بيلديربرغ: المنتدى الخاص «الأكثر قوة في العالم»
طوني غوسلنغ طوني غوسلنغ

بيلديربرغ: المنتدى الخاص «الأكثر قوة في العالم»

في عددها الخاص بعيد الميلاد في العام 1987, وصفت مجلة «الإيكونومست»  بيليربرغ  بـ «النادي الأكثر قوة في العالم». إن قوته لم تتضاءل حتماً مع تعاقب العقود، وكذلك سريته. بالرغم من أنه بدأ باتحادات تجارية، وأشخاص ذوي نفوذ، فقد أراد  أن يكون مقنعاً. وفي أيامه الأخيرة، انتهى إلى قاعدة فاسدة من أصحاب المصارف, والملكية وصناعة السلاح والنفط وبارونات الإعلام، والنائب السابق روي ستيوارت, في تقليد لكيسنجر وبلير وكاميرون وأوسبرن وبالس وقد ضم الكثيرين معهم.

في العام 1943، وفي منتصف الطريق زمن الحرب, فإن نخبة القوة الأمريكية رأت أن هتلر كان في طريقه لخسارة الحرب العالمية الثانية, فبدأت «مجموعة دراسات الحرب والسلام» لمجلس العلاقات الخارجية، وبسرعة، بالتحضير لخطة مارشال لما بعد الحرب العالمية. لقد تم إعداد ميزانية ضخمة إلى جانب مكتب الدراسات الاستراتيجية، وذلك لتمويل سلسلة من النشاطات والتي ستضمن بأن لا يصوت الأوروبيون للشيوعيين، والاندماج اقتصادياً وثقافياً وسياسياً مع الولايات المتحدة للمستقبل المنظور .

النازي المولود من دم بريطاني!

ينتمي الأمير بيرنهارد، أمير هولندا، ورئيس عصبة بيليربرغ الأول، للأرستقراطية الألمانية. انضم إلى الحزب النازي في الجامعة، ومن ثم إلى قوات النخبة النازية. ولكنه تزوج ضمن العائلة المالكة الهولندية. إن بلاده، هولندا، قد تم اجتياحها من قبل أصدقائه النازيين القدامى في العام 1941, ولذلك  فر إلى بريطانيا، مع الملكة الهولندية فيلهيلمنا وزوجته الأميرة جوليانا.
ومع سنة 1944، كانت واحدة من أهم وظائف بيرنهارد مراقبة القواعد الهولندية في سباق التحرر في أيلول من ذلك العام الذي شهدته أجزاء كبيرة من هولندا. إن مجال عملية مونتغمري مارشال الجوية الجريئة, وهي الأضخم في التاريخ, تم تصويرها في فيلم سينمائي لكورونيلوس راين في العام 1977 «جسر بعيد جداً». وسميت بـ «حديقة السوق»، وكان الهدف منها إنهاء الحرب مع حلول عيد الميلاد .
كضابط اتصال  للخلاص القادم لمدينة أرنم, أرسل بيرنهارد، مسبقاً، جاسوساً هولندياً، وهو كريستيان ليندمانس, باسم مستعار «كينغ كونغ» قبل عشرة أيام وذلك لإعداد مقاتلين مقاومين من أجل اندفاع الحلفاء عبر ايدنهوفن ونيميغن، وعبر نهر الراين في أرنم. ولكن بدلاً من إجراء الاتصالات مع العمق الهولندي, فإن جاسوس بيرنهارد «كينغ كونغ» وجد بعض الجنود الألمان وطالب بأخذهم مباشرة إلى الدفاع  «أبفيهر». وهي وكالة الاستخبارات الألمانية . وهكذا، فإن مخططات الحلفاء للهجوم الجوي كانت بين يدي الأعداء، لأن عميل بيرنهارد القيم ليندمانس كان عميلاً مزدوجاً. لقد دمر كل عناصر المفاجأة الهامة التي أعدها الحلفاء.
تم اعتقال «كينغ كونغ» واستجوابه بعد الحرب من قبل البريطانيين، ولكن لم تسنح له الفرصة أبداً لإخبار قصته، لأنه وتحت الأوامر الهولندية تم ترحيله إلى ألمانيا، ومات في ظروف غامضة .
في يوم الأربعاء  20 سبتمبر من العام 1944، وبينما كانت القوات الجوية البريطانية من الفرق المظلية المتبقية، بقيادة العقيد جون فروست، قد نهشت من قبل قوات المدرعات النازية (ss. ) قامت دبابات حرس رمي القنابل جنباً إلى جنب مع القوات المظلية الأمريكية، والتي كانت قريبة لسوء الحظ, بتدمير آخر الدفاعات الألمانية على طريق نيميغن. ولسخرية القدر, لقد كان الضابط الشاب والذي ترأس أيضا لقاء بيليربرغ في وقت لاحق، اللورد بيتر كارينغتون, الذي كان يقود مجموعة قتالية من رماة القنابل لدبابات شيرمان حين استولوا على الجسر ما قبل الأخير. في الساعة الثامنة ذلك المساء, كان فقط على مسافة 20 دقيقة بالسيارة من تعزيزات فروست في جسر ارنم ومن النصر. ولكن، وعلى الرغم من أنه كان ما يزال لديهم ثماني ساعات أو ما شابه قبل أن يتم سقوط جسر أرنم نهائيا بيد الألمان, فقد توقفت  قوات كارينغتون، مصحوبة بالحرس الايرلندي بحوالي مئة من الدبابات، بشكل غير مفهوم, فوق جسر نيميغن تماماً في قرية لينت في استراحة مدتها 18 ساعة. وبعد الحرب، خاطب قائد القسم العاشر من مدرعات القوات الألمانية، الجنرال هانز هارمل  كارينغتون، ساخراً: «الدبابات البريطانية اقترفت خطأ عندما بقيت في لينت. لو أنهم تابعوا طريقهم لكان الأمر انقلب لصالحنا تماماً».
في سنة 1984، بعد أربعين عاماً, في لقاء جمع للشمل وقف على الجسر وضم قبضتيه وزأر بسؤال في الهواء للحراس: «هل تسمون هذا قتالا؟!»
الذهانيون يعودون دائما إلى موقع الجريمة
كما يجد الشخص المضطرب عقلياً نفسه مجبراً للرجوع إلى موقع الجريمة, فإن الأمير برنهارد عاد إلى أوستيربيك، لترأس اجتماع بيليربرغ الافتتاحي في العام 1954. المؤتمر الذي انتهى إلى توقيع معاهدة روما، والتي شكلت بداية الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC) بعد ثلاث سنوات.
مع الإحاطة بكل ما هو عظيم وجيد لما بعد الحرب العالمية، فإن الأمير لم يكن يأمل بأن يقوم أحدهم بالتدقيق في أسباب اختياره لأوستيربيك. في أفضل الأحوال كانت كما لو أنها طرفة, وفي أسوئها فإن المعركة قد انتهت. ومهما كانت نظرتك للأمر، بعد ستين عاماً, فإن الرسالة المشفرة من ذلك اللقاء الأول لبيلدربرغ، ينبغي أن تكون جلية لنا الآن. بعد عشر سنوات من الحرب, النازية عادت.

