أزمة الرأسمالية: الخطة السرية من أجل عملة عالمية
أصدرت مجموعة الدول العشرين الكبرى (G20) في ختام اجتماعاتها بلندن، بياناً بتاريخ 2/4/2009 تضمن الإعلان عن عزم هذه الدول على السعي مجتمعة للخروج بالاقتصاد العالمي من حالة الكساد والحيلولة دون وقوع مثل هذه الأزمات مستقبلاً، وأعلنت الالتزام باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لاستعادة التدفقات الطبيعية للائتمان من خلال النظام المالي وضمان سلامة المؤسسات التي تلعب دوراً محورياً في هذا النظام، وأن تقوم دول مجموعة العشرين بتنفيذ سياساتها في إطار ما تم الاتفاق عليه بشأن استعادة أنشطة الإقراض وإصلاح القطاع المالي. وقد تم الاتفاق على إجراء تخصيص عام لوحدات حقوق السحب الخاصة، والذي يمكن من خلاله توفير سيولة للاقتصاد العالمي بنحو 250 بليون دولار.
بنك مركزي عالمي؟
هنا يثار التساؤل حول ما إذا كانت مجموعة الدول العشرين الكبرى (G20) تسعى إلى إنشاء بنك مركزي عالمي، وما هي الجهة التي يمكن أن تقوم بهذا الدور، والتي يمكن أن تتوافر لها السلطة لإصدار عملة عالمية، وأن تفرض سياسة نقدية على كل دول العالم.
عندما التقى مسؤولو البنوك المركزية في واشنطن في سبتمبر 2008، وقت حدوث الانهيار المالي، تناولوا بحث ماهية الكيان الذي يمكن له أن يقوم بدور البنك المركزي القادر على مواجهة هذه الأوضاع.. وقد ذكر محافظ بنك انجلترا أن الإجابة على هذا السؤال يمكن أن تتمثل في بنك التسويات الدولية (Bank for International Settlements – BIS). وأشار محافظ بنك انجلترا إلى أن صندوق النقد الدولي غالباً ما يوجه تحذيراته بشأن المشكلات الاقتصادية بأسلوب يتسم بالدبلوماسية، في حين أن بنك التسويات الدولية يتمتع باستقلالية أكبر وهو مؤهل بدرجة أكبر للاضطلاع بهذا الدور إذا توافرت له الصلاحيات التي تؤهله للقيام بذلك.
وإذا كانت الرؤية المتعلقة بإنشاء عملة عالمية بعيداً عن سيطرة الحكومات غير كافية لتهدئة مخاوف أصحاب نظرية المؤامرة، فإن إسناد جهة إصدارها إلى بنك التسويات الدولية من شأنه أن يهدئ من هذه المخاوف. وقد أنشئ بنك التسويات الدولية (BIS) في مدينة بازل بسويسرا في عام 1930. وقد عرف هذا البنك بأنه من أكثر المؤسسات فوق القومية التي تتمتع بالحصانة والسرية على المستوى العالمي. وكانت اتهامات قد وجهت إلى بنك التسويات الدولية بأنه كانت لديه ميول نازية خلال ثلاثينيات القرن الماضي. وقد تبنت الحكومة الأمريكية قراراً أثناء مؤتمر بريتون وودز يطالب بتصفية بنك التسويات الدولية، ونجح ممثلو البنوك المركزية الأوروبية في هذا المؤتمر في سحب القرار الأمريكي بهذا الشأن.
وقد كشفت كارول كويجلي في كتابها «In Tragedy and Hope: A History of the world in Our Time-1966) عن حقيقة الدور الذي يقوم به بنك التسويات الدولية في مجال التمويل الدولي. وقد عملت الدكتورة كويجلي أستاذاً للتاريخ في جامعة جورج تاون، وتعتبر المعلم الخاص للرئيس بيل كلنتون، كما عملت ضمن مجموعة المصرفيين الدوليين (International Bankers): وبرهنت على مصداقيتها من خلال تبنيها لأهداف هذه المجموعة، حيث كتبت تقول بأنها على علم بطبيعة المعاملات التي تجري من خلال بنك التسويات الدولية، وقامت بتتبعها على مدى 20 عاماً، و سُمح لها لمدة عامين في أوائل ستينات القرن الماضي أن تقوم بتفحص أوراقه وسجلاته السرية. وأوضحت الدكتورة كويجلي أنه ليس لديها اعتراض على الجانب الأكبر من هذه المعاملات وأغراضها وأدواتها. وتبقى نقطة الخلاف الأساسية حول الرغبة في إحاطة هذه المعاملات بالسرية، حيث يلعب هذا البنك دوراً مهماً في النظام المالي العالمي مما يستدعي التعرف على هذا الدور.
