هل يمكن إزاحة بوتين من الحكم؟! 2\2

نشرت جريدة «روسيا السوفيتية» بتاريخ 14/7/2001 وجريدة «الحياة الروسية» رقم (7) بتاريخ 18/7/2001، نقلاً عن الجريدة الإيطالية «La Repubblica» بتاريخ 12/7/2001، مقابلة مع الملياردير اليهودي بوريس بريزوفسكي والتي تعكس حدة التناقض داخل «العائلة الديمقراطية» الحاكمة حول قيادة روسيا و «الديمقراطية، وحقوق الإنسان...» ونظراً لأهمية المقابلة تتابع «قاسيون» نشر مادة تحليلية حولها..

ترجمة وإعداد: د. رائد الفلاحي

 

انتشار الرشاوى.. إحدى النتائج الكارثية لوصفة ما يسمى بصندوق النقد والبنك الدوليين
3 ـ بريزوفسكي يقول: «فالوديا يسقط بعد سنة»؟

أجرت الجريدة الإيطالية «La Repubblica» بتاريخ 14/7/2001 مقابلة مع الملياردير اليهودي بوريس بريزوفسكي. قال فيه «فالوديا (فلاديمير بوتين) سيسقط بعد سنة» وأعلن أكثر من مرة وعبر المحطات التلفزيونية الروسية وبالنقل المباشر من أمريكا وفرنسا، أن بوتين لن يكمل فترة رئاسته الأولى حتى النهاية.
يقول بريزوفسكي: لقد تعرفت على فلاديمير بوتين في بداية الثمانينات، وكانت العلاقة آنذاك جيدة، عندما لم يكن فالوديا سياسياً معروفاً. (فلاديمير بوتين عقيد بالمخابرات السوفيتية، عمل كضابط مخابرات في السفارة السوفيتية في ألمانيا الديمقراطية سابقاً(، وبعد استقالته من جهاز المخابرات السوفيتية عمل نائب محافظ لينينغراد ورئيس العلاقات الاقتصادية مع البلدان الأجنبية.

ويضيف بوريس بريزوفسكي: عند زيارتي لمدينة لينينغراد طلبت من فالوديا تقديم مساعدة لشركتنا، شركة السيارات «لوكوفاز» وكانت لدي فكرة فتح مركز تكنيكي للشركة في المدينة، وكان بوتين يستطيع تقديم مساعدات كثيرة لنا من خلال موقعه الإداري في المحافظة، وكان بوتين معجباً و مندهشاً لطلبنا، وقلت لبوتين سأكون شاكراً لكم في حال تقديم هذه المساعدة. (يعني ذلك في المفهوم العام وبشكل غير مباشر تقديم رشوة...) لأن لدي إمكانية مالية جيدة من أجل تقديم الشكر إليكم، ولكن فلاديمير بوتين لم يفصح أو يعط أي إشارة لا من بعيد ولا من قريب ـ كما يقال ـ حول رغبته في الحصول على الرشوة أو...، مما أثار إعجابي واهتمامي الكبيرين.
وأضاف بوريس بريزوفسكي، عندما فشل سوبجاك في انتخابه كمحافظ لمدينة لينينغراد وفوز ياكوفيليف، المحافظ الجديد عرض على فلاديمير بوتين العمل معه في المحافظة إلا أن بوتين رفض العرض، وبقي بضعة أشهر عاطلاً عن العمل!!
لقد التقيت ببوتين في موسكو، عندما كان يفغيني بريماكوف رئيس الوزراء وبنفس الفترة تم تعيين بوتين رئيساً لجهاز المخابرات الروسية. لقد كنت ضد تعيين بريماكوف رئيساً للوزراء، وفي النهاية عملت وأفلحت بالنجاح في إقالته من رئاسة الحكومة الروسية.

بوتين «الجنتل»..
يبين بريزوفسكي حالة تكاد أن تكون غريبة من حيث العرف والتقاليد في المجتمع الروسي، إذ يقول: كان لدى زوجتي عيد ميلاد ولم تكن لدي رغبة في أن أقيم حفلاً بالمناسبة..، وفجأة سمعت صوتاً يطرق باب البيت وإذا ببوتين يحضر إلينا بالمناسبة وحده ودون حماية وهو رئيس المخابرات الروسية، حاملاً معه باقةً من الورود وقدحاً من الخمر، علماً أنه لم يكن صديقاً مقرباً لي ولم أوجه الدعوة إليه أصلاً، وسألته لماذا أقدمت على هذه المخاطرة ؟ علماً أن بريماكوف في وقتها كان رئيس الحكومة وبيده صلاحيات واسعة أجاب بوتين: «عملت هذا خصيصاً، لكي يعرف (المقصود بريماكوف) فأنا معك»؟.

