انتخابات البرلمان التركي بركات قار لـ«قاسيون»: «نحن إلى المجلس»!
في معرض التجاذب الحاصل بين القوى السياسية التركية المحلية في معترك الانتخابات البرلمانية المرتقبة، وفي وقتٍ يحاول فيه حزب «العدالة والتنمية» تثبيت النظام الرئاسي للهروب من الاستحقاقات التي قد تنتج عن التراجع المتوقع في حصته البرلمانية، توجهت «قاسيون» بعدد من الأسئلة إلى عضو المجلس المركزي في «الحزب الديمقراطي للشعوب»، وعضو قيادة حزب «إعادة التأسيس الاشتراكي» في تركيا، الرفيق بركات قار، ليضع القراء في صورة الانتخابات والمشهد السياسي التركي بشكلٍ عام.
ما هي الأجواء السائدة في مسار التحضيرات للانتخابات البرلمانية التركية المقررة في 7 حزيران 2015؟
أولاً، تحية لكم ولحزبكم. في الحقيقة، نحن الآن في جو انتخابي، ولا شك أن دخولنا في هذه الانتخابات هو دخول رسمي وشرعي. وكما تعرفون، فإن «الحزب الديمقراطي للشعوب» هو حزب شبه ائتلافي، يشكل مظلة تحتوي أحزاباً ومنظمات كثيرة. الأجواء الانتخابية لا بأس بها، لكنني أريد أن أنوه إلى أننا لم ندخل بشكل متكافئ إلى هذه الانتخابات، لأن الأحزاب الأخرى تحصل على مبالغ هائلة، تقدَّر بالتريليونات من ميزانية الدولة، بينما حزبنا، وكونه لأول مرة يشارك في هذه الانتخابات، فلم يحصل على ليرة واحدة من الميزانية.
باسم من تخوضون هذه الانتخابات، باسم حزب «إعادة تأسيس الاشتراكية» أم حزب «المؤتمر الديمقراطي للشعوب» في تركيا؟
أنا شخصياً قدمت من حزب «إعادة تأسيس الاشتراكية» إلى هذا الحزب (المؤتمر الديمقراطي للشعوب) وقيادته، وكثير من الشيوعيين والاشتراكيين مما يقارب عشرون حزباً وتنظيماً، فضلاً عن النقابات والمنظمات الأهلية، ليصل هذا العدد إلى ما يقارب أربعون طرفاً سياسياً ضمن هذا الحزب.
لأول مرة اليسار التركي، من ديمقراطييه إلى شيوعييه، استطاع أن يتجمع في إطار واحد ويخوض انتخابات محلية كجبهة ثالثة في البلاد، لأن هناك جبهة أولى هي السلطة، أي حزب «العدالة والتنمية»، وأحزاب المعارضة البرجوازية التي لا تختلف إلا بأساليبها عن السلطة، بينما الجبهة الثالثة فهي تمثِّل الجماهير من طبقة عاملة وكادحين وشباب ونساء وغيرهم. لذلك، كل هذه الأحزاب قررت أن تدخل تحت اسم «الحزب الديمقراطي للشعوب».
كم يبلغ عدد مرشحيكم المعتمدين من اللجنة العليا للانتخابات؟
عدد مرشحينا الذين قد ثبتوا في اللجنة العليا للانتخابات هو 550 مرشحاً في 76 محافظة من أصل 81. وفي الحقيقة، فإن مرشحينا هم من أفضل الشخصيات، ليس فقط من المثقفين المشهورين، بقدر ما هم من العمال والكادحين والمثقفين والأكاديميين. ونحن الحزب الوحيد الذي استطاع أن يصل عدد النساء المرشحات فيه إلى 48%، أي 268 امرأة مرشحة من أصل 550 مرشحاً، وهي حالة غير مسبوقة في تاريخ تركيا.
ما أبرز نقاط البرنامج الانتخابي الذي تقدمونه للناخب التركي، على المستويات الداخلية والإقليمية؟ وكيف يجري التفاعل شعبياً معه؟ وكيف ترى حظوظكم الانتخابية؟
بالدرجة الأولى، نحن ركزنا على السلام والديمقراطية في تركيا. السلام نقصد فيه على وجه الخصوص القضية الكردية، وحل هذه القضية بطريقة سلمية، وسنكون دائماً طرفاً يسعى إلى تحقيق هذا السلام، حتى لو جرى قلب الطاولة من طرف حزب «العدالة والتنمية»، ولن نقف أو نتراجع في هذا الموضوع، إذ نعتبر قضية السلام هي أكبر نضال الآن، وهي نقطة أساسية في برنامجنا.
وفي النقطة الثانية في برنامجنا، ركزنا على السياسات الخارجية لحزب «العدالة والتنمية»، وخاصة اتجاه جيراننا جميعاً، وعلى رأسهم سورية، ومسألة تدخل هذا الحزب على نحو مستمر في شؤون سورية الداخلية. هذا كان من أهم القضايا التي طرحناها. وأقول لكم، أنه ما يقارب الـ70% من المجتمع يتجاوب معنا الآن في هذه النقاط، حول السلام والديمقراطية وإقامة علاقات صداقة مع جيراننا، بالإضافة إلى عدد من القضايا الأخرى، التي نناضل في سبيلها، تحت شعارنا الأساسي: «نحن إلى المجلس»، والذي لقي قبولاً شعبياً جيداً بالعموم.
