حرب الثلاثة تريليونات دولار.. الكلفة الحقيقية لحرب العراق
أصدرت دار الكتاب العربي ببيروت العام الماضي كتاب: «حرب الثلاثة تريليونات دولار.. الكلفة الحقيقية لحرب العراق»، وهو من تأليف جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، وليندا بيلمز المحاضرة في جامعة هارفارد، وقد ترجمه للعربية الأستاذ سامي الكعكي..
الكتاب يسهب في شرح «الحماقة الكبرى» التي ارتكبها المحافظون الجدد بغزوهم للعراق، ويورد بالأرقام الصادمة حجم الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن الغزو، ويدعو إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق، والعودة إلى الديار بأسرع وقت حفاظاً على ما تبقى من كرامة!..
كان خطأً فادحاً..
يقول الكاتبان:
«بات من الجلي أن الغزو الأمريكي للعراق كان خطأ فادحاً، فثمة نحو 4000 جندي أمريكي قضوا نحبهم فيه، بالإضافة إلى سقوط 58000 ما بين جريح أو متأذ أو مصاب بمرض خطير، ناهيك عن 7300 جندي جرحوا أو تأذوا أو أصيبوا بمرض خطير في أفغانستان. وقد عاد مئة ألف جندي أمريكي من الحرب وهم يعانون من اضطرابات خطيرة في صحتهم العقلية والنفسية، الشطر الأكبر منها سيتحول إلى بلوى مزمنة.
أما في العراق فقد دمرت طرقات البلد ومدارسه ومستشفياته وبيوته ومتاحفه، والمواطنون لا يحصلون على ما كانوا يحصلون عليه من ماء وكهرباء قبل الحرب.
كان القرار بالذهاب إلى الحرب مبنياً على عدد من المعلومات المغلوطة، قطعت إحداها بوجود صلة ما بين صدام حسين والهجمات الإرهابية في 11 أيلول على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون. كما أن العمل الاستخباراتي الخاطئ أدى إلى الزعم بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل مع أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) جزموا بعكس ذلك. لقد دفع الكثيرون بأن الحرب ستنتهي على جناح السرعة، وأن الديمقراطية ستزدهر أيما ازدهار في العراق. وأخيراً كانت هناك النظرية القائلة إن الحرب لن تكلف كثيراً، وإنها ستمول نفسها بنفسها. لكن سرعان ما تبين أن هذه الحرب مكلفة جداً دماً ومالاً.. إننا نقدر أن الأكلاف الإجمالية، سواء بأرقام الميزانية أم بالمفاعيل الاقتصادية، سوف تصل إلى قرابة 3 ترليونات دولار ستحملها الولايات المتحدة وحدها، وربما يتضاعف هذا الرقم مرتين إذا حسبت معها الكلفة التي سيتكبدها بقية العالم.
في حرب الخليج 1991 التي لم تدم سوى شهرين، قُتل (حسب المعلن) 147 جندياً وجرح 467 آخرون في القتال المباشر، ولم تشهد قتالاً برياً واسع النطاق رغم انتشار 694550 جندياً في منطقة العمليات، وتولى حلفاء الولايات المتحدة (وبالدرجة الأولى بعض دول الخليج) الإنفاق على القسم الأعظم من العمليات القتالية، وإذا ما توقف عن الحساب عند هذا الحد، تبدو تلك الحرب كما لو كانت دون كلفة بالمرة، لكن ذلك لا يأخذ في الحسبان العدد الكبير من الجنود المسرحين ممن يعانون من أشكال الإعاقة الجسدية بفعل الحرب، حتى أن الولايات المتحدة تجد نفسها اليوم، وحتى بعد انقضاء أكثر من 16 سنة، تنفق ما يزيد على 4،3 مليار دولار سنوياً على شكل تعويضات مالية ومعاشات تقاعد وتقديمات إعاقة لأكثر من 0،2 مليون جندي مسرح قاتلوا في الحرب. لقد أنفقنا لحد الآن فعليا ما يربو على 50 مليار دولار كتقديمات وتعويضات إعاقة من جراء حرب الخليج. ناهيك عن معاشات جميع العاملين الحكوميين اللازمين لتسيير تلك البرامج وفقدان الدخل لأكثر من 0،1 مليون جندي تعرضوا لمواد كيميائية تقرن بما يسمى «تناذر حرب الخليج» يعاني 40000 منهم من إعاقات طويلة الأمد.
