هبوط الدولار يُسقِط الإمبريالية الأمريكية
باول كريغ روبيرتس
7 تشرين الثاني 2007
ترجمة قاسيون
لا يزال الدولار يعدّ رسمياً العملة الاحتياطية العالمية، ولكن لا يستطيع شراء خدمات عارضة الأزياء البرازيلية جيزيل بندشين، التي تحتاج إلى دفع 30 مليون دولار كسبتها خلال النصف الأول من هذا العام باليورو. ولا تعد جيزيل الوحيدة التي تتنبأ بمصير الدولار.
وتبين فرست بوست في المملكة المتحدة أن جيم روغيرز، الشريك السابق للملياردير جورج سوروس، يقوم ببيع منزله وكل ممتلكاته من أجل تحويل ثروته إلى اليوان الصيني. بينما يتابع محللون اقتصاديون أمريكيون الحديث عن أن الابتعاد عن الدولار جيد بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وأن إنفاق بوش على الحرب يحافظ على سير الاقتصاد. فعلى ممارسي سياسة العرض والطلب ملاحظة أن الطلب على الدولار يضعف سعره إضافة إلى السلطة الأمريكية.
لا يزال مناصرو نظام بوش لا يفهمون أن وضعية القوة العظمى الأمريكية تستند إلى الدولار، كونه العملة الاحتياطية العالمية، وليس على عدم القدرة العسكرية في احتلال بغداد. وإذا لم يكن الدولار العملة العالمية فإن الولايات المتحدة ستضطر لشراء عملات أجنبية للدفاع عن قواعدها في العالم التي تقدر بـ 737 قاعدة، ومع استحالة ذلك في ظل عجز الميزان التجاري الأمريكي الذي يقدر بمبلغ 800 مليار دولار. عندها سيتوقف الدولار عن كونه عملة احتياطية عالمية وعندها فالأجانب سيتوقفون عن تمويل عجز الميزانية والتجارة الأمريكية وستختفي الإمبريالية الأمريكية وكل حروبها.
ربما سيكون بوش قادراً على الحصول على قرض من البنك الدولي، أو ربما من «بنك شافيز» من أجل إعادة القوات من العراق وأفغانستان. والقادة الأجانب، الذين يلاحظون أن الابتعاد عن الشواطئ والحرب تسرعان هبوط الاقتصاد الأمريكي النسبي، لا يعاملون الولايات المتحدة بالرغبة نفسها التي اعتادت عليها واشنطن.
رفض رئيس الإكوادور رافائيل كوريا، مؤخراً، طلب واشنطن تجديد استئجار قاعدة مانتا الجوية في الإكوادور، قائلاً لواشنطن: يمكن أن تكون للولايات المتحدة قاعدة في الأكوادور إذا كانت للأكوادور قاعدة عسكرية في الولايات المتحدة. وعندما خاطب الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الأمم المتحدة، رسم علامة صليب عندما وقف على المنصة، وقال مشيراً إلى الرئيس بوش: أمس أتى الشر إلى هنا، لكن رائحة الكبريت لا تزال حتى اليوم. مضيفاً: إن بوش كان واقفاً هنا متحدثاً كما لو أنه ملك العالم.
وفي خطاب «حالة الاتحاد» العام الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: إن ثرثرة بوش عن الديمقراطية لم تكن شيئاً سوى غطاء للبحث عن المصالح الخاصة الأمريكية على حساب شعوب أخرى. نحن ندرك ما يحدث في العالم. ويعلم الرفيق الذئب من يأكل، وهو يأكل دون سماع أحد، وهو بصراحة لن يستمع إلى أحد.
في أيار 2007 انتقد بوتين نظام المحافظين الجدد في واشنطن، بسبب «عدم احترام الحياة الإنسانية»، و«المطالبة بالحصرية العالمية تماماً كما كانت في زمن ريتشارد الثالث». وينظر حلفاء أمريكا البريطانيون إلى بوش على أنه تهديد للسلام العالمي، وعلى أنه ثاني أخطر رجل على قيد الحياة. وحقق الرئيس بوش وضعه العالمي المتوحش، على الرغم من إنفاق 1,6 مليار دولار، من أموال ضرائب الأمريكيين التي دفعت بشكل صعب، على العلاقات العامة بين عامي 2003 و2006.
بصراحة أصبح رئيس أمريكا العملة الأمريكية محل اعتبار ضعيف.