تأثير.. «عبر» ابنة الرئيس!!
يؤكد بريزوفسكي، إن الرئيس السابق بوريس يلتسين هو الذي اختار فلاديمير بوتين خليفة له من بعده (معروف أن الطغمة المالية الروسية وخاصة بريزوفسكي وغوسينسكي، كان لهم تأثير مباشر على كثير من القرارات وخاصة الهامة منها ويتم تحقيق ذلك من خلال «عبر» ابنة الرئيس تاتيانا) وكما يؤكد بريزوفسكي فإن ديوان الرئاسة قد قدم مرشحاً آخر للرئاسة.
يشير بريزوفسكي، لقد ارتكبت خطأ فادحاً لمساندتي وتأييدي لبوتين كمرشح لرئاسة روسيا، وإن الخيارين بريماكوف وبوتين كمرشحين للرئاسة كان بين سيئ ومرعب، واليوم فإن تقييمي لهؤلاء (بريماكوف، بوتين) لن يتغير. فأنا على ثقة بأنه لو ظل بريماكوف في الكريملين فسيعمل نفس ما يعمل به بوتين اليوم . إن بوتين يستخدم العصا ضد خصومه، أما بريماكوف فكان يمكن أن يستعمل المشرط الذي يستخدمه الأطباء والجراحون، وهذا أسلوب أسوأ من أسلوب العصا الذي يستخدمه بوتين، بالرغم من أنه أسلوب موجع أيضاً، فالجميع اليوم يشهدون على ذلك.
في خريف عام 1999، يؤكد بريزوفسكي إن ما حدث في الشيشان وداغستان شيء خطير ومباشرة تحدثت مع ستيباشين رئيس الوزراء الروسي حول الموضوع فكان جوابه: «لا تقلق بوريس... كل شيء معروف لدينا...» ومن خلال هذه الإجابة تكَّون لدي انطباع هو أن ستيباشين وفريقه، إما هم لا يدركون الخطر الجدي القائم! أو يرغبون في أن تستمر هذه الحرب. (معروف أن بريزوفسكي وثيق الصلة بالقادة الانفصاليين الشيشان وحتى أن بعض الصحف الروسية الرسمية ذكرت أنه يقدم مساعدات مالية لهم، ولعب بريزوفسكي والجنرال ليبيد دوراً هاماً في عقد الاتفاقية بين الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين ومسخادوف رئيس الشيشان السابق، وجوهر هذه الاتفاقية هو أنه بعد خمس سنوات يحق لجمهورية الشيشان الانفصال عن روسيا عبر «الاستفتاء» وتعد هذه الاتفاقية الخطوة الأولى الرئيسة لتفكيك روسيا إلى دويلات، إلا أن هذه الاتفاقية ألغتها فيما بعد الحكومة الروسية.(

الجنرال الكسندر ليبيد عضو المحفل الماسوني
»الجنرال الكسندر ليبيد، من مواليد 1950، مستشار في مجلس العلاقات الدولية التابع للحكومة العالمية الخفية، وعضو المحفل الماسوني (شرق فرنسا العظيم) فاز بانتخابات المحافظة من خلال دعم بريزوفسكي له، عضو المجلس الفيدرالي حالياً»

بوتين ومسؤولية كارثة الشيشان
يؤكد بريزوفسكي، إن فلاديمير بوتين يتحمل كامل المسؤولية عن الكارثة التي حلت بالشيشان منذ عام 1999ولغاية اليوم، فالحرب قد بدأت كرد فعل على التفجيرات التي حدثت في أكثر من مدينة روسية بما فيها موسكو العاصمة. إن تفجير العمارات السكنية ومحطات المترو ذهب ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء، وفي وقتها كان بوتين رئيساً لجهاز المخابرات الروسية، ويقول بريزوفسكي، لا يمكنني أن أحمل جهاز المخابرات الروسية مسؤولية الانفجارات، وبنفس الوقت لا يمكنني أن استثني جهاز المخابرات الروسية من هذه المسؤولية وأن يقوم بذلك لأسباب، الانتخابات انتهت والتفجيرات توقفت؟! ولحد الآن لم يتم العثور على المنفذ الحقيقي لهذه التفجيرات!! كما ويتحمل جهاز المخابرات الروسية مسؤولية كبرى فيما يخص البحث والتحري من أجل معرفة الأفراد أو الجهاز الذي كان يقف وراء هذه التفجيرات.

بوتين.. والفساد المالي

توجه الصحيفة سؤالاً إلى بريزوفسكي عن الفساد المالي وهل بوتين متورط بذلك؟
يجيب بريزوفسكي على السؤال ويقول: الكروبسيا «الفساد المالي» هي البيروقراطية، فالبيروقراطي الذي يعمل في الجهاز الإداري الحكومي وحسب موقعه ومسؤوليته يستطيع أن يجد حلاً أو يعرقل أي طلباً سواء وفق القانون أو إيجاد مخرج له، أي الالتفاف والتحايل على القانون ومقابل ذلك يحصل البيروقراطي على المال «الرشوة» سواء كانت من أفراد أو شركات محلية ، أو أجنبية. (منذ عام 1992 وحتى اليوم فإن ظاهرة الرشوة في المجتمع الروسي أصبحت آفة سرطانية تهدد كيان الدولة والمجتمع، وهذه الظاهرة الخطيرة معروفة للجميع. إن أي معاملة مهما كان نوعها لا يمكن أن تتم أو تنجز بدون دفع رشوة مالية، وأصبح أفراد المجتمع كل واحد يدفع رشوة للآخر بحكم العلاقة والارتباط. وإن مقدار الرشوة المالية يتحدد بالدرجة الأولى على أساس حجم ونوع النشاط سواء كان في الميدان الإنتاجي أو الخدمي، وإن غالبية مؤسسات الدولة سواء كانت إنتاجية أو خدمية، القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي فالجميع يدفعون الإتاوة، كما إن غالبية هذه المؤسسات، إن لم نقل جميعها، واقعة تحت حماية المافيا الروسية، وكل مؤسسة لديها «كريشا» خاصة بها أي ريكيت الذي يحدد مقدار «الضريبة» وفقاً لمعياره الخاص وإن قيادة السلطة التنفيذية والتشريعية.. كلها على علم بذلك ولكن كما يقال «الله غالب»!! ومما يؤسف له أن هذه الظاهرة الخطيرة أصبحت «سلوك طبيعي»! هذه هي إحدى النتائج الكارثية لوصفة ما يسمى بصندوق النقد والبنك الدوليين(.