الحرب.. والنفقات.. والمتعهدون
أخطأت إدارة بوش فيما يتعلق بمنافع الحرب وبشأن كلفتها.. إن كلفة العمليات العسكرية المباشرة، من غير حساب النفقات الطويلة الأمد كالعناية بالجنود الجرحى، تجاوزت بالفعل كلفة السنوات الاثنتي عشرة من حرب فيتنام، وبلغت مرتين أو أكثر من كلفة الحرب الكورية. ستصل هذه الكلفة في بديل «الحالة الفضلى» إلى قرابة 10 أضعاف مثيلتها في حرب الخليج الأولى، وأكثر بثلث من كلفة حرب فيتنام، وضعفي كلفة الحرب العالمية الأولى. الحرب الوحيدة من حيث الكلفة التي فاقت هذه الحرب كانت الحرب العالمية الثانية، حيث خاض 16،3 مليون جندي أمريكي حملة عسكرية دامت 4 سنوات وبلغت كلفتها الإجمالية (بدولارات عام 2007 بعد تعديلها في ضوء التضخم) زهاء 5 تريليون دولار. يومها كانت القوات المسلحة الأمريكية بقضها وقضيضها ضالعة في محاربة الألمان واليابانيين، ومع ذلك بلغت الكلفة على أساس الوحدة الواحدة من الجند (بدولارات اليوم) أقل من 0،1 مليون دولار، بينما تكلفنا حرب العراق بصورة مباشرة 0،4 مليون دولار لكل وحدة واحدة من الجند. عند نشوء الحرب قال لاري لندسي المستشار الاقتصادي للرئيس بوش ورئيس المجلس الاقتصادي القومي: إن الكلفة ربما تصل إلى 200 مليار دولار،لكن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وصف هذا التقدير بالهراء. أوحى نائبه بول وولفويتز بأن الإعمار ما بعد الحرب قد يتكفل بنفسه من خلال الزيادة في عائدات النفط، وقدر مدير مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض سوية مع رامسفيلد بأن الكلفة ستتراوح بين 50- 60 مليار دولار، وستقوم بلدان أخرى بتأمين جزء من هذا المبلغ، لكن مع اقتراب الحرب من نهاية سنتها الخامسة، من المنتظر أن تصل الكلفة التشغيلية للحرب لسنة 2008 عن 12،5 مليار دولار شهرياً، بعد أن كانت 4،4 مليار شهرياً عام 2003، وإذا أضفنا أفغانستان سيكون المجموع الشهري 16 مليار دولار.
ازداد عدد العناصر العسكرية المنشورة في المنطقة منذ عام 2004 بنسبة 15%، غير أن التكاليف ارتفعت ارتفاعاً صاروخياً إلى 130%، وعلى نحو ماثل قد زادت العمليات بنسبة 65% خلال الفترة المعنية، وتبين أن الولايات المتحدة قد استخدمت أكثر من 0،1 مليون متعهد خاص عام 2006، ويشكل هذا الرقم عشرة أضعاف حجم استخدام المتعهدين خلال حرب الخليج عام 1991، ويقدر البعض أن 1000 متعهد قتلوا منذ عام 2003 إذ جاء غزو العراق ليتيح فرصا جديدة لشركات الأمن الخاصة، حيث حصلت شركة «بلاك ووتر سكيورتي» على عقد خارج المناقصة بقيمة 27 مليون دولار لحراسة «بول بريمر الثالث»، الحاكم الإداري لسلطة الاحتلال الأمريكي في بغداد عام 2003، وبحلول عام 2007 صارت الشركة تملك عقدا بقيمة 1،2 مليار دولار وتوظف 845 متعهد أمن خاصاً.
