يجب عدم السماح بتحول المحاربين إلى تجار

في الأسبوع الماضي تم توقيف، ومن ثم اعتقال الموظفين المسؤولين في الإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات. يقدم فيكتور تشيركيسوف، رئيس الإدارة الفيدرالية الروسية لمكافحة تداول المخدرات، تقييماً لهذا الحدث، الذي لاقى صدىً اجتماعياً، وآثاراً سلبية ليس فقط لدى هذه الإدارة، بل وفي جميع الإدارات والمصالح الأمنية الروسية المتخصصة.

لا يمكن أن تجعلني الأحداث، والقضايا المثارة حالياً حول مجموعة من موظفي الهيئة الفيدرالية لمكافحة المخدرات لا مبالياً. أما ما يقلقني بدرجة أكبر من ذلك بكثير فهو أمر آخر. ردات الفعل كانت كثيرة جداً. ومقلقة. وتؤكد مخاوفي الأكثر سوءاً. لا تقلقني ردات الفعل، ولا حدة المناقشة. على العكس نحن نشكر من الصميم جميع الذين تفاعلوا بحماس مع ما حصل. تقلقنا مسألة جديدة ومرضية. إنّها مسألة النزاع الداخلي بين الإدارات والمصالح الأمنية المتخصصة.

فيما يخص الأحداث المتعلقة بالإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات، فإنّ المياه ستعود إلى مجاريها. وأنا شخصياً على قناعة بأن القانون سينتصر، وسيعاقب المدانون. لكن مسألة التصادم والنزاع بين الإدارات والمصالح الأمنية المتخصصة، فلن تطوى من جدول الأعمال. بالتالي من الضروري التفاعل معها ومعالجتها بسرعة. إنّها مسألة ساخنة. وبالتالي فإنّ إبقاءها خارج زاوية الاهتمام سيحولها إلى فيروس يدمر الوعي الاجتماعي. لهذا السبب أبدأ من المسألة الرئيسية. أما القضايا التفصيلية فسيتم بحثها بشكل مناسب، كتفاصيل.

«نحن: أبناء روسيا القديمة» ـ كما قال الشاعر. أي جيل هو ابن مرحلته التاريخية. منذ وهلة قريبة كفت مرحلتنا عن كونها مبهمة، ومتكدرة، ومضطربة. وأصبح ضرورياً الآن إزالة الكدر عنها. وهذه مهمة معقدة للغاية.

إذا وقع أي ضابط من ضباط مكافحة المخدرات تحت سطوة وإغواء الوسط الإجرامي ـ فمن الضروري معاقبته،  بشكل أقسى وأكثر صرامة من أي موظف عادي. تدير وتتحكم مافيا المخدرات بترليونات الدولارات، وتنظم آلاف جرائم القتل. تضم الإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات في صفوفها أولئك المستعدين للنضال إلى النهاية وبصدق ضد «الإمبريالية العالمية المظلمة». يستثنى من صفوفنا الفاسدون والقذرون غير المستقيمين. لم تغشني مزاعم شرف البزة الرسمية المخادعة. ولا أنوي أن أقوم بذلك الآن، حينما أصبح النضال ضد الفساد أولوية إنسانية مقدسة لكل مهتم بمصير الوطن ـ روسيا.

 حرب داخل هيئات الأمن

كل من يستطيع مساعدة هيئات مكافحة المخدرات في اكتشاف والقضاء على تداول المخدرات، يجد في شخصي نصيراً فعالاً يعتمد عليه. إلاّ أنّ كل من يحاول تحويل مهمة النضال المقدسة ضد الفساد في مماحكة ضبابية متعددة المعاني، سيلاقي صداً حاسماً وقطعياً. هذا ليس نتيجة أن واجب كل قائد ـ معاقبة وتأديب المذنبين وحماية من يوشى به زوراً وبهتاناً. بل ولأنّه من المستحيل النضال ضد الجريمة العالمية، والوطنية في ظل تلك الظروف التي لا يشعر فيها المناضلون أنّهم محميون. من كل شيء‍! بما في ذلك من تلك الحالات العملية التي تستخدم فيها عائدات المخدرات «القذرة» ضدهم في نظام الطلب. لقد وجد العديد من تلك الحالات.