تشير كارول كويجلي إلى أن الرأسمالية المالية تسعى من خلال بسط نفوذها إلى تحقيق أهداف بعيدة المدى، ليس أقلها العمل على تكريس نظام عالمي للسيطرة المالية في أيد خاصة تكون قادرة على إخضاع النظام السيادي في كل بلد واقتصاد العالم ككل. إن مثل هذا النظام قد تشكل على النمط الإقطاعي بواسطة البنوك المركزية من خلال جهود منسقة على المستوى العالمي، وذلك من خلال اتفاقات سرية تم التوصل إليها عبر العديد من الاجتماعات والمؤتمرات الخاصة. ويمثل بنك التسويات الدولية رأس هذا النظام بإعتباره بنكاً خاصاً تمتلكه وتديره البنوك المركزية التي نشأت منذ البداية كمؤسسات خاصة. ويعتمد نجاحهم في هذا الصدد على مدى سيطرتهم وتأثيرهم على النظام النقدي في أي بلد في الوقت ذاته الذي تبدو فيه الأمور كما لو كانت تحت سيطرة الحكومة.
روتشيلد.. التحكم المالي التاريخي
يأتي ما ذكر سابقاً كصدى لما تم وضعه من أسس في القرن الثامن عشر على أيدي مؤسس أعرق العائلات المصرفية في العالم، وهو «ماير امشيل بور روتشيلد» الذي صرح في عام 1791 بالقول «دعوني أصدر وأتحكم في عملة بلد، ولن يهمني بعد ذلك أمر من يضع القوانين في ذلك البلد». أرسل ماير أبناءه الخمسة إلى أهم العواصم الرأسمالية في أوروبا وهي لندن وباريس وفينا وبرلين ونابولي. وكانت المهمة الأولى لكل منهم إنشاء نظام مصرفي يكون بمنأى عن سيطرة الحكومة، وبذلك تكون النظم الاقتصادية والسياسية في هذه الدول تحت سيطرة المصرفيين ولمصلحتهم بعيداً عن سيطرة مواطنيها. وعلى هذا الأساس، تم إنشاء بنوك مركزية مملوكة ملكية خاصة في كل بلد. وأصبح نظام البنوك المركزية هذا مسيطراً على اقتصادات العالم، حيث تتمتع البنوك المركزية بسلطة إصدار النقود، وتلجأ الحكومات إلى الاقتراض من البنوك المركزية لتسديد الديون المستحقة عليها وتمويل المعاملات الحكومية. ونتيجة لذلك، فإن الاقتصاد العالمي، بما فيه القطاع الصناعي والحكومة، يعتمد على الائتمان (أو الدين) الذي يوفره القطاع المصرفي بشكل احتكاري، تقوده شبكة من البنوك المركزية الخاصة، ويقوم على رأس هذه الشبكة بنك التسويات الدولية (BIS)، الذي يعتبر البنك المركزي للبنوك المركزية ومقره بازل بسويسرا.