إن استخدام المتعهدين هو في جوهره خصخصة للقوات المسلحة، حيث طرح الاستخدام الواسع النطاق للمتعهدين أن احتمالات الفساد والاستغلال لجني أرباح فاحشة عالية جدا. المتعهدون أكثر كلفة من الجنود، ولا يخضعون للانضباط العسكري أو الإشراف العسكري، وقد بلغت وحشية البعض منهم حد الأسطورة، وزادت في تأجيج النزاع.
يتخذ الفساد في الولايات المتحدة أشكالاً على صيغة تبرعات لحملات كلا الحزبين، ففي الفترة بين 1998 إلى 2003 ساهمت هاليبورتن بمبلغ 1،46 مليون دولار في حملات الحزب الجمهوري، و55650 دولاراً ذهبت إلى الحزب الديموقراطي، في حين تلقت هاليبورتتن ما لا يقل عن 19،3 مليار دولار على شكل عقود مقصورة على جهة واحدة. والأكلاف المفرطة على الحكومة تنعكس أرباحاً مفرطة لأصحاب عقود الدفاع، وهم إلى جانب شركات النفط، الرابحون الحقيقيون الوحيدون من هذه الحرب.
خسائر لا تُحتمل
أوقعت العبوات الناسفة أكثر من 1500 إصابة قاتلة في صفوف الأمريكيين.. وصرفنا منذ العام 2004 أكثر من 30 مليار دولار على تدريب القوات الأهلية في العراق وأفغانستان.. هذه النفقة لم تكن محسوبة ضمن التكاليف التقديرية الأصلية للحرب، إذ تثمن الحكومة حياة شاب في ذروة قوته على الكسب مستقبلاً بأكثر من 7 مليون دولار.
لقد تم نشر 1،6 مليون جندي أمريكي حتى تاريخه، وهؤلاء مؤهلون لتلقي الرعاية الطبية، وقد تلقى 39% من جنودنا الذين قاتلوا في حرب الخليج الأولى تعويضات على إعاقاتهم الجسدية، وهنا يجب ألا ننسى أن الولايات المتحدة استدانت معظم الأموال المستخدمة لشن الحرب، وسيتوجب علينا تسديد هذا الدين مع الفائدة. يبدو لنا أن رقم 3 تريليون ككلفة إجمالية للحرب رقماً حكيماً، ولا يعكس الكلفة الباهظة على العالم، خاصة العراق.
تتحمّل كل أسرة أمريكية شهرياً كوسطي 138 دولاراً للحربين في أفغانستان والعراق، منها 100 دولار للعراق وحده. قدرنا في بديل «الحالة الفضلى» أن عدد القوات المنشورة للتعاطي مع النزاع سيصل إلى 1،8 مليون جندي حتى العام 2017، أما البديل الثاني والواقعي أكثر، وهو البديل «الواقعي المعتدل» فسيتطلب نشر 2،1 مليون جندي حتى 2017، وستتعدى نفقات تشغيله 913 مليار دولار سنوياً، منها 669 مليار دولار للعراق وحده بحلول العام 2017، أما تعويضات الإعاقة فنتنبأ بأن يطالب 0،85 مليون جندي بها، والتي تقدر الكلفة طويلة الأمد لتأمينها بـ388 مليار دولار.
تحتاج القوات المسلحة لإعادة بناء جميع فروعها إلى قرابة 375 مليار دولار، ولفترة زمنية لا تقل عن 15 سنة. ويحتاج سلاح الجو إلى 400 مليار دولار على مدى العقدين القادمين لشراء طائرات جديدة. في عام 2007 كانت هناك أكلاف حرب متوارية داخل الإنفاق الدفاعي، فمثلاً أنفقت الولايات المتحدة 526 مليار على الاحتياجات الدفاعية، علاوة على 173 مليار دولار عام 2007، وقد أشار المدققون إلى حسابات وزارة الدفاع، فوصفوها بـ«المضللة» و«الناقصة» و«غير الوافية بالمراد»، وقد ازدادت ميزانية البنتاغون أكثر من 600 مليار دولار على نحو تراكمي منذ غزو العراق، وأنفق البنتاغون في الأشهر التي سبقت آذار 2003 مبلغ 2،5 مليار دولار على التخطيط للغزو.