يعلم الخونة، المنغمسون في الفساد أننا بعيدون عن المبدأ الشهير «ابن عاهرة، لكنه ابننا»، ولا نتقيد به أو نعمل بموجبه. وعلى الناس الشرفاء، رفاقنا في السلاح، الذين يقعون في ضائقة ومصيبة، أن يبقوا على ثقة بأننا سندافع عنهم حتى النهاية. الروح المعنوية هي أهم شيء يحتاجه الجيش الداخل في المعركة، إنّها أهم من أي شيء آخر. إن لم تؤمن تلك الحماية ـ سيقضى على تلك الروح. وبالتالي ستخسر الحرب. أليس هذا ضرورياً لأحد ما؟

نحن مستعدون للنضال ضد الفساد. إننا نخوض حرباً ضد المخدرات. ونحن ضد «الحرب» الأخرى. تلك الحرب التي قيل عنها الكثير بصخب عال في جميع أنحاء البلاد، نتيجة التطرف والمغالاة والتجاوز فيما يطرح حول الإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات. تلك المغالاة وذلك التجاوز اللذان لا يبدوان غريبين.

هذه الحرب، التي قيل الكثير عنها والمثيرة للقلق والغرابة ـ إنّها حرب داخل هيئات الأمن المتخصصة أو ما يسمى مجتمع التشيكيستيين (من كلمة تشيكا ـ وهي أول هيئة مخابرات في العهد السوفييتي التي تحولت إلى الـ ك.ج.ب. «المترجم»).

لست طامحاً في الحصول على إكليل غار نتيجة اكتشافي لهذه المسألة المؤلمة والتي تدعو إلى الحسرة، لكن أريد التذكير بأنني أول من بدأ في مناقشتها منذ ثلاث سنوات خلت. عنوان المقال «موضة تناول الـ ك. ج.ب؟» نشر في صحيفة كومسمولسكايا برافدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) عام 2004). انطلقت من أنّ أية مسألة مرضية يجب أن تناقش. وأنه لا يوجد أسوأ من الصمت في مثل تلك الحالات. وأن القيح سيتراكم. ومن الأفضل فقء الدمل من الانتظار، وتركه يتعفن، ويلتهب.

 «التشيكيستيون»:

جهاز الأمن الوطني.. الحقيقي

في ذلك الحين تمت مناقشة النزاع بين «الليبراليين»، و«التشيكيستيين». اتهم «التشيكيستيون». بالمحافظين الرجعيين، الذين يسعون لإعادة الستالينية و«السلطة» الشمولية. ابتعد النقاش عن الحقيقة، والواقع العملي، حاولت تفسير ماهية «التشيكيستية». وتلخص جوهر أفكاري فيما يلي:

عانت البلاد في بداية تسعينيات القرن العشرين من كارثة فظيعة. من المعلوم أن النظام بعد الكارثة سيبدأ عاجلاً أو آجلاً بالتجمع مجدداً حول تلك الأقسام التي استطاعت المحافظة على الميزات التنظيمية، وبهذا الشكل يمكن فهم حقيقة «التشيكستية». تبين أن مجموعة الناس غير المتجانسة، والهشة، والمتناقضة داخلياً، التي حملت في العهد السوفييتي وظيفة الدفاع عن الأمن الوطني، هي أكثر المجموعات الاجتماعية ترابطاً وتراصاً بالمعنى الاجتماعي للكلمة. وبدقة أكبر أقلها هشاشة. وتطلب الأمر مزيداً من التأثيرات الكارثية لتصبح أكثر تراصاً. سقط العديدون بسرعة، وخرجوا من المجتمع الاحترافي (الاحتكار الأمني). بعضهم خان القضية. لكن قسماً ما منهم صمد.

لن أناقش مجدداً ماهية هذا القسم لأنّه صمد، وحافظ على نفسه. أقل ما أريده أدلجة ما حصل. لقد حصل ما حصل. لا شيء مشترك بين الرومانسية، وإعادة الحياة لمن تلقى ضربة قاضية.

تمسك المجتمع السوفييتي الذي كان يهوي إلى  الحضيض بهذا الخطاف (حبل النجاة) المدعو «أجهزة الأمن - تشيكيستي» وتعلق به. ولقد تمنى البعض لو سقط في القاع وتهشم متكسراً. ولقد انزعج من أراد ذلك كثيراً لعدم حصول ما أرادوا، متحدثين عن الميزات الفاحشة الفظيعة لهذا الخطاف «التشيكستي» الذي تعلق المجتمع به.

من البدهي أنني لا أعتقد أن انتقاد «ذنوب التشيكستيين» لم تكن ذات أساس على الإطلاق. أولاّ: لا يوجد منزهون. وثانياً تفرخ القوانين الواقعية لمهنتنا الكثير من الرواسب. يمكن لطلاب المدارس المتوسطة وحدهم أن يتغنوا بنظافة هذه الحرفة. وثالثاً: الكارثة هي الكارثة.

