التعرّق يطرح السموم – حقيقة أم أسطورة؟
"أنا أمارس رياضة اليوغا في مكان ذو حرارة مرتفعة، وقد أدّى هذا إلى تعرقي الشديد. عندما اعترضت للمسؤولة عن الوضع، أخبرتني بأنّ هذا الأمر مقصود كي نتعرّق أكثر، وذلك لأنّ العرق يطرح السموم في الجسم. هل طرح العرق لسموم الجسم صحيح، أم أنّه مجرّد خرافات؟"
تم إرسال هذا السؤال إلى قسم تعزيز الصحّة في جامعة كولومبيا ذائع الصيت والذي يقدّم الاستشارات الصحيّة بالمجان، والمسمّى اصطلاحاً "أليس". أجاب المختصون عن هذا السؤال:
رغم أنّ البعض قد يحب الحر، لكنّ التعرّق ليس طريقة فعّالة في التخلّص من السموم في جسدك. ولكنّه طريقة فعّالة لاستنفاذ السوائل الحيوية منه، وهذا ما يقود إلى احتمال حدوث التجفاف. يقوم العرق بالفعل بطرح بعض آثار السموم في الجسم (أقلّ من 1% من كامل محتوى الجسم)، لكنّ السبب الوحيد والحقيقي لحدوث التعرّق هو ممنع ارتفاع حرارة الجسم. إنّ الكبد والكليتين، وليس غدد التعرّق، هم الذين يلعبون دور مخلّص الجسم من السموم. إنّهم يقومون بتنقية السموم من الدم ليتمّ طرحهم عن طريق البول والبراز. عندما يصيب التجفاف أحدهم، فإنّ آلية التقطير هذه يصيبها الخمول بسبب نقص مستويات المصل في الدم، مسببة آثار جانبية تشبه التي تختبرها بعد عمل جسدي مجهد.
يقوم الجسم بشكل طبيعي أثناء القيام بنشاط جسدي "بتنظيم حرارته" (يقوم بتخفيضها) بطرق متنوعة: الإشعاع، ونقل السوائل، ونقل الحرارة، والتبخير (التعرّق). إن تجاوزت درجة حرارة المكان درجة حرارة الجلد لتكون درجة الحرارة بين 33 و 40 درجة مئوية، وهي الحرارة المعتمدة في غرف اليوغا الحارّة عادة، فلن تعمل وسائل التنظيم الحراري الثلاثة الأولى. علاوة على ذلك، فعند وجودك في مكان حار، سيقوم جسدك بامتصاص الحرارة من البيئة المحيطة ممّا يتسبب في ارتفاع درجة حرارة جسمك بشكل أكبر. يصبح التعرّق كنتيجة لذلك هو الطريقة الوحيدة المتاحة لجسدك كي ينظم درجة حرارته الجوهرية الآخذة بالارتفاع، وسوف يستمرّ بإفراز العرق دون توقّف. بالإضافة لهذا فإن كانت مساحة المكان الحار الموجود فيه صغيرة وذات تهوية سيئة، فإنّ قرب الناس الذين يتعرقون من بعضهم البعض سوف يزيد من الرطوبة. تحفز الرطوبة العالية الجسم على تنظيم حرارته المرتفعة من خلال العرق، وكلّما زاد العرق كلّما زادت الرطوبة... ولا نهاية لهذه الدورة.
كلما تعرقت أكثر، كلما خسرت المزيد من السوائل، وكلما أصبح تنظيم حرارة جسمك أكثر صعوبة. إنّ خسارة 2% من كتلة السوائل الإجمالية في جسمك كفيلة بزيادة معدل نبضات قلبك وتقليل كميّة الدم، وهذا لا يجعلك تشعر بأنّك مجهد وحسب، بل يقوم بالتقليل من جلدك على تحمّل الرياضة أيضاً. تتضمن أعراض الإرهاق من الحر التسرّع والضعف في نبضات القلب، مع الشعور بالوهن الجسدي والإعياء وألم الرأس. مثل هذه الأعراض لا تعني بأيّ حال بأنّ جسمك بحاجة للتخلّص من السموم، بل يعني بأنّ جسدك يخبرك بأن تتحرّك إلى بيئة أبرد وبأن تعيد ترطيب جسدك بالسوائل. إن كنت تعاني من التقيؤ وتشنّج العضلات، أو كنت تشعر بالضعف التدريجي، فهذه دلائل على الإنهاك الشديد من الحرارة والتي تتطلب الخضوع لعناية طبية عاجلة. عندما تتجاوز درجة حرارة الجسم الرئيسية 39 درجة مئوية (والتي تنجم غالباً عن سوء تنظيم حرارة الجسم وليس عن زيادة الجهد في التمرين) فقد يتعرض لضربة حر ((ضربة شمس عرفاً)) وتبدأ الأنظمة العضوية بالتوقّف عن العمل.
لا تعني هذه المعلومات أن يبتعد المرء تماماً عن النشاطات التي تسبب ارتفاع حرارة الجسم والتعرّق، فهناك الكثير من الفوائد للتمارين الرياضية واليوغا وبقيّة النشاطات البدنية التي تحمل على التعرّق. هذه المعلومات تعني ببساطة أن عليك الاستماع لجسدك ومحاولة فهم ما يقوله. علينا أن نتأكد من ترطيب جسمنا قبل وأثناء التمارين من أجل منع حدوث أمراض ارتفاع الحرارة. فبعيداً عن شرب الكمية اليومية الموصى بها من الماء، وهي عشرة كؤوس ماء في اليوم، فإنّ شرب كمية ملائمة من الماء قبل التمرين بساعتين يعزز ترطيب الجسم. والاعتياد على شرب الماء أثناء التمرين بدلاً من الانتظار حتّى العطش أمرٌ جيّد من أجل تعويض السوائل التي تخسرها. الابتعاد عن المشروبات الكحولية واللي تحوي الكافيين أثناء التمرين مفيد لوجود صلة بين هذه المشروبات والتجفاف.