تبدّلات الميديا: تلفزيون الـ«ويب» ومسلسلاته وصراعاته
باطمئنان، من المستطاع القول إن عام 2017 كرّس تلفزيون الـ «ويب»، بالترافق مع صراعات عليه من معسكرين متقابلين. يقف في الأول شركات التلفزة التقليديّة، بما فيها تلفزة الكابل والـ «ساتلايت»، ولعل أبرز نماذجها عالميّاً هي شركات «آتش بي أو» HBO (اختصاراً لإسمها الكامل Home Box Office). ويتمثّل المعسكر الثاني بشركات الإنترنت المختصة بالبث المتلفز عبر الإنترنت، (شركة «نتفليكس» Netflix نموذجها الأبرز، وتليها «آمازون.كوم» Amazon الشهيرة). وإذ انضم إليه في 2017، شركة «فايسبوك»، انفتح بُعد الـ «سوشال ميديا» في ذلك الصراع. وفي المعسكر الأول، دخلت معركة تلفزة الـ «ويب» شركة «ديزني» الشهيرة (خصوصاً بأفلام الرسوم المتحركة على التلفزيون) عبر تدعيم ترسانتها بشراء استوديوات سينمائيّة من شركة «فوكس» الشهيرة.
ولعل المفارقة الأبرز هي أنّ شركات التلفزة كلّها (تقليديّة ورقميّة سويّة) باتت تتشارك في البث عبر الانترنت، لكنها تعمل عبر الوسائط المرئيّة - المسموعة الأخرى أيضاً. ويكمل الجمهور المفارقة عبر ميل الناس إلى شراء أجهزة تلفزيونيّة تستطيع التقاط البث من الأطباق والكوابل والإنترنت سويّة. وإذا كان الأمر يبدو كأنه مصالحة تقنيّة في شاشات المنازل، فإن الأمر مخادع تماماً! ليست المصالحة إلا معركة أشد ضراوة.
ومن خارج المعسكرين، جاءت شركات صنع الأجهزة الإلكترونيّة والشاشات التي يستعملها الناس لمشاهدة المحتوى البصري، ربما لتفتح بعداً آخر في تلك المعركة، أو لعلها تحسمها. وجاء المثال الأوضح عليها في صفقة بين شركة «آبل» الشهيرة (صانعة شاشات الخليوي الذكي والـ «تابلت» والكومبيوتر)، والمخرج السينمائي ستيفن سبيلبيرغ. وتهدف الصفقة إلى امتلاك نوع معين من المحتوى البصري التقليدي (هو السينما)، لدعم هجمة «آبل» على سوق تلفزة الـ»ويب»! وعلى ذكر السينما، يصعب عدم التذكير بأن «نتفليكس» دخلت منذ 2015، مجال إنتاج أفلام لشاشة السينما.
المحتوى أولاً وأخيراً
كما في الإعلام كلّه، المحتوى هو المحور والأساس. هل يشهد 2018، مبادرات مماثلة لما فعلته «آبل»، تأتي من شركات صنع أجهزة المشاهدة الرقميّة؟ هل تدخل المعركة «سامسونغ»، وهي صانعة مميزة لشاشات الـ «هاي ديفينشن» والأنواع المتقدّمة منها أيضاً، وكذلك الشاشات المنزلية الضخمة التي يشار إليها بأنها «سينما المنزل»؟ هل تدخل المعركة شركة «سوني» التي تملك استوديوات ضخمة في هوليوود، إضافة إلى كونها صانعة أولى لأجهزة التلفزيون بأنواعه كلّها؟
وفرضت تلك المعارك على شركات الإعلام البصري والرقمي، أن تخوض في محتوى متنوّع، فيكون للشركة الواحدة أذرع لإنتاج محتوى لتلفزة الـ «ويب» والبث التلفزيوني عبر الأقمار الاصطناعية، والأفلام السينمائية، إضافة إلى أذرع لتوزيع المحتوى عبر الشاشات كلّها. ويعني ذلك أن زمن التركيز على وسيط واحد بعينه، بات وراء ظهر الجميع، وهو أمر يشمل الوسيط الرقمي الذي لم يعد المتميّز المتفرد، بل صار لاعباً ينافس آخرين.
وفي تلك الخلطة، يقف المحتوى باعتباره أساساً ومحوراً لصراعات الإعلام المرئي - المسموع، على غرار حاله في الإعلام كلّه.