ولقد استطعنا، على كل حال، أن نحمي البلاد من الانهيار التام. وهنا يكمن مغزى مرحلة بوتين، وهنا يكمن فضل الرئيس الروسي، وهذا يلقي على مجتمعنا الحرفي (احتكارنا الأمني) مسؤولية ضخمة، لا علاقة لها بالغرور والغطرسة والعنجهية.

سيناريوهات الفوضى.. والهجوم المضاد لـ«التشيكستي»

لسنا نحن من صاغ ونظم الشرذمة والفئوية الاجتماعية التي ساهمت في انهيار البلاد. لقد تشكلت في أعماق الفوضى، ونما وظهر في أعماق الفوضى حد أدنى ما من النظام.

ظهر ـ وماذا بعد؟

أعتقد بوجود ثلاثة سيناريوهات:

الأول والأكثر ملاءمة: مع التخلص من الفئوية الاجتماعية، والتسلق إلى الأعلى، تحولت الفئوية إلى مجتمع مدني طبيعي. كلما تشكل المجتمع المدني السليم والمعافى بسرعة أكبر في روسيا،  كان ذلك أفضل للجميع. بما في ذلك زملاء المهنة. من المستحيل التمسك ـ بغباء، وضيق أفق ـ بالمصالح والمكاسب الفئوية الاحتكارية. إنّه لمن المثير للضحك والشفقة أن نقف بعد كل ما حصل ونقول عن أنفسنا: «نحن ملح الأرض»، و«النخبة النخبة». أنا شخصياً لم أخدع مواطني أبداً بـ «أفضلية النخبة». وأنا واثق بصلابة أنني لست وحيداً.

يكمن السيناريو الثاني، وهو ليس الأفضل، لكن «المتطابق مع الحياة»، في إتمام بناء الاحتكار الأمني، والمحافظة بمساعدته على الاستقرار طويل الأمد، والخروج التدريجي من الخواء والخمول والركود الاجتماعي الثقافي.

أفهم بشكل خاص أنّ هذا السيناريو يتضمن كثيراً من المغامرة. بما في ذلك خطر تحويل البلاد العظيمة إلى مستنقع شبيه بأسوأ ديكتاتوريات أمريكا اللاتينية المنغلقة اجتماعياً وذات البنية الإقطاعية الجديدة. لكن لا يمكن التكهن مسبقاً بذلك. وفضلاً عن الاتحادات الاحتكارية السلبية يمكن أن توجد إيجابية أيضاً.

يكمن السيناريو الثالث الذي لا ينسجم مع الحياة في إعادة ارتكاب الأخطاء الكارثية التي قادت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي. البدء بالنقد العشوائي واللاموضوعي  للخطاف (حبل النجاة) «التشيكستي» وفي المحصلة تحطيمه، ودفع المجتمع نحو أزمة اجتماعية ـ سياسية جديدة.

أعتقد أن هذا السيناريو يبدو للكثيرين جيداً.

أعداؤنا هم من يريدون أن نزول كدولة من الخارطة. ونخرج كشعب من التاريخ.

كما أن بعض المنافسين يأملون بأنّه ونتيجة لتدمير النظام الروسي مرة أخرى، يستطيعون التحكم به، ويحصلون على الإمكانيات الاقتصادية وغيرها الموجودة فيها. إنّهم أناس طبيعيون، يعتقدون أنّ من حقهم انتقاد النظام الحالي كما انتقدوا القديم. هؤلاء الناس يشيرون بصدق وغيرة إلى نواقص محددة في النظام. ومع الأسف ينسون مرة أخرى أن الكثير من النواقص تكونت ونمت نتيجة أسلوب انتقادهم للنظام القديم.

حرب القيم والمعايير

مع إيراد السيناريوهات الثلاثة أركز على السيناريو الثاني. ليس لأنّه الأفضل. بل لأنّ الأسوأ غير ملائم على الإطلاق. المجتمع المغلق دائماً أسوأ من المجتمع المفتوح. وثقوا بأنّ كل من يحاول أن يقدم آرائي هذه كدعاية للمجتمع المغلق يخطئ كثيراً، ويوجد بعض التدرج والتمايز داخل المجتمعات المغلقة. يمكن أن تكون معافاة نسبياً، وقادرة على امتلاك الطاقة والقدرة للانتقال إلى المجتمع المفتوح. ويمكن أن تكون مصدراً للتدمير الذاتي المتكرر. أو في الحد الأدنى، التغيير الاجتماعي السياسي المفاجئ.

