رسوم ترامب الجمركية: إذلال أوروبا وانعكاس الأسعار والتضخم على أمريكا
أرسلت الصين عام 1842، وكانت قد مُنيت بهزيمة مهينة في الحرب، أعلى مسؤول بيروقراطي لديها «تشي يينغ» إلى نانجينغ، للقاء المسؤول الاستعماري البريطاني السير «بوتينغر». قدّم المفاوض البريطاني القاسي وعديم الرحمة إلى بلاط أسرة تشينغ قائمة بشروط الاستسلام. وبعدها تم توقيع «معاهدة نانجينغ» التي جعلت الصين تدفع كل شيء، لكنها لم تجنِ سوى العار. لقد أُطلق عليها اسم «اتفاقية تجارة»، فاحتفل تجار لندن بهذه المناسبة بالكؤوس، بينما سجّل شعراء الصين هذه الإهانة في قصائدهم ونصوصهم الأدبية، وما زال صداها يتردد حتى اليوم فوق هذه القارة الشاسعة.
ترجمة: عروة درويش
في تموز 2025، أرسلت المفوضية الأوروبية، التي تعرضت لضربة قاصمة وخرجت مهزومة، أعلى مسؤولة دبلوماسية لديها «أورسولا فون دير لاين» إلى ملعب غولف في اسكتلندا مملوك لترامب، لتوقيع اتفاق مذل مماثل. أطلقوا عليه أيضاً «اتفاق تجارة»، لكنه لم يكن سوى محاولة لإخفاء الحقيقة- أن أوروبا دفعت كل شيء مقابل نتيجة مهينة مع رئيس الولايات المتحدة. ومن المهم ملاحظة أنه، على عكس الصين في عام 1842، لم تخضع أوروبا بسبب هزيمة عسكرية، بل لأنها تحملت بضعة أشهر من «الإيهام بالغرق» الجمركي- هذا الأسلوب الذي اتبعه ترامب للتعذيب الاقتصادي، والذي استهزأ به السياسيون الأوروبيون الحمقى، المستنسخين من السياسيين الديمقراطيين الأمريكيين التعساء، كان يعتمد على ما سمّوه في البداية «TACOS»: «ترامب دائماً يجبُن Trump Always Chicken Out».
ورغم أنّ شعراء أوروبا قد لا يكتبون قصائد عن هذه المعاهدة المهينة التي ستظل جاثمة فوق القارة لعقود مقبلة، فإن السياسيين الأوروبيين اعترفوا بالفعل بحقيقتها. وصفها رئيس وزراء فرنسا «فرانسوا بايرو» بأنها «يوم مظلم». ومفاوض الاتحاد الأوروبي لشؤون بريكست «ميشيل بارنييه» قال بمرارة: إن هذه الخطوة هي «إظهار للضعف» - وهذا الرجل الذي خبر التفاوض من موقع متعجرف للغاية، كان الأجدر أن يفهم طعم هذه المرارة.
تفاصيل هذه الاتفاقية التجارية عبر الأطلسي كانت محرجة بحق بالنسبة لأوروبا. فالبضائع الأمريكية ستدخل إلى أوروبا معفاة من الرسوم، بينما تُفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية إلى أمريكا، مع فرض رسوم تصل إلى 50% على صادرات الصلب والألمنيوم. وكل هذا لم يكن سوى البداية.
كما تعهدت أوروبا بإلغاء جميع ضرائب الخدمات السحابية التي فُرضت أو المخطط فرضها على شركات التكنولوجيا الكبرى، وقدمت أيضاً جزية ضخمة لترضية دونالد ترامب: بحلول نهاية عام 2028 ستستثمر 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى شراء 750 مليار دولار من النفط والغاز الصخري الأمريكي. بمعنى آخر، إنها شيك ضخم بقيمة 1.35 تريليون دولار- ولا يشمل ذلك مئات المليارات التي ستنفقها الحكومات الأوروبية على الأسلحة الأمريكية لتلبية التزاماتها في الإنفاق الدفاعي للناتو.
وعندما قدمت فون دير لاين هذه التعهدات الجديدة، تجاهلت درساً أساسياً كان يجب أن تتعلمه أوروبا من فترة ترامب الأولى: رفض دفع مبالغ ضخمة قد يكون خطيراً، لكن عواقب تقديم وعود لا يمكن الوفاء بها أخطر بكثير.