مشروع بيليربرغ خلال سبعين عاما على وشك الاكتمال

بعد مرور سبعين عاماً على مذبحة آرنم، وستين عاماً منذ مؤتمر بيلدربرغ الأول, فقد أصبحت الجماعة الأوروبية الاقتصادية (الاتحاد الأوربي). حيث أن حكم الأقلية الإقطاعية الجديدة للناتو، من أصحاب المصارف والشركات المتعددة الجنسية، تملك وتتحكم بكل الأحزاب السياسية الكبيرة، وكذلك الأمر بكل شيء يتحرك تقريباً في كلا الجانبين من الأطلنطي.
البعض يراها قادمة لا محالة: إنه ضابط النخبة النازية بول هاوسر, والذي أصبح رئيسا لـ (HIAG) وهي ما يسمى (رابطة المساعدة المتبادلة لأعضاء قوات النخبة النازية السابقة)، مجموعة المحاربين القدامى في قوات النخبة النازية الألمانية بعد الحرب, ادعى بأن «الوحدات الأجنبية من قوات النخبة النازية كانوا حقاً رواد جيش الناتو». آخرون ذكروا بالتفاصيل التحول النازي من الحالة العسكرية إلى الإمبراطورية المالية، بمن فيهم مراسل أخبار الـ سي بي اس (cbs) السابق، بول ماننغ، في كتابه عام 1981 «النازي مارتن بورمان في المنفى».
إن بيليربرغ في شكله الأخير، هو اتفاقية شراكة للاستثمار والتجارة العابرة للأطلسي. هذه الاتفاقية تجعل من صناديق الاقتراع أمراً عديم القيمة، من خلال جعل الشركات المتعددة الجنسية تغازل الحكومات، وقد تسمح ببعض الممارسات والمظاهر الخارجية من «الديمقراطية» لوسائل الإعلام، للخوض فيها في كل من أوروبا وأمريكا. أما الدول القومية، فستكون مجرد ولايات والمفوضية الأوروبية ستكون حكومة الولايات المتحدة غير المنتخبة لأوروبا. بينما المواطنون العاديون يصرخون للحصول على المعايير الأساسية اللائقة للعيش، كالمياه النظيفة والغذاء والمأوى والعناية الصحية والتدفئة والتوظيف الكامل, فإن وسائل الإعلام بالكاد تسمعهم، لأن هذه ليست طريقة بيليربرغ . وبدلاً من ذلك, فإن هؤلاء الفاشيين المخططين يغرقوننا في الدين, ويسرقون أوقات فراغنا ويهتكون أوقاتنا المتبقية للأولاد والعائلة والأصدقاء، ومن ثم يلوموننا على مطالبتنا بالقسمة العادلة لمكاسب مسيرة التطور البشري.