عن تشابك يتزايد بين السياسة والمعلوماتية
في خضم النقاش المحتدم عن التشابك بين السياسة وشركات المعلوماتية، يحضر إلى الذاكرة أنه في زمن قريب، حصلت «المفوضيّة الأوروبيّة» على تواقيع الشركات الكبرى للإنترنت، خصوصاً تلك التي تدير مواقع الـ«سوشال ميديا»، في شأن ما عُرّف بـ «قانون السلوك الطوعي». ويتضمن القانون تعهداً من تلك الشركات والمواقع، بمكافحة نشر خطاب الكراهية على الإنترنت، وإزالته خلال 24 ساعة من التعرّف إليه.
واستطراداً، يثور سؤال عمن يحق له اتّخاذ القرار في شأن تلك البرامج وحدود قدراتها. وفي السياق ذاته، يتّخذ نشطاء آخرون موقفاً أشد معارضة مما سبق ذكره، بل لا يتردّدون في إظهار شكوكهم العميقة حيال القدرات الفعلية لتلك البرامج المؤتمتة، ومشيرين إلى استحالة التفريق بواسطة البرامج والمعادلات، بين مقالات تصف أفعال الإرهاب وتنظيماته وتحركاته وشخوصه ووسائله وغيرها، وبين مقالات تصدر عن جهات إرهابيّة.
الأرجح أن نقاشاً واقعيّاً وتفصيلياً هو ما يحتاجه العرب ومثقّفوهم، للاستفادة من التطورات المتلاحقة في العوالم المتشابكة للسياسة والمعلوماتية. ومن المؤلم أن معظم نخب العرب غارقة منذ بداية زمن الانترنت في سهولة قاتلة، بل تنام أدمغة وادعة على وسادة مُخادِعَة حريرها هو الفصل بالأبيض والأسود بين «شياطين» و «ملائكة»، وهو تقسيم انشطاري صار وراء ظهر وقائع العيش المعاصر، سواء في العوالم الافتراضية أو الفعلية أو في المساحات التي تجمعهما سوية.