أولاً: لا تستطيع المفوضية الأوروبية إجبار الشركات الخاصة على تحويل الأموال إلى الولايات المتحدة.
ثانياً: الأموال والقدرات الفعلية اللازمة لتحقيق هذه الوعود غير موجودة أصلاً. صحيح أن شركات السيارات والكيماويات الألمانية بدأت بالفعل في الاستثمار بالولايات المتحدة لتجنب رسوم ترامب، لكن حجم الاستثمار خلال العامين والنصف القادمين لن يصل بأي حال إلى 600 مليار دولار. والأسوأ من ذلك، فإن التعهد بشراء 750 مليار دولار من الطاقة الأمريكية خلال ثلاث سنوات «أي 250 مليار دولار سنوياً» هو محض خيال: فإجمالي إنفاق الاتحاد الأوروبي السنوي على الطاقة أقل بكثير من هذا الرقم، فضلاً عن أن شركات النفط والغاز الصخري الأمريكية لا تملك القدرة الإنتاجية الكافية، وحتى لو رغبت أوروبا في الشراء، فلن يتوفر العرض الكافي.
فهل يجهل ترامب هذه الحقيقة؟ بالطبع لا. هل نسي وعود «جان-كلود يونكر - رئيس المفوضية الأوروبية الثاني عشر 2014–2019» التي لم يتم الوفاء بها؟ لا أحد يتذكرها بوضوح أكثر منه. ويمكنك أن ترى ذلك في عينيه- إنه يستمتع بهذه العملية. إنها فرصته الذهبية لصفع الاتحاد الأوروبي- فمشاعر كراهيته تجاه أوروبا لم تتوقف عن التزايد منذ زمن طويل. وإلى جانب تقليص العجز التجاري الأمريكي، وجني رسوم ضخمة في هذه الفترة، فإن ترامب ينتظر بكل صبر لحظة فشل أوروبا في الوفاء بتعهداتها الاستثمارية وشراء الطاقة التي وعدت بها فون دير لاين. وعندما يحصل ذلك «المتوقع عام 2028، أي في عامه الأخير في البيت الأبيض»، ستكون لديه ذريعة لاستخلاص تنازلات أكثر إذلالاً من الأوروبيين.
وإذا قارنا هذه الاتفاقية بالاتفاقية البريطانية الأمريكية التي وُقعت في أيار، يتضح بلا شك أن ترامب كان أكثر تساهلاً مع «كير ستارمر». وهذا لا علاقة له بالعوامل الاقتصادية، ولا بحبه لإنكلترا، ولا حتى بكراهيته لفون دير لاين. في نظر ترامب، هناك عامل آخر أهم دفعه إلى معاملة بريطانيا بلطف، حتى على حساب إغضاب شركات السيارات الأمريكية- إذ أصبح من الأرخص الآن استيراد سيارة بريطانية لا تحتوي على أي مكون أمريكي إلى الولايات المتحدة من استيراد سيارة فورد أو جنرال موتورز مصنوعة في المكسيك أو كندا، ولكن معظم أجزائها أمريكية الصنع.
فلماذا اختار ترامب أن يتحمل الضغط من قاعدته المؤيدة لـ«لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» من أجل شركات السيارات البريطانية- مع أن العديد من هذه الشركات ليست مملوكة لبريطانيين أصلاً؟ الجواب بسيط: من خلال فرض رسوم موحدة بنسبة 10% فقط على بريطانيا «بما في ذلك السيارات»، أي أقل بخمس نقاط من الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي، وإلغاء الرسوم الجديدة على الصلب والألمنيوم البريطاني، فقد غرس إسفيناً عميقاً بين لندن وبروكسل، لدرجة أن حتى أكثر مؤيدي «العودة إلى الاتحاد» حماساً قد فقدوا إرادتهم في الاستمرار. ولهذا كان ترامب سعيداً، لأنه جعل بريكست- الحدث الذي بشّر بفوزه الأول في الانتخابات- أمراً لا رجعة فيه بشكل كامل.
