محطة لتوليد كهرباء الشمس على سطح القمر
توصّلـــت شــركة «شيميزو» Shimizu، وهـــي شــركة معمارية وهندسية يابانية، إلى حلّ لأزمة المناخ على الأرض، لكنه ينطلق من... القمر!
وببساطة، يقضي ذلك الحل ببناء حزام من الألواح الشمسيّة بطول 400 كيلومتراً، يجري بسطها في منطقة خطّ الاستواء في القمر (طوله 11000 كيلومتر). ومع تحوّل أشعة الشمس طاقة كهرباء بطريقة مباشرة وخالية من الكربون إلى الأرض، تبثّ تلك الطاقة على شكل أشعة الميكروويف إلى محطات استقبال على الأرض، كي تتحوّل ثانيّة إلى كهرباء.
وثمة فارق كبير بين أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض، وتلك التي تنسكب على القمر. إذ يرتد قرابة 90 في المئة من ضوء الشمس عندما يضرب الغلاف الجوي للأرض. وعلى رغم ذلك، يقدّر أن الطاقة التي ترسلها الشمس إلى صحاري الأرض في ساعة، تكفي استهلاك الكوكب الأزرق عاماً. كيف يكون الحال حين تصبّ أشعة الشمس على القمر الذي لا غلاف جويّاً فيه؟
في المقابل، يفترض المشروع الياباني عدم نقل مواد كثيرة من الأرض إلى القمر. واستطراداً، لا بد من استخراج مواد البناء على سطح القمر، وإنشاء معامل لتصنيع الألواح الشمسيّة من رمال القمر.
الروبوت- العامل
في أوقات متفرّقة، نالت شركة «شيميزو» شهرة واسعة بفضل تبنّيها سلسلة من «مشاريع الأحلام» البعيدة المنال، على غرار تشييد مدن هرميّة وفندق فضائي.
وفي بيان لها عن مشروعها القمري، أعربت «شيميزو» عن اعتقادها بأنه سيكون للروبوتات دور بارز في محطات طاقة الشمس على القمر. إذ يفترض بالروبوت النهوض بمهمات مختلفة على سطح القمر، تشمل تسوية الأرض وحفر الطبقات الصخرية الصلبة واستخراج الرمال، والعمل في مصانع إنتاج ألواح الشمس وغيرها. وتقترح الشركة الانطلاق في عملية بناء «حزام لونا» Luna Ring، وهو الاسم الكودي للمشروع القمري، في عام 2035. ويشمل الاقتراح «تجميع الآلات والمعدات من الأرض عند الوصول إلى الفضاء، وتركيبها على سطح القمر»، وفق كلمات بيان توضيحي صدر أخيراً عن الشركة اليابانيّة.
وإذا كان المشروع يبدو على هيئة اختراع من وحي الخيال العلمي يملك كلفة مرتفعة جدّاً، إلا أنّ الفكرة ليست جنونيّة بالمرّة، ولا هي محض خيال.
فمثلاً، وافقت مجموعة من المستثمرين في ولاية كاليفورنيا، في عام 2009، على عقد وقّعته شركة «الغاز والكهرباء للمحيط الهادئ» لشراء 200 ميغاواط/ساعة من الكهرباء من محطة مدارية لتوليد الطاقة الشمسيّة يفترض أن تبنيها إحدى الشركات في «لوس أنجليس» تُدعى «سولارن» Solaren.
ويقصد بمصطلح «محطة مدارية» أنها تدور في الفضاء الخارجي للكوكب الأزرق، على مسافة شبه ثابتة من الأرض. وتتألّف تلك المحطة الفضائية من لوح قابل للنفخ في الفضاء بطول كيلومتر كامل، يصبح بمثابة مرآة تستقبل نور الشمس، قبل دخوله الغلاف الجويّ للأرض. وفي خطوة تالية، تعكس المرآة الفضائية الضخمة أشعة الشمس، بعد تركيزها بطريقة تزيد في قوّتها، إلى مجموعة من المرايا الصغيرة العالية الكفاءة. وتنطلق الأشعة الشمسيّة من تلك المرايا كي تصل إلى ألواح شمسيّة في الفضاء الخارجي، تتولى توليد الكهرباء. ثم تتحوّل تلك الكهرباء إلى موجات من الميكروويف، تتجمع في محطة استقبال ضخمة تشييد في بلدة «فرِسنو» بولاية كاليفورنيا. وعندها، يعاد تحويل موجات الميكروويف إلى كهرباء.
على عكس ما يحدث في محطات الطاقة الشمسيّة الأرضية، تستطيع الألواح الشمسيّة التي تدور حول الأرض، أن تولّد الطاقة على مدار الساعة. أمّا طبيعة الطاقة الشمسيّة الأرضية الموقّتة، فتجعلها عاجزة في الوقت الحالي عن تأمين الحد الأدنى أو «الحمولة الأساسية» من الطلبات من دون الحصول على دعم من محطات الوقود الأحفوري.
وفي المقابل، من البديهي القول بأن كلفة نقل ألواح شمسيّة إلى المدار تفوق كثيراً كلفة تشييد محطة على الأرض لاستخراج الكهرباء من طاقة الشمس.
وعلى رغم الصورة الضخمة لمحطة فضاء تعمل على القمر لتوليد الكهرباء لصالح الأرض، تحرص شركة «سولارن» على عدم الإدلاء بتصريحات كثيرة حول مشروعها القمري.
ونُقِلَ عن مايكل بيفيي، وهو رئيس لجنة المرافق العامة في ولاية كاليفورنيا، أن مشروع محطة كهرباء الشمس القمرية لا يزال قيد التطوير.
ووفق كلمات بيفي: «على رغم أنّ المشروع يبدو من الخيال العلمي، لا بدّ لي من أن أعرب عن أملي بأن تساهم التطوّرات الحديثة التي تطرأ على وحدات الطاقة الشمسيّة لجعلها أقلّ وزناً وحجماً، في جعل هذه التكنولوجيا قابلة للتحقيق. أعتقد أنّ هذه التكنولوجيا تستحقّ المخاطرة لأنّ الطاقة الشمسيّة الفضائية ربما تساعد في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، خصوصاً الفحم، مع تلبية الحاجات المتصاعدة لطاقة الكهرباء».
وفي سياق النقاشات عن مشروع «لونا رينغ» القمري، أوردت مجلّة «وايرد» العلميّة الأميركية أنه «حتّى لو أنّ أهمية الطاقة التي تنتجها محطة للطاقة الشمسيّة على سطح القمر كافية لتبرير التكاليف الباهظة التي يتطلّبها بناء محطة كتلك، إضافة إلى الكمية الكبيرة من الوقود الأحفوري التي ينبغي حرقها لنقل الآلات إلى الفضاء، تبقى أكبر عقبة أمام شركة «شيميزو» هي تقديم طلبات لامتلاك عقارات على سطح القمر! ومن المعروف أنّه من الصعب تطبيق قانون الفضاء الخارجي عمليّاً، ما يعني أنه ربما أفسد الخطط التي وضعتها الشركة حتّى قبل الشروع في عمليات بناء محطة الكهرباء القمريّة».
المصدر: الحياة