هل هناك حل؟
ربما يكمن الجواب في القواعد الخارجية التي يبلغ عددها 737 قاعدة. فإذا تمت إعادة هذه القوات إلى وطنها، وتم تقاسمها بين 50 ولاية أمريكية فإن كل ولاية ستكسب خمس عشرة قاعدة عسكرية جديدة. تخيل ماذا يعني هذا: نهاية فترة الركود التجاري السكني، وانخفاض العجز التجاري، إضافة إلى نهاية الحرب على الإرهاب. من سيجرؤ على مهاجمة ولاية ذات خمس عشرة قاعدة عسكرية، إضافة إلى القواعد الموجودة؟. وكيفما استدار الإرهابي سيجد نفسه محاطاً بالجنود. كل الدولارات التي تنفق حالياً في الخارج لدعم القواعد الخارجية الـ737 سيتم إنفاقها في الداخل. وسيصبح دخل الأجانب دخلاً للأمريكيين، وسيتقلص العجز التجاري. وإن أثر الأجور الإجمالية للقواعد العسكرية البالغ عددها 737 على الاقتصاد الأمريكي سينهي أزمة السكن، ويعيد 140 ألف فرصة عمل والتي كلفت خسارتها هذا العام الولايات المتحدة مبلغ 42 مليار دولار من دخل المستهلكين. وسينخفض الحجز على الأموال والإفلاس.
وإذا لم يكن هذا كافياً لإعادة الدولار، فإن تعهد الرئيس الأمريكي عدم تعيين نائب عام إذا لم يتم التأكد من ميشيل مكاسي قد قدم وعوداً أخرى. وإذا تغلب الديمقراطيون على تعيين مكاسي فهناك أقسام وزارية زائدة عن الحاجة ستغلق إضافة إلى دائرة الحجز والتعذيب في أمريكا. ولم تتأذ السلطة الأمريكية أكثر في ساحات المعركة في العراق وأفغانستان. ومع بقاء شهرين لنهاية العام، فإن مقتل الجنود الأمريكان في عام 2007، على الرغم من الاندفاع المركز، هو الأعلى بين أعوام الحرب كلها. ومن يقوم بهذا الاندفاع الهائل هم عناصر «طالبان» الذين سيطروا على مقاطعة ثالثة غرب أفغانستان. وتركيا والأكراد هم على وشك تحويل شمال العراق إلى منطقة حرب جديدة، وهذا برهان آخر على العجز الأمريكي.
إن حروب بوش قد سببت خطراً على النظام الأمريكي. ويعمل الرئيس الباكستاني برويز مشرف، الذي يعد لعبة بيد بوش، من أجل الحفاظ على حياته من خلال اللجوء إلى أحكام الطوارئ والإجراءات الجائرة. وعند سقوط مشرف، بفضل بوش، فإن الإسلاميين سيمتلكون أسلحة نووية.
لقد اعتاد القادة الأمريكان على القول: إن حروب بوش التي بدأت في الشرق الأوسط ستستغرق عشرة أعوام لكسبها. وفي 31 تشرين الأول، خاب أمل الجنرال جون أبي زيد القائد السابق للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط في ذاك التنبؤ التفاؤلي. وقال أبي زيد عند التحدث في جامعة غارنيه ميليون: «إن إمكانية مغادرة القوات الأمريكية الشرق الأوسط ستستغرق خمسين عاماً».. لا توجد هناك إمكانية لبقاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لمدة نصف قرن.
يعد الدولار والقوة الأمريكية على شفا الهاوية، دون علم القادة الديمقراطيين بيلوسي وريد اللذين يعدان شيكاً آخر على بياض من أجل طلب بوش الأخير مبلغ 200 مليار دولار لتمويل الحروب التكميلية. ولا يوجد هناك أي مبلغ من المال من أجل تمويل حرب بوش الخاسرة. وإنما يجب استدانته من الصين.
لقد تتطلب سقوط الأمبراطورية الرومانية قروناًً. وأنهى بوش أمريكا خلال سبعة أعوام فقط.
وعلى الرغم من تحرر جيزيل من سيطرة الدولار، تصرح البرازيل وفنزويلا والإكوادور وبوليفيا والأرجنتين والأورغواي والباراغوي وكولومبيا باستقلالها عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وعن أدوات السيطرة المالية الأمريكية، من خلال تطوير بنوكها الخاصة، وبهذا تضع حداً لسيطرة الولايات المتحدة على أمريكا الجنوبية. وبذلك فإن الإمبريالية التي أضاعت حديقتها الخلفية قد انتهت.
■■
* باول غريك ربوبيرتس:
مساعد الأمين العام لوزارة المالية في إدارة الرئيس السابق «رونالد ريغان»