وقبل أن يرضخ قادة الاتحاد الأوروبي لهذه النسخة الأوروبية من «معاهدة نانجينغ»، مرّوا بالمراحل الأربع نفسها التي مر بها مفاوضو بريكست: من «إذا ضغطت أمريكا سنرد» إلى «إذا أُجبرنا فقد نرد»، ثم إلى «لن نقبل باتفاق سيئ»، وأخيراً «أي اتفاق أفضل من لا شيء». والآن، في بروكسل وعواصم أوروبا، تدور حرب من تبادل الاتهامات حول هذه النسخة المعاصرة من «معاهدة نانجينغ»، مع طرح سؤالين عاجلين: أين أخطأ القادة الأوروبيون؟ وماذا كان بإمكانهم أن يفعلوا بشكل مختلف لتجنب هذه الاتفاقية المهينة ومنع ضرر اقتصادي أكبر؟
أوروبا التي لا حول لها
ارتكب المفاوضون الأوروبيون ثلاثة أخطاء رئيسية في تقديراتهم:
أولاً: اعتقدوا أن حجم السوق الموحدة في الاتحاد الأوروبي هو الورقة الرابحة النهائية. لكن الحقيقة أن الفائض التجاري الضخم لأوروبا مع الولايات المتحدة، الذي يتجاوز 240 مليار دولار سنوياً، هو ما جعل أي حرب تجارية شاملة تضر بأوروبا أكثر بكثير من أمريكا.
ثانياً: كما شرح زميلي «وولفغانغ مينشاو»، بالغ الأوروبيون في تقدير تأثير عجز الاتحاد الأوروبي في قطاع الخدمات على ميزان القوى. فالأمريكيون يمكنهم العيش من دون أوشحة «هيرميس» أو شامبانيا فرنسية أو زيتون «كالاماتا» أو سيارات بورش، لكن الأوروبيين لا يمكنهم العيش ساعة واحدة من دون غوغل ويوتيوب وإنستغرام وواتساب.
ثالثاً: وهو الأهم، غرق الأوروبيون في وهم أن الأسواق الأمريكية ستشهد اضطراباً كبيراً، ما سيجبر ترامب على التراجع. لقد افترضوا طويلاً أن الرسوم ستؤدي إلى تضخم استهلاكي وانهيار في أسواق الأسهم الأمريكية، لا يمكن تحمله سياسياً. لكن ذلك لم يحدث، وكان على بروكسل أن تتوقع السبب.
فمقارنة بالطلب الأوروبي والعرض الأوروبي، فإن طلب المستهلكين الأمريكيين أكثر «حساسية» لارتفاع الأسعار «بلغة الاقتصاد: أكثر مرونة». ولهذا فإن سيارات «مرسيدس- بنز» الألمانية تُباع في نيويورك بسعر أقل من شتوتغارت، ولهذا أيضاً تحمّل المصدرون الأوروبيون معظم تكاليف الرسوم الجمركية، ولم يمرروا سوى جزء صغير منها للمستهلكين الأمريكيين. النتيجة: تأثير محدود على التضخم في أسعار المستهلكين بأمريكا. أما سوق الأسهم الأمريكية، فقد غرق في نشوة الاستثمار بالذكاء الاصطناعي، وفي التخفيضات الضريبية الضخمة وغير العقلانية التي منحها ترامب، وفي عوائد الرسوم الجمركية التي بلغت 300 مليار دولار سنوياً لوزارة الخزانة، والتي شكلت وسادة امتصاص قوية. لم يهتم سوق الأسهم المنتشي بهذا الازدهار، على الإطلاق بالآثار السلبية الكلية لسياسة ترامب الجمركية.
لكن لنفترض أن القادة الأوروبيين توقعوا كل هذا. هناك مبدأ أساسي في التفاوض: إذا لم تكن مستعداً لترك الطاولة خالي اليدين، فلا معنى للتفاوض- ومن الأفضل أن تكون متسولاً مثل فون دير لاين. فإذا كان الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى الأسلحة التفاوضية التي امتلكتها الصين- مثل المعادن النادرة والسلع الأساسية التي لا يمكن للأمريكيين الاستغناء عنها- فما الذي كان بإمكانه أن يفعله بشكل مختلف؟ إليكم اقتراحاً.