في الحقيقة، الفلاحون والعمال وغيرهم من فئات الشعب، كلهم باتوا يحسبون الحساب بأنه إذا ما تمكن «الحزب الديمقراطي للشعوب» من تجاوز الـ10%، وهو الحد الذي يجب علينا تجاوزه بنسبة الأصوات، فسوف يقطع الطريق ويحصل على 65 نائباً في البرلمان. آخذين بعين الاعتبار أننا حصلنا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة على 9.8% من الأصوات. والآن الاحصاءات كلها التي تجريها المؤسسات المعنية والمختصة تشير إلى أن الحزب سيحصل على ما يقارب 11% أو 11.5%، وهو ما يدب الرعب والإرباك الشديد في صفوف حزب «العدالة والتنمية».
ما طبيعة المضايقات التي تتعرضون لها، وكيف؟ وهل من تهديد مباشر لكم ولمرشحيكم وأنصاركم؟
كل المضايقات تأتي على أساس الخوف من النسبة التي من المتوقع أن نحصل عليها. يومياً هناك اعتداء على مكاتبنا الانتخابية، وحُرِقت أعلامنا بمناطق عدة، وخاصة في منطقة غرب تركيا على بحر إيجة والبحر الأسود وفي الأناضول. إذ أنهم يعتبروننا «حزباً كردياً»، ما زالوا يحاولون أن يحصروه في «منطقة كردية» فقط. ولكن تبين للجميع أن هذا الحزب هو لكل تركيا، ووصل إلى كل مناطقها، وقدَّم مرشحين في كل مدنها. هناك مضايقات واستفزازات من السلطة ومن «العدالة والتنمية» من خلال الهجمات ومحاولات إعاقة نشاطاتنا ودعايتنا. لكننا اتخذنا قراراً مركزياً بألا نرد على أي استفزاز.
في كل الأحوال، نتوقع أنهم إن لم يستطيعوا إبطال هذه الانتخابات بالاستفزازات على مستوى البلد، فمن الممكن لهم التلاعب بالنتائج وسرقة الأصوات. لذلك، وكإجراء احتياطي، كلفنا 400 ألف عضو لمتابعة صناديق الاقتراع، لكي يراقبوا ويتابعوا سير الانتخابات من أولها حتى نهايتها.
لماذا تلجأ الحكومة التركية إلى الأسلوب البوليسي الفج في التعامل مع مسألة يفترض أنها انتخابية وديمقراطية؟
بسبب تراجعها عن نسبة 51% التي أهلتها للفوز بانتخابات رئاسة الجمهورية. الآن تشير الاحصاءات أن السلطة ستحصل على أصوات تتراوح نسبتها بين 38-41%. وهذا يعني أن «العدالة والتنمية» لن يحصل على الأغلبية لتشكيل الحكومة بمفرده. وثانياً لأنه غير ممكن تغيير الدستور، كما يريد «العدالة والتنمية»، لإعلان النظام الرئاسي بعد الانتخابات، فهذا أيضاً سنقطع الطريق عليه.
كل هذه المضايقات الآن من الشرطة بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، تأتي لإبقائنا ما تحت الـ10%، ولضمان عدم دخولنا في هذا المجلس. أنا بتقديري أن هذا لا يمكن، إلا بطريقةٍ واحدة، وهي القيام باستفزاز كبير عبر الدخول والتحرش بالأراضي السورية، تحت يافطة «حملة قومية»، كما يدعي «العدالة والتنمية». لكن في المقابل هناك تردد وحسابات أخرى بالتأكيد، لأنه حتى لو تمت هذه «الحملة القومية الكبرى» المفترضة فقد تتمكن السلطة من إبطال الانتخابات، لكن السؤال سيبقى كيف ستتمكن من حل القضايا الداخلية التركية؟ أي أنها ستنعكس عليهم بشكلٍ قوي جداً، لا يمكن لهم التخلص منه.
وهل من تغييرات متوقعة في المشهد السياسي التركي، وبالسياسات المتبعة بالنتيجة؟
توقعاتنا كبيرة ونحن مرتاحون للمشهد العام وسير الانتخابات، رغم كل الأمور السلبية التي نواجهها. نحن نعتمد على جهد المناضلين وأعضائنا فقط، لكننا مرتاحون لأننا نناضل على أسس ومطالب وقضايا محقة وعادلة وإنسانية قبل كل شيء. من هذا المنطلق، لا يوجد لدينا أي تراجع أو أية أوهام بإمكانية خسارتنا لهذه الانتخابات، فلا نناقش ذلك إطلاقاً، سنكون نحن الرابحون بعد الانتخابات. و«الحزب الديمقراطي للشعوب» سيكون في الواقع هو الحزب الذي بيده المفتاح، وستجري المعادلة من خلاله.
الآن، عندما ننظر إلى الشارع فالناس تناقش حزبين فقط، حزبنا وحزب السلطة، أما أحزاب «الاشتراكيين الديمقراطيين» التي حصلت سابقاً على 26% من الأصوات، و«الحركة القومية» وهي حركة فاشية حصلت سابقاً على 15 إلى 18%، فلهم وجود وهم قوى سياسية، لكنه من غير المتوقع أن يتجاوزوا الأرقام التي حققوها سابقاً. ومجموع هذان الحزبان، لا يكفي لقطع الطريق على مشاريع السلطة وحزبها. ما يغير المعادلة ويقضي على السابق هو حزبنا، كما جرى مع بعض القوى اليسارية الجديدة في أوربا مؤخراً. هذا ما نتمناه، ونتمنى من كل أصدقائنا في المنطقة أن تتضامن معنا.