قوّة عظمى وجيشك دون سراويل؟ هؤلاء هم الأمريكيون
إيغور فيرمييف إيغور فيرمييف

قوّة عظمى وجيشك دون سراويل؟ هؤلاء هم الأمريكيون

خلال الأشهر القليلة المقبلة، قد يكون من الصعب على طواقم بحّارة قوى البحرية الأمريكية الحصول على سراويل العمل من النوع الثالث بسبب النقص الكبير في مخزونها حول العالم، وذلك وفقاً لبوابة المعلومات العسكرية الأمريكية «Military Times». وقالت كورتني ويليامز، المتحدثة باسم «NEXCOM»، وهي سلسلة المتاجر المملوكة للبحرية الأمريكية والمسؤولة عن تأمين اللباس العسكري، إنّ NEXCOM تعاني من «نقص حاد» في مخازن متاجرها ومخازن الطلب عبر الإنترنت.

ترجمة: قاسيون

أشارت ويليامز في بريد إلكتروني للصحيفة: «قد يختلف الحجم والموقع، ولكن إجمالي مستويات مخزون السراويل من النوع الثالث تبلغ حالياً نحو 13% في جميع أنحاء العالم. نحاول أن نبقي تركيزنا على برامج التجنيد الجديدة للبحرية مثل قيادة تدريب المجندين، والمدرسة الإعدادية للأكاديمية البحرية، ومدرسة الضباط المرشحين، ومدرسة تطوير الضباط».
وقال متحدث باسم «وكالة اللوجستيات الدفاعية» في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة Navy Times: «منذ ذلك الوقت، وقّعت الوكالة بالفعل عدّة عقود لإنتاج السراويل، مع بدء التسليم في أكتوبر/تشرين الأول 2024. تمّ إبلاغ المورّدين بالأحجام والكمّيات ذات الأولوية. وقد طلبت الوكالة التسليم السريع حيثما أمكن ذلك». قالت الملازم ميغان موريسون، المتحدثة باسم رئيس أركان البحرية، إنّ القيادة تشجّع البحارة على «الحفاظ على سراويلهم جافّةً»، وبعبارة أخرى: «لتقليل التآكل في زي NWU الصالح للخدمة». وبدلاً من ذلك طلبت من البحّارة ارتداء خيارات زي العمل الأخرى.
لا يقتصر النقص في الزي الرسمي على البحرية. على سبيل المثال، بدأت قوات مشاة البحرية تعاني من نقص في الزيّ القتالي من طراز الغابات، والمعروف باسم «المموَّه»، في وقت مبكر من عام 2022. ونتيجة لذلك، أصدرت القيادة المسؤولة مجموعتين فقط من الزيّ الرسمي المموَّه للمجنَّدين، بدلاً من الثلاث القياسية. لكنّ الافتقار إلى الزي العسكري هو مجرَّد مشكلة عابرة مقارنة بالمشاكل الحقيقية.
لا تواجه البحرية الأمريكية مشاكل مع سراويلها فحسب، بل مع سفنها ونقص أطقمها أيضاً. قرّر البنتاغون سحب 17 سفينة دعم موجود مع قيادة النقل البحري العسكري MLS على الفور من الخدمة. والسبب هو النقص الحاد في عدد البحّارة في البحرية الأمريكية. وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومية الأمريكي، فإنّ نقص الطاقم هو السبب الرئيسي وراء «نوم البحارة بمعدل 5.25 ساعة يومياً بدلاً من 7.5 ساعة المطلوبة» وأنّ الأسطول السطحي «سيواجه مخاطر تشغيلية وسيعاني البحارة من مشاكل صحية. وستستمرّ المخاطر الناجمة عن النقص المستمر في الطاقم لمدة خمسة عشر عاماً أخرى على الأقل».
لوحظت أزمة أفراد غير مسبوقة في القوات المسلَّحة الأمريكية ككل. ووفقاً للميزانية العسكرية الأمريكية لعام 2024، فإنّ حجم الجيش الأمريكي، الذي انخفض بنحو 64 ألف فرد خلال السنوات الثلاث الماضية، سيكون الأدنى منذ عام 1940. وكما ذكرت صحيفة ديلي ميل: «هذا هو أدنى رقم منذ دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية في عام 1941، وقال المسؤولون إنه يجب أن يكون هناك تجنيد إجباري وطني». وفقاً لاستطلاع حديث، لن يرغب معظم الأمريكيين في الالتحاق بالجيش على الإطلاق إذا دخلت الولايات المتحدة حرباً واسعة النطاق. الثقة في القوات المسلحة بشكل عام آخذة في الانخفاض بشكل ملحوظ.
هذه البيانات ليست مفاجأة، فقد جاءت على خلفية حقيقة أنه في السنوات الأخيرة واجهت جميع فروع القوات المسلحة الأمريكية صعوبة في تحقيق أهداف التجنيد الخاصة بها. في عام 2023، كان لدى الجيش والقوات الجوية عجزٌ قدرُه نحو 10000 مجنَّد، وكانت البحرية تعاني من عجز قدره 6000 مجنَّد. منذ عام 1987، انخفض عدد الأفراد العسكريين في الخدمة الفعلية بنسبة 39%.