أعباء كبرى
ثمة أعباء على فروع الحكومة الأخرى مثل وزارة العمل المعنية بدفع مبالغ التأمين وتعويضات العمال بالنسبة للمتعهدين، ووزارة الإسكان والتطوير المدني، ووزارة الزراعة الخ.. من المتوقع أن تصل مدفوعات الفائدة على القروض من أجل الحرب إلى تريليون دولار عام 2017، ولا تتضمن هذه الميزانية كلفة الاقتصاد والكلفة الناجمة عن أسعار النفط الصاروخية وتباطؤ النمو الاقتصادي بسبب عدم قدرة الاقتصاد على مواجهة العجز المالي المتصاعد.
أما عن الأضرار اللاحقة بالجنود الأمريكيين في العراق، فأكثر من 0،263 مليون عولجوا في المرافق الطبية الخاصة بالجنود المسرحين. و0،1 مليون جندي يعالجون لأسباب تتعلق بالصحة النفسية، و52 ألف جندي ثبت بالتشخيص تعرضهم لاضطرابات الضغط العصبي.. وثمة 0،185 مليون جندي يلتمسون المشورة وخدمات إعادة التكيف، وبحلول كانون أول 2007 كان 0،224 مليون جندي قد تقدموا بطلبات للحصول على تقديمات العجز الجسدي/ الذهني.
بلغ عدد المحاربين القدامى الأحياء في أمريكا زهاء 24 مليون نسمة، منهم قرابة 3،5 مليون وعائلاتهم يتلقون تعويضات عن العجز والإعاقة. وكانت الولايات المتحدة عام 2005 تدفع سنوياً قرابة 34،5 مليار دولار كتعويضات إلى محاربين قدامى، منهم 0،2 مليون من حرب الخليج الأولى، و0،916 مليون فرد من حرب فيتنام، و0،161 مليون فرد من حرب كوريا، و0،356 مليون فرد من الحرب العالمية الثانية. من أصل الجنود الـ1،6 مليون الذين نشروا حتى الآن في العراق وأفغانستان، سرح من الخدمة 0،751 مليون حتى كانون 2007، وهؤلاء جميعاً أهل للمطالبة بتقديمات الإعاقة.
تتراوح الكلفة الكلية للرعاية الطبية وتقديمات الإعاقة وتعويضات الإعاقة من الضمان الاجتماعي إلى الجنود المسرحين في بديل الحالة الفضلى، بين 422 مليار دولار و717 مليار دولار في البديل الواقعي المعتدل، منها 371 مليار دولار في بديل الحالة الفضلى، و629،7 مليار دولار في البديل الواقعي المعتدل في العراق. والباقي في أفغانستان.
أكلاف اجتماعية لا تدفعها الحكومة
خرج من العراق وأفغانستان أكثر من 0،2 مليون رجل وامرأة معطوبين إما جسدياً أو نفسياً، وهذا الرقم مرشح لأن يتضاعف مرتين على الأقل.
الجنود الذين تضرروا ضرراً بليغاً ويتعذر توظيفهم بعد الآن، يتكبدون خسارة اقتصادية توازي من قتل منهم، لأن الاقتصاد سوف يخسر ناتج عملهم، لذلك ينبغي أن نعزو إليهم «قيمة حياة إحصائية» 7،2 مليون دولار.
ما إن تطأ أرض العراق بقدميك حتى تجد نفسك في قلب المعركة، إذ تتعرض قوات الدعم المنشورة للرضات النفسية أيضاً.
20% من أسر الجنود الذين جرحوا أو باتوا عاجزين لاعتلال ذهني مثلاً، اضطر واحد منهم لترك وظيفته ليغدو مشرفاً على البيت بشكل كامل. هنالك كلفة اقتصادية تتجاوز 50 مليار دولار حتى في بديل الحالة الفضلى على كاهل الأسر المضطرة للقيام بمثل هذه التضحيات.
تتجاوز الكلفة الاقتصادية لحرب العراق النفقات في الميزانية 262 مليار دولار في بديل الحالة الفضلى، و367 مليار دولار في البديل الواقعي المعتدل..