حافظ بنك التسويات الدولية (BIS) على صورته في الظل لسنوات عديدة، وظل يقوم بأعماله متخذاً فندقاً معزولاً مقراً له. وفي ذلك المكان تم اتخاذ قرارات لتخفيض قيمة عملات أو الدفاع عن عملات، واتخاذ قرارات لتثبيت سعر الذهب، وتنظيم الأنشطة المصرفية فيما وراء البحار، ورفع أو خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وفي عام 1977، تخلى بنك التسويات الدولية عن أسلوب التستر في ممارسة أنشطته ليتحول إلى إدارة هذه الأنشطة من خلال مراكز أكثر كفاءة. ويشغل البنك حالياً مبنى يتكون من 18 طابقاً على شكل ناطحة سحاب دائرية، تشبه مفاعلاً نووياً أقيم في غير موضعه في (بازال)، ويتمتع بحصانة حكومية، ولا يدفع ضرائب، وله قوة بوليس خاصة به. وهو بالضبط كما أراده ماير روتشيلد، فوق القانون.
يتكون بنك التسويات الدولية من 55 دولة عضواً. ولكن الأعضاء (النادي) الذين يلتقون بصورة منتظمة في بازال هم أقل من ذلك بكثير. فداخل هذه المجموعة يوجد تدرج في المستويات (hierarchy)، والأعمال الحقيقية يجري إنجازها من خلال (نادي ضيق) يتكون من نصف دستة (ستة) من مسؤولي البنوك المركزية القوية جداً الذين يدركون أنهم في قارب نقدي واحد، وهم مسؤولو البنوك المركزية في كل من ألمانيا والولايات المتحدة وسويسرا وايطاليا واليابان وانجلترا.
وفي عام 1974 أنشأ محافظو البنوك المركزية في الدول العشر الكبرى (G10) لجنة بازال للرقابة المصرفية، والتي أصبحت الآن (G20). ويتولى بنك التسويات الدولية أمر تعيين الاثني عشر عضوا الذين يمثلون سكرتارية لجنة بازال للرقابة المصرفية. وتقوم هذه اللجنة بوضع القواعد المنظمة للأنشطة المصرفية على المستوى العالمي، ومن بينها ضوابط الاحتياطيات ومتطلبات رأس المال.
في عام 2003 كتب Joan Veon مقالاً بعنوان بنك التسويات الدولية يدعو إلى إنشاء عملة عالمية، وأشار في مقاله إلى أن بنك التسويات الدولية يمثل كياناً يلتقي من خلاله كل البنوك المركزية في العالم لتحليل الاقتصاد العالمي وتحديد مسارات العمل التي يمكن لهم من خلالها تكديس المزيد من الأموال في جيوبهم، حيث أنهم يتحكمون في كمية النقد المتداول ومستوى الفائدة التي تتحملها الحكومات والبنوك التي تلجأ إليها هذه الحكومات للاقتراض.
وعندما نكتشف أن بنك التسويات الدولية يمسك بخيوط النظام النقدي العالمي، ندرك أنه يقدر على خلق حالة من الازدهار المالي أو الأزمة في بلد معين، عندما لا ينفذ ذلك البلد ما يريده المقرضون، يعمدون إلى بيع عملة ذلك البلد.
فخ قبول الاقتراض
إن القواعد التي يضعها بنك التسويات الدولية هي فقط من أجل تقوية النظام المصرفي الخاص على المستوى العالمي، وحتى لو كان ذلك على حساب الاقتصادات الوطنية. وفي هذا الإطار يعمل كل من صندوق النقد الدولي والبنوك العالمية كفريق واحد، حيث تقوم البنوك العالمية بتقديم القروض إلى المقترضين في الأسواق الناشئة غير عابئة بما ينجم عن ذلك من أزمات الديون بالعملة الأجنبية، وعندئذ يأتي دور صندوق النقد الدولي (حامل الفيروس النقدي) ليوصي هذه الاقتصادات باتباع سياسات نقدية سليمة، ويتبع ذلك انقضاض البنوك العالمية كالجوارح المفترسة للاستثمار في تلك الاقتصادات في إطار ما يسمى بالإنقاذ المالي، حيث يتم الاستحواذ على البنوك الوطنية التي تم تصنيفها من بنك التسويات الدولية (BIS) بإعتبارها متعثرة ولا تلبي معايير كفاية رأس المال.
