاحتكارية للشركة ومنتجاتها في الهند بخسائر جسيمة لآلاف المزارعين وتراكم ديونهم وانتحار العديد منهم.
«ضد مونسانتو» في مصر أيضاً
وكانت مصر من بين الدول المشاركة في التحرك الاحتجاجي، حيث دخلتها منتجات مونسانتو منذ العام 2008 في مجال تسويق بذار الذرة الصفراء، وقد بلغت المساحة المزروعة بهذه البذار أكثر من 6 آلاف فدان في العام 2010 الأمر الذي تسبب بأضرار بالغة، وبحسب موقع حملة «مسيرة ضد مونسانتو» فإن الأبحاث برهنت على أن هذه المنتجات تؤدي إلى أمراض خطيرة، مثل السرطان خاصة سرطان الكبد، والتشوّه الخلقي للجنين، وقد تسبب العقم.
ويذكر بيان لـ (الجمعية المصرية للحقوق الجماعية) بأن الشركة «ترتبط بعلاقات شراكة قوية مع وكلاء محليين في السوق المصرية، مثل شركة (فاين سيدز) المصرية التي تقدمت بطلب إلى لجنة الأمان الحيوي بتاريخ 27 تشرين الثاني العام 2007 لتسجيل صنف (عجيب واي جي) المعدل جينياً، والمنتج بواسطة مونسانتو لمقاومة الثاقبات في الذرة».
وقد رصدت الجمعية في بيانها «مشكلة أخرى وهي دور الشركة الذي لا يتوقف عند حدود الإنتاج والإتجار في سوق البذور، بل يمتد إلى الترويج لفرض أشكال الحماية والبراءات على الأصناف النباتية، ومن ثم انتقال الحقوق التاريخية للفلاحين في إنتاج وتداول البذور بشكل حر إلى الملكية الخاصة واحتكارها بواسطة شركات إنتاج البذور العالمية، وعلى رأسها مونسانتو».
وحذّرت الجمعية من اليوم الذي قد لا يستطيع فيه الفلاحون المصريون الزراعة إلا بأمر من شركات مثل مونسانتو، معتبرة هذا نوعاً من «القرصنة الحيوية على حق الشعوب في إنتاج غذائها».
وفي سورية
في تقريرها حول سورية في نهاية عام 2005 الصادر في 7/11 تقول الـــUSDA وزارة الزراعة الأمريكية «تعتبر التقانات الحيوية قضية مستجدة في سورية، كما أن سورية لا تمتلك الأبحاث الضرورية والشاملة في هذا المجال حتى الآن، نتيجة عدم وجود مخابر مناسبة قادرة على اكتشاف مثل هذه التقانة المتطورة على نطاق واسع، وهذا الأمر لم يؤثر على الحجم الكبير من صادرات الذرة الصفراء وفول الصويا المعدل وراثياً من الولايات المتحدة إلى سورية في الماضي ولا يتوقع أن يحدث ذلك في المستقبل القريب».*1
لا تحاليل تجرى في بلادنا على هذا المستوى عند الاستيراد، الأمر الذي يحتاج إلى الحذر خاصة في هذا الوقت الذي تتدفق فيه الأغذية إلى بلادنا تحت مسمى مساعدات «إنسانية»، فكثيراً ما حفلت المساعدات الإنسانية للدول التي تعاني من الكوارث في دول العالم النامي بأسباب المرض والموت، وتخريب البيئة، لذا فسوء الظن مطلوب وضروري هنا.
لكن هذا الوضع تغير قليلا منذ ذاك الحين إذ أنشأت الهيئة العامة للتقانة الحيوية، وهي المعنية بشأن الهندسة الوراثية في سورية، وتقوم العديد من مراكز الأبحاث الآن بالاختبارات اللازمة للكشف عن الأغذية المعدلة وراثياً، وتم إصدار قانون للسلامة الأحيائية –ولم تصدر تعليماته التنفيذية حتى الآن- لكن كل ذلك لم يجد نفعاً على أرض الواقع، وما زالت تلك المنتجات تستورد وتستهلك على نطاق واسع دون رقيب أو حسيب.
USDA Foreign Agricultural service : 2005 GAIN Report Number: SY5004:1