كي يبقى أي احتكار (مجموعة) (بما في ذلك التشيكستي) معافى، يجب أن يكون حاملاً لمعايير وقيم محددة. ومن المفضل ألا تكون هذه المعايير داخلية فقط، بل واجتماعية عامة. ولكن يجب أن تكون بالدرجة الأولى معايير وقيما. عندما تختفي المعايير والقيم، يبدأ الانهيار، وينهار الاحتكار. وها هم الخبراء والصحفيون يتحدثون عن «حرب المجموعات» داخل مؤسسات الأمنية المتخصصة.

لا يمكن أن يوجد منتصرون في هذه الحرب. تنتهي مثل هذه الحرب «حرب الجميع ضد الجميع» بالسقوط التام للاحتكار (للبنية الأمنية). يبلى الخطاف (حبل النجاة)، وينهار كلية بسبب الصدأ الداخلي. ويبدأ الهيكل الاجتماعي العام بالتفكك. قد يقول قائل: «لقد أنقذنا البلاد من التشيكستيين!» وفي واقع الحال لا ينقذون البلاد، بل يقضون عليها.

أردت من نشري ذلك المقال لفت انتباه الرأي العام. وخاطبت طبعاً ذلك الاحتكار (المجموعات الأمنية) الذي كنت جزءاً منه لسنوات عديدة. خاطبت جماعتي في المهنة وزملائي ورفاقي. لاحقاً تطرق أحد ما إلى «سلالة الطائفة التشيكيستية». عملياً أنا لا أوافق على ذلك، مع ملاحظة، أن السلالة الطائفية ليست غير محددة. إنها تمتلك قواعدها وقيمها. يقضى على السلالة الطائفية من الداخل، عندما يبدأ المقاتلون بالتحول إلى تجار.

مهما أراد التشيكستيون أن يكونوا: قوة تقود البلاد إلى آفاق رحبة جديدة، أو نظام، يؤمن من خلال أحد احتمالات الانغلاق الاستقرار الاجتماعي، علينا أن نصون قيم وقواعد وسطنا. وعدم محاولة أن نكون تجاراً ومقاتلين في آن واحد. لا وجود لهذا الأمر. هنا: إما ـ إما. من غير الممكن أن تدعو إلى إنهاء هذه الحرب «حرب الجميع ضد الجميع»، وفي الوقت نفسه أن تكون عضواً فيها.

وإليكم ما حدث... سبّب التجاوز في اعتقال موظفي مكافحة المخدرات عاصفة من المقالات، وردود الأفعال، التي تتعرض لقضية واحدة فقط: هذه «الحرب»، وتطورها وعلاقتها بالعملية السياسية ككل. الشك كبير جداً في مجتمعنا الحالي. لكنني آمل في أن لا يتحول إلى هوس. وألا يفسر هذا الكم من التعليقات والمقالات المستقلة وكأنّها من نسج ومساعي ودسائس الإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات. وعلى من لا يثق بأخلاقنا، في الحد الأدنى أن يقيم موضوعياً إمكانياتنا.

كلا، المشكلة ليست فينا. إننا نرى أنفسنا واثقين متمالكي الأعصاب. سنتعامل مع جوهر الموضوع. سنعري الحب عن القشور. نعري أولئك الخونة الذين يسيؤون إلى سمعتنا، عن رفاقنا المخلصين، نعري الحقيقة عن النميمة، طالما بقيت لوحة الأحداث الأخيرة مشوشة ومتباينة.

أسئلة لابد منها؟

لماذا يتهم أحد المعتقلين من ملاك الإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات بارتكاب جريمة تخص وظيفته في المرحلة التي لم يكن يشغل تلك الوظيفة فيها، بل ولم توجد الإدارة التي تضم مثل تلك الوظيفة؟

ألا يظهر التناقض نتيجة وجود تأكيد في إحدى الوثائق الخاصة بهذه الجريمة حول نية المتهم الهرب من التحقيق إلى الخارج، والتسجيل المفصل لمكالماته التلفونية مع زوجته، في اللحظة التي كانت تتعرض فيه شقته السكنية في موسكو للتفتيش، وهو كان ما يزال بعيداً في الخارج مع جواز سفره؟