ومما يثير السخرية أن الدول النامية بما يتوافر لديها من موارد طبيعية لا تحتاج فعلياً إلى الاستثمار الأجنبي الذي أوقعهم في مصيدة الدين الخارجي. وإذا طبقنا نظرية الدولة في النقود، التي تقوم على افتراض أن الأمة ذات السيادة تكون لها السلطة لإصدار النقد، فإن أية حكومة تستطيع أن تمول بعملتها كل الاحتياجات التنموية المحلية لتحافظ على مستوى التشغيل الكامل دون ارتفاع معدل التضخم. وعندما تقع الحكومات في فخ القبول بالاقتراض بالعملات الأجنبية، تصبح عندئذ «دولاً مدينة» يحق لصندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية أن يطبقا على هذه الدول قواعدهما. وبموجب هذه القواعد تلتزم هذه الدول بتوجيه الإنتاج للتصدير حتى توفر النقد الأجنبي اللازم للوفاء بالالتزامات المترتبة على الدين الخارجي. وحيث أن البنوك الوطنية في هذه الدول قد اعُتبرت غير مستوفية لمعايير كفاية رأس المال فينبغي عليها أن تخضع لقيود أشبه بالشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي على الدول المدينة.
ومن أبرز القيود التي تُفرض على البنوك الوطنية في الدول المدينة، رفع متطلبات رأس المال، وشطب الديون، والتصفية وإعادة الهيكلة من خلال إجراء تخفيضات سعرية أو الإغلاق أو تقليل الحجم أو تخفيض التكلفة أو تجميد الإنفاق الرأسمالي. وفي هذا الخصوص، أكد هنري ليو على أنه وعلى عكس المنطق الذي يقتضي أن يؤدي النظام المصرفي السليم إلى التشغيل الكامل والنمو المقترن بالتنمية، فإن الالتزام بقواعد بنك التسويات الدولية (BIS) يؤدي إلى ارتفاع مستوى البطالة وتراجع مستويات التنمية في الاقتصادات النامية كجزاء عادل للحفاظ على نظام مصرفي سليم على المستوى العالمي.
في الوقت ذاته الذي تُعاقب فيه البنوك الوطنية في الدول النامية بسبب عدم استيفاء متطلبات رأس المال التي وضعها بنك التسويات الدولية، نجحت البنوك العالمية الكبرى في تجاوز هذه القواعد، وذلك على الرغم مما تتعرض له هذه البنوك من مخاطر هائلة بسبب الانكشاف الناتج عن المراكز المدينة للمشتقات المالية. وقد استطاعت البنوك العملاقة أن تجد مخرجاً تستطيع من خلاله أن تتحمل تكلفة أدنى لرؤوس الأموال من خلال الأنشطة التي لا تعكسها ميزانيات هذه البنوك، حيث تستطيع هذه البنوك أن تحصل على قروض لا تنعكس كالتزامات ضمن ميزانياتها، وذلك عن طريق إدماج هذه القروض في أوراق مالية لبيعها بخصم معين إلى مستثمرين، وذلك بعد فصل المخاطر المرتبطة بالتعثر عن سداد هذه القروض وبيعها أيضاً بخصم معين إلى مستثمرين آخرين، وذلك من خلال أداة من أدوات المشتقات المالية يطلق عليها اسم «عقود التبادل» لسد العجز في المراكز الدائنة.
التقييم على أساس السوق
ينبغي التنويه بأن البنوك الأمريكية لا يمكن لها أن تتفادى الالتزام بقواعد بنك التسويات الدولية بصورة تامة. فقد أدت الشكاوى بشأن وجود ثغرات فيما يتعلق بمقررات بازل إلى الإسراع بوضع مجموعة جديدة من القواعد التي أطلق عليها (بازالII)، والتي تضمنت وضع أساس لمتطلبات رأس المال لمواجهة مخاطر السوق وفقاً للمعيار المحاسبي «القيمة المحملة بالمخاطر». وقد تم التوصل إلى القواعد الجديدة في عام 2007، ولكنها لم تُفرض على البنوك الأمريكية حتى نوفمبر 2007، وهو الشهر التالي لوصول مؤشر داو جونز للأسهم الأمريكية إلى أعلى مستوى له في تاريخه، حيث تجاوز 14000 نقطة. وفي أول نوفمبر 2007 وافق (مكتب الرقابة على العملة) على تنفيذ مقررات بازال (II)، بعد إدخال التعديلات النهائية عليها في 15 نوفمبر 2007، وذلك ضمن حزمة معايير المحاسبة المالية (157 معيار) التي تبناها مجلس معايير المحاسبة المالية (FASB). وكان تأثير تطبيق هذه المعايير على البنوك الأمريكية مشابها لتأثير تطبيق معايير بازل على البنوك اليابانية، حيث دخلت البنوك الأمريكية في مرحلة الصراع من أجل البقاء منذ ذلك التاريخ.