إبان كارثة كاترينا، كان 3000 من أفراد الحرس الوطني التابع لولاية أريزونا و4000 من أفراد الحرس الوطني التابع لولاية ميسيسيبي مرابطين في العراق يوم ضرب الإعصار البلاد. إن الكلفة الاقتصادية لنشر أفراد الحرس الوطني وجنود الاحتياط خارج البلاد، هي أكبر بكثير من أي فرق بين ما يدفع إلى هؤلاء الأفراد وما كان يمكن أن ينتجوه لولا ذلك. إننا نخسر الخدمات القيمة للغاية التي يؤمنونها في الحالات الطارئة.
الهرب.. الهرب!!
تباهى توماس فولي المانح الجمهوري المعين في آب 2003 رئيس لجنة تطوير القطاع الخاص في العراق، أنه سوف يخصخص جميع المشاريع التي تملكها الدولة في غضون 30 يوماً. لقد تقلص إنتاج الهيرويين في ظل حكم طالبان، ثم صارت منذ احتلالها أمريكياً المورد الأكبر لسوق الهيرويين العالمية!.
من جهة أخرى، فإن الكلفة المترتبة على ارتفاع أسعار النفط على حلفائنا في الدول الصناعية المتقدمة في أوروبا واليابان وغيرهما.. قد تصل إلى 1،1 تريليون دولار في البديل الأكثر واقعية، وقد جنت شركات النفط الأمريكية أرباحاً هائلة من وراء الحرب، كذلك الدول المنتجة للنفط. لقد بينت الحرب العراقية أن دولة تصرف على الدفاع قدر ما تنفقه سائر البلدان مجتمعة تقريباً، عاجزة عن فرض مشيئتها على بلد لا يتجاوز عدد سكانه عشر عدد سكانها وإجمالي الناتج المحلي فيه يمثل 1% من إجمالي ناتجها المحلي. أقامت الولايات المتحدة مئات القواعد العسكرية في العراق منذ 2003 تضم ملاعب رياضية ومخازن تجارية ومطاعم، بينما يعاني العراق من نقص حاد في المياه النقية والكهرباء والرعاية الصحية. ارتفع عدد هجمات الرافضين للاحتلال من 62 هجوماً يومياً في مطلع 2005 إلى 91 هجوماً في أواخر 2007.
تبلغ الكلفة الإجمالية لحرب العراق على الاقتصاد الأمريكي وحده من دون احتساب الفوائد أكثر من 4 تريليون دولار في البديل الواقعي المعتدل. لقد تحمل العراق الوطأة العظمى من الأضرار. وقد عصفت الحرب باقتصاد ومجتمع البلاد وأحالتها جميعاً إلى خراب.
لو أخّرنا الرحيل فسيكون رحيلنا أشد إذلالا ومهانة، وسنكون مذعنين أذلاء، لأن النسبة الكبرى من العراقيين بمختلف أطيافهم يعارضون الوجود العسكري الأمريكي، خصوصاً وأن الدراسات تظهر أن عدد القتلى من العراقيين يناهز نصف مليون، وهناك 26000 «متمرد» مزعوم في سجون أمريكية، و37000 آخرين في سجون عراقية.
إن قرارنا المتسرع بغزو العراق عام 2003 له استتباعات طويلة الأمد سوف تدفع ثمنها عدة أجيال قادمة من الأمريكيين.. والخلاصة البديهية أن هذه الحرب لم تكن لمصلحة الاقتصاد الأمريكي ولا لمصلحة الاقتصاد العالمي».
رأي المعد
لقد دفع العرب عموماً، والعراق خصوصاً، ثمنا باهظاً للغزو الاستعماري الأمريكي- الأوروبي- الصهيوني، بيد أن المقاومة العراقية جعلت العدو يدفع ثمن جزء من جرائمه حتى الآن، والمقاومة الشعبية في بقية الجبهات العديدة المفتوحة: فلسطين، لبنان، الصومال تفعل ما بوسعها في هذا الاتجاه مضحية بكل ما تملك لمواجهة جبروت الاستعمار.. إنه ثمن كبير جداً نضطر لدفعه بسبب الاستبداد والفرقة، لكنه أقل بكثير من ثمن الاستسلام الذي يدعو له عملاء الغرب الرأسمالي من ملوك وسلاطين وحكام.
• د. نزار عبد الله: اقتصادي سوري