يقول الخبراء إنّ هذا النقص مثير للقلق في عالم متقلِّب بشكل متزايد حيث لا يعرف القادة الأمريكيون متى سيتعين عليهم في المرة القادمة إطلاق العنان لقوتهم العسكرية الكاملة. وجد استطلاع Echelon Insights أنّ 72% لن يتطوّعوا للخدمة في الجيش إذا دخلت أمريكا في صراع كبير، مقارنة بـ 21% قد يتطوعون للخدمة في الجيش. أما الباقون فقد وجدوا صعوبة في الإجابة. تم إجراء الاستطلاع بعد أن نفَّذت حماس هجومها غير المسبوق على «إسرائيل» في 7 أكتوبر. لكن ربّما الأمر الأكثر أهميّة هو أنّ الصراع في أوكرانيا أظهر أوجه القصور الخطيرة في الأسلحة الأمريكية التي تتبجّح بها واشنطن.
كتبت المجلة الأمريكية «فن الحكم المسؤول» أنّ هذا الصراع «كشف بوحشية عن العيوب العميقة الجذور في نظامنا بالكامل. لاحظ النقّاد منذ فترة طويلة أنّ هوسنا بالأسلحة المتطوّرة تكنولوجياً يؤدي حتماً إلى إنتاج أنظمة غير موثوقة وإمداداتها محدودة أيضاً بسبب التكاليف المرتفعة المتوقَّعة. علاوة على ذلك، من المحتمل أن تفشل في القتال بسبب حقيقة أن الجيش ببساطة غير مهتم بإجراء الاختبار المناسب: ظروف قريبة من الواقع يمكن أن تكشف عن عيوب خطيرة وبالتالي تعريض الأموال المخصَّصة للخطر».
ساقت الصحيفة مثالاً: «تمّ إنتاج طائرات Switchblade دون طيار بقيمة 60 ألف دولار بكميات محدودة بسبب التكلفة وأثبتت عدم فعاليتها ضد الأهداف المدرَّعة. نتيجة لذلك، رفضتها القوات المسلحة الأوكرانية بسرعة، مفضِّلةً النماذج التجارية الصينية التي تبلغ تكلفتها 700 دولار، والتي يتم طلبها عبر الإنترنت. ولم تكن دبابات أبرامز، التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار، معرَّضة بشدّة لهجوم الطائرات دون طيار فحسب، بل إنّها فشلت أيضاً بشكل متكرر وسرعان ما تم سحبها من الخطوط الأمامية. مع ذلك، تمكّن الروس من القضاء على العديد منها واستولوا على واحدة على الأقل - وأخذوها إلى موسكو لعرضها للجمهور. كما تم عرض مدفع هاوتزر M777 هناك، والذي بقدر ما تمّت الإشادة به لدقّته، فقد ثبت أنه هشٌّ للغاية بالنسبة لقسوة القتال الطويل: بسبب التآكل المستمر، تطلبت الذخيرة استبدالها في بولندا، بعيداً عن خط المواجهة. بالإضافة إلى ذلك، من المعروف أنه لا يوجد ما يكفي من الذخيرة من عيار 155 ملم».
حقيقة أنّ المشاكل مع الجيش أصبحت بالفعل مصدر قلق بالغ للقيادة السياسية الأمريكية تتجلّى في حقيقة أنّها أثيرت حتى خلال الحملة الانتخابية المحمومة الجارية حالياً في البلاد. وهكذا، وعدت المرشحة الرئاسية الأمريكية من الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، في خطابها الرئيسي في المؤتمر الوطني لأعضاء الحزب في شيكاغو، بصفتها القائد الأعلى للقوات المسلحة «للقوة الأقوى والأكثر فتكاً في العالم» [إذا فازت بانتخابات الرئاسة]: «بصفتي القائد الأعلى، سأضمن أن تمتلك أمريكا دائماً أقوى قوة قتالية وأكثرها فتكاً في العالم». ومع ذلك، فإن التكلفة الفعلية لوعود الزعماء الغربيين قبل الانتخابات معروفة جيداً.
بالإضافة إلى ذلك، يدرك الجميع جيّداً أن روسيا تتفوق على الولايات المتحدة في مجال الأسلحة النووية والأسلحة فرط الصوتية. وفي جوانب أخرى، بدأ الجيش الصيني بالفعل في التفوق على الولايات المتحدة بثقة.
أظهر الصراع في أوكرانيا أنّ الهيمنة الأمريكية قد انتهت، حسبما قال الممثل الدائم الفرنسي السابق لدى الأمم المتحدة جيرارد أرو مؤخراً في مقابلة مع الصحيفة البريطانية UnHerd. ووفقاً له، سيتعيّن على العالم الغربي أن يتصالح مع النظام العالمي الجديد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1190
آخر تعديل على الأربعاء, 11 أيلول/سبتمبر 2024 22:58