كيف يمكن أن نفسر أيضاً، إن لم تكن محاولة لتلفيق الاتهامات واللعب بالبيانات المتعلقة بقضية "الحيتان الثلاثة"، حقيقة القيام بتفتيش شقة الشاهد، الذي شغل في السنوات القليلة الماضية وظيفة وحيدة ألا وهي عضوية فريق النيابة العامة الروسية تحت إمرة ف. لوسكوتوف؟

ما هي الغاية من نشر «علامات سوداء»، والوعود باعتقالات جديدة في صفوف موظفي الإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات عبر وكالات ووسائل الإعلام الحكومية، وفي شبكة الانترنت، وحتى نشر الأسماء؟ لندع المسألة الأخلاقية جانباً، ولنفكر في استحالة التفسير المهني «لتسريب» خطط اعتقال المجرمين الخطرين.

 لماذا يتم شطب أسماء موظفي مكافحة المخدرات المعتقلين، من قائمة المشاركين قانونياً، بناء على توجيهات النيابة العامة، في ملاحقة الجريمة المشهورة تحت اسم «الحيتان الثلاثة»، ومجموعة التجسس «الصينية»؟ هل هم متهمون بأنّهم قاموا بالملاحقة، أي تنفيذ الواجب؟ عندما تظهر ضرورة لملاحقة جديدة، كيف سيتصرف المكلفون الجدد؟ أيكافحون الجريمة، أم يماطلون، عاجزين عن فهم الاتهامات التي يمكن أن توجه إليهم نتيجة تنفيذهم واجبهم؟

ويوجد لدي أنا الذي قضيت 15 سنة في وظيفة التحقيق، سؤال صعب حول ما جرى؟ إذا كانت البلاد بحاجة فعلاً إلى لجنة تحقيق مستقلة، فيمكن أن تنجح لجنة التحقيق هذه بتوافر ثلاثة شروط.

أولاً: يجب أن تكون مستقلة.

ثانياً: يجب أن تكون مستقلة.

وثالثاً: يجب أن تكون مستقلة.

لكن أحداث أكتوبر (تشرين الأول) أثبتت ما هو عكس ذلك. هذا كل شيء حول تلك التفاصيل التي جذبت انتباه الرأي العام. كنت أرغب في جذبه إلى مسائل أخرى. فيما يخص الأحداث الحالية، أنا واثق من أن الأمور ستنجلي. الأمر الرئيسي الضروري أن توجد فئة (سلالة)، لا يتحول نهج مكافحة الفساد في وجودها إلى نزاعات ما بين قبلية. لأن مكافحة الفساد ليس مجرد حملة. إنها مسألة تقرر مصير الدولة الروسية.

وتقرر هذا المستقبل بدرجة كبيرة الحالة المتشكلة في احتكارنا. (في العلاقة بين هيئات ومؤسسات الأمن المتخصصة ـ أي بين الأفرع الأمنية ـ المترجم). لا مجال للسماح بالصراعات والفضائح. لا مجال لتحويل القيم إلى فوضى. يجب عدم السماح بتحويل المقاتلين إلى تجار. إذا ابتعد وسطنا عن القيم والقواعد المحددة لن ينهار فقط، بل وسيخون طبيعته الاجتماعية، بعدئذٍ يصعب إقناع الناس بتنفيذ التعليمات، ومعاقبة أولئك الذين لا يحترمون القيم، والغرق في النزاعات.

احتكارنا (الأمني) ضروري اليوم ليس بذاته. تقع عليه مسؤولية حمل عبء المرحلة الانتقالية. بعدئذ يمكن أن يتحول إلى محرك ينقل المجتمع إلى نوعية جديدة. وبعدئذ: الانتقال من الاحتكار إلى مجموعة محترفة طبيعية، لا تختلف من حيث الجوهر عن الآخرين.

طالما اعتمد استقرار المجتمع بدرجة ملموسة على هذه القوة، فقضية مصيرها: هي قضية مصير البلاد. وثمن القضية مكلف وباهظ جداً. وبالتالي من غير المسموح به على الإطلاق التستر على المشاكل، ولا تحويلها إلى مماحكات ومشاحنات كبيرة. لقد أدت هذه العملية (التستر على المشاكل والأزمات ـ المترجم) داخل البنية السوفيتيية إلى كارثة اجتماعية وجيوسياسية كبيرة.

2007/10/9

■ مجلة «كومرسانت ـ التاجر» الروسية

فيكتور  تشيركيسوف: مدير الإدارة الفيدرالية لمكافحة المخدرات في روسيا الفيدرالية.