أول مهمة لأوروبا كان ينبغي أن تكون وضع بديل لتعويض فجوة الطلب المحلي التي قد تنتج عن فقدان فائضها التجاري مع أمريكا «نحو 240 مليار دولار». على سبيل المثال: يمكن للمجلس الأوروبي أن يعلن خطة استثمار إنتاجي إجمالي بقيمة 600 مليار يورو سنوياً، يمولها بنك الاستثمار الأوروبي عبر إصدار سندات جديدة. وإذا لمّح البنك المركزي الأوروبي إلى أنه سيدعم سندات بنك الاستثمار الأوروبي عند الحاجة، فسيكون ذلك كافياً للحفاظ على تكلفة تمويل منخفضة جداً. وبهذا لن تبقى أوروبا معتمدة على أمريكا للحفاظ على مستوى الطلب الكلي.
علاوة على ذلك، كان على الاتحاد الأوروبي أن يلغي جميع الرسوم والعقوبات المفروضة على الصين بتأثير أمريكي، والتي تستهدف الطاقة الخضراء والتقنيات الرقمية الأساسية، ويسعى إلى اتفاق مع بكين يشمل تنسيقاً للتوسع المالي وضمانات أمنية متبادلة. وكان ينبغي له أن يفرض ضريبة خدمات سحابية بنسبة 5% على كل المعاملات الرقمية للشركات التي تتجاوز إيراداتها 500 مليون يورو سنوياً، بغض النظر عن مكان تسجيلها. والأهم، أن يلغي تلك القوانين القاسية المناهضة للمنافسة التي فرضتها الولايات المتحدة تحت عنوان «مكافحة التحايل» على الملكية الفكرية- وهي القوانين التي تمنعك من استخدام أحبار طابعات أرخص، وتمنع المزارعين من إصلاح جرارات «جون دير» بأنفسهم، وتمنع ذوي الاحتياجات الخاصة من إجراء أي تعديل ولو بسيط على أنظمة التحكم في كراسيهم المتحركة الكهربائية.
وأخيراً، كان على الاتحاد الأوروبي أن يبدأ تدريجياً بالتخلص من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي في هيكل طاقته، وأن يبدأ تدريجياً بالتخلص من الأسلحة الأمريكية في جيوش دوله الأعضاء.
الحقيقة، أن بروكسل لم تناقش أبداً مثل هذه الاستراتيجيات، وهذا يكفي ليكشف جوهر أوروبا. كشف دونالد ترامب، بعنفه الفج ككرة الهدم، أن الاتحاد الأوروبي عاجز حتى عن تخيل نفسه قوة ذات سيادة- فقد عقد العزم على أن يظل تابعاً داخل المنظومة الإمبريالية الأطلسية. وعلى عكس الصين في عام 1842 وما بعدها، فإن أوروبا قبلت طوعاً بعار دائم.
تأثير الرسوم عامة على الأمريكيين
أي شخص اعتقد أن سياسة الرسوم الجمركية التي يتبعها دونالد ترامب ستبقى مستقرة بعد مهلة 1 آب كان مخطئاً. في الأسبوع الماضي، رفع الرئيس الأمريكي من طرف واحد الرسوم الجمركية أكثر على الواردات الهندية، وأعلن عن رسم جمركي جديد بنسبة 100 % على الرقائق الحاسوبية التي جرت معالجتها خارج أمريكا.
لكن قبل النظر إلى الرسوم الجمركية الجديدة على الواردات، توجد قاعدة أساسية تساعد أي تحليل للرسوم الأمريكية. الواردات من السلع تساوي تقريباً 10 % من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، لذلك فإن ارتفاع معدل الرسوم الجمركية الفعّالة بمقدار 10 نقاط مئوية سيرفع أسعار أمريكا بنسبة 1 % إذا جرى تمرير الرسوم كاملة إلى المستهلكين. هذا تأثير متواضع نسبياً، لأن أمريكا اقتصاد مغلق إلى حد ما.
هناك ثلاث طرق مختلفة لقياس حجم الرسوم. أولاً: يمكن أن تستخدم نموذجاً ثابتاً، يطبّق الرسوم الجديدة على نمط الواردات في 2024. هذه هي الطريقة الصحيحة للتفكير في تكاليف المستهلكين الأمريكيين. على هذا الأساس، بلغ معدل الرسوم الجمركية الإجمالي الآن 18.6 %، وفقاً لمختبر الميزانية في ييل. هذا ارتفاع بمقدار 16.2 نقطة مئوية منذ كانون الثاني. مثل هذا التحرك الكبير في معدلات الرسوم الجمركية الرئيسية سيقلل من واردات أمريكا ويحوّلها إلى دول ذات معدلات أقل.