بموجب قاعدة التقييم على أساس السوق فإن البنوك تكون مطالبة بتعديل قيمة الأدوات المالية المتداولة لتعكس سعر السوق لتلك الأدوات. وعلى الرغم من المزايا النظرية لتطبيق مثل هذه القاعدة، فإن المشكلة تكمن في توقيت هذا التطبيق، حيث تم تطبيقها بعد فوات الأوان، وانعكست بالتالي القيمة السوقية المتدنية للأصول على قيمتها في سجلات البنوك. وبموجب هذه الأوضاع، تحول المقرضون الذين كانوا يعتبرون أنفسهم ذوي ملاءة رأسمالية جيدة إلى معسرين. وفي هذا الخصوص، كتب المحلل المالي جون بيرلو في أكتوبر 2008 مشيرا إلى الأزمة المالية التي وصفوا انتشارها بإعتباره «عدوى الأنفلونزا الأمريكية» حيث أرجع انتشار العدوى إلى القواعد الدولية لمقررات بازل. وقد تم تطبيق القواعد نفسها من جانب الاتحاد الأوروبي، وأدت إلى تسارع الأزمة المالية أيضاً.
أدى فرض تطبيق قاعدة التقييم على أساس السوق على البنوك الأمريكية إلى تجميد قدرة هذه البنوك على تقديم الائتمان، وأدى ذلك بدوره إلى تراجع أداء الاقتصاد الأمريكي وغيره من اقتصادات الدول على المستوى العالمي. وفي نيسان 2009، بدأ مجلس معايير المحاسبة المالية (FASB) في تخفيف القيود المتعلقة بتطبيق قاعدة «تقييم الأصول على أساس سعر السوق، وذلك بفضل الضغوط التي مارسها بعض السياسيين ورجال المصارف، إلا أن هذه التغييرات لم تمس جوهر القواعد المحاسبية التي وضعها بنك التسويات الدولية ومجلس معايير المحاسبة المالية.
وفي تعليق رسمي من جانب بعض الاقتصاديين على مقررات لجنة بازل بخصوص الرقابة المصرفية، أشاروا إلى أن «مبدأ القيمة المرجحة» يمكن أن يزعزع استقرار الاقتصاد ويحدث انهيارات كان يمكن تجنبها إذا لم تطبق تلك المقررات. وقد دعا هؤلاء الاقتصاديون إلى التصدي للآثار السلبية لتطبيق مقررات اللجنة، وإعادة النظر فيها قبل فوات الأوان. ولم يستجب بنك التسويات الدولية لهذه المطالبات، بل أنه في ظل الخراب الواسع الذي نتج عن تطبيق القواعد التي وضعها بنك التسويات الدولية، وما أشار إليه بوضوح أصحاب نظرية المؤامرة، يبرز التساؤل: لماذا يقف بنك التسويات الدولية متفرجاً وهو يرى الاقتصاد العالمي ينهار، أم أن الهدف هو إحداث هذا الخراب الاقتصادي الكبير ليدفع العالم للارتماء بلا مقاومة بين ذراعي المنقذ الاقتصادي بعملته العالمية التي تستند إلى القواعد الخاصة التي أرساها؟.
مقتطفات من عرض لفصل من كتاب «الأزمة الاقتصاية العالمية: الكساد العظيم للقرن الحادي والعشرين» لمؤلفيه «ميشيل شوسودوفيسكى» و«أندرو جيفن مرشال»..
ترجمة: سامي عزيز جرجس