روسيا- إيران: أهداف مشتركة للقضاء على الهيمنة
تصل العلاقات الثنائية بين البلدين المطلين على بحر قزوين إلى أوجها. فالدولتان اللتان جمعتهما علاقات متينة منذ العهد السوفييتي، حين اعترف السوفييت بالحقوق الإيرانية وأعادوا أراضي كان قد جرى احتلاها زمن القياصرة، تعاودا اليوم ترسيخ علاقاتهما بعد انقضاء عهد يلتسين الذي شكل انقطاعاً مؤقتاً للتعاون الفني والتقني بينهما.
استطاعت روسيا تأطير كوارثها المتحدرة من فترة «البيروسترويكا» سيئة الصيت، والعودة مرة ثانية إلى المسرح الدولي، منطلقة من قاعدة التراجعات السياسية والعسكرية والاقتصادية الغربية.
لذا، كانت المهمة الروسية محددة ببناء قواعد لعلاقات صلبة ومتينة مع كل القوى العالمية المتضررة من الهيمنة الأمريكية، ومنها إيران التي بدأ التعاون الحقيقي معها في العام 1994، عندما وقع الطرفان مشروع بناء مفاعل «بوشهر» النووي، بقيمة 800 مليون دولار، لكن تطور العلاقات اصطدم بحائط الصد في عهد الرئيس الروسي السابق، بوريس يلتسين.
ومع التغييرات التي شهدتها روسيا في بدايات القرن الحالي، ومع الميول العدوانية الأمريكية الواضحة ضد المنطقة، استعادت الحكومة الروسية علاقاتها القوية مع طهران في إطار توحيد الجهود الرامية إلى الإجهاز على الهيمنة الأمريكية. في حينه، قام وزير الدفاع الروسي السابق، إيغور سيرغييف، بزيارة رسمية إلى طهران، وأجرى مباحثات مع كبار المسؤولين الحكوميين الإيرانيين حول تطوير التعاون العسكري بين موسكو وطهران، وناقش مع الرئيس الإيراني، في حينه، محمد خاتمي، قضايا الأمن والتعاون الاقتصادي في منطقة الخليج العربي وآسيا الوسطى والقوقاز.
لم يغير الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب العلاقة بين البلدين- كما رجا الغرب- بل على العكس، بدا واضحاً أن التعاون بينهما قام على أساس الهدف المشترك، وأنه زاد الضغط كلما لجأت الدولتان بدورهما إلى تطوير العلاقات.
قمة الغاز في طهران
تستعد روسيا وإيران لاستقبال العالم الجديد متعدد الاقطاب، الذي سينتج، كجزء من حل أزمات المنطقة، رفعاً في مستويات التبادل التجاري بين البلدين من مليار ونصف إلى عشرة مليارات دولار. كما اتفق الجانبان، في قمة الدول المصدرة للغاز التي عقدت في طهران مؤخراً، على قرض روسي لإيران قدره 8 مليارات دولار، لتمويل مشاريع مشتركة بين البلدين تنفذها شركات روسية، فيما تخطط موسكو وطهران لاستثمار ما بين 35 و40 مليار دولار على المدى المتوسط في مشاريع مشتركة تمس قطاعات اقتصادية حيوية مختلفة.
مكافحة الإرهاب: هدف مشترك
يضاف إلى ما سبق أن التعاون العسكري بين البلدين شهد نقلات نوعية، حيث استثمرت روسيا الاتفاق النهائي بين إيران ودول السداسية الدولية، لتتجاوز القيود الغربية المفروضة سابقاً على طهران، ووردت أخيراً منظومات صواريخ «اس300» المتطورة لإيران بهدف تحقيق توازن إقليمي ودولي، وردعاً جديداً لأحلام للسيناريو المفترض بإمكانية ضرب إيران.