هناك طريقة حساب أخرى: يمكنك أن تقارن بين الضرائب المدفوعة على الواردات. هذا سيعطيك المقياس الصحيح للنتيجة النهائية للرسوم الجمركية. وبهذا الحساب، كان معدل الرسوم الفعّالة أقل، عند 9.1 % في تموز- لكنه يرتفع».
لماذا كان أقل بكثير؟ أولاً: هناك فجوة زمنية، لأن الرسوم الجمركية لا تُطبق على السلع التي غادرت بالفعل ميناء المنشأ «ويمكن أن يستغرق عبور سفن الشحن للمحيط الهادئ حتى شهر». علاوة على ذلك، كان هناك اندفاع كبير للاستيراد قبل فرض الرسوم في وقت سابق من هذا العام، مع تدفق ضخم للواردات مما زاد المخزونات وخفّض تدفقات التجارة اللاحقة. يمكن للمستوردين أيضاً تأجيل مدفوعات الرسوم الجمركية لمدة تقارب ستة أسابيع.
إنّ قاعدتِي الأساسية: إذا كان معدل الرسوم الجمركية المطبّق حتى الآن على السلع المستوردة بموجب القواعد الجديدة هو 9.1 %، مقارنة بـ 2.5 % قبل ترامب، فسوف نتوقع أن ترتفع الأسعار بحوالي 0.7 % إذا جرى تمرير الرسوم كاملة.
هل يدفع الأجانب «الأوروبيون وغيرهم»؟ ليس فعلياً. قد ينجو المستهلكون الأمريكيون من تكاليف الرسوم إذا خفّض المنتجون الأجانب أسعار السلع المصدّرة إلى أمريكا. ترامب لطالما قال: إن الأجانب سيدفعون، وكلماته تتضمن ضمناً تأييداً من أي شخص يكتب جملة، مثل: «الرئيس الأمريكي فرض رسوماً جمركية بنسبة 50 % على الهند».
أفضل دليل رأيته على أن الأجانب قد يكونون يدفعون يأتي من صانعي السيارات اليابانيين. انخفضت صادرات السيارات اليابانية إلى أمريكا الشمالية بحوالي 20 % بالقيمة الدولارية بين نيسان وحزيران. الأوروبيون لم يحصلوا على نفس التخفيض في الأسعار.
لكن هناك قطعتين مهمتين من السياق مطلوبتان. أولاً: الهوامش على السيارات المصدّرة إلى أمريكا الشمالية كانت أعلى بكثير، مما يعني أنه كان هناك مجال لخفض الأسعار. الأكثر أهمية، هو أن عدم تسجيل أي انخفاض في الصادرات الصناعية. أسعار السيارات اليابانية للمستهلكين الأمريكيين ربما انخفضت، لكن أحجام المبيعات كانت صغيرة جداً بحيث لم تظهر في الأرقام.
في تموز، قدّر بنك الاستثمار، أن المصدّرين الأجانب امتصوا % من رسوم ترامب الجمركية. وقد خفّض الآن هذا التقدير إلى %، لكنه قال: إنه إذا استمرت الآثار المبكرة، فسيرتفع هذا الرقم إلى 25 %. هذا عمل مثير للاهتمام ومهم، لكن وجهة نظري أنه من المحتمل أنه لا يزال من المبكر جداً القيام بمثل هذا النوع من التحليل.
إذا لم تستطع القيام بتقديرات متقدمة، يمكنك النظر إلى بيانات الجمارك الأمريكية الإجمالية لأسعار الواردات قبل تطبيق الرسوم. هذه البيانات تُظهر بوضوح أن أمريكا هي من يدفع. بشكل عام، أسعار واردات السلع الصناعية كانت ترتفع منذ تنصيب ترامب. أسعار الواردات من الصين فقط كانت تنخفض، كما كانت تفعل قبل تطبيق الرسوم. في الوقت الحالي، ربما من الأفضل أن نفترض أن الغالبية العظمى، ولكن ليس 100 %، من التكاليف تتحملها أمريكا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1239