هل نشهد انطلاقة ثورة عالمية؟ شمال أفريقيا والصحوة السياسية العالمية (ج2)
في تموز 2010، أعلنت نتائج استطلاع دوليّ للرأي يتعلّق بالرأي العامّ في العالم العربي في مصر والسعودية والمغرب والأردن ولبنان والإمارات العربية المتحدة. من بين النتائج اللافتة: عبّر 51 بالمائة عن تفاؤلهم بسياسة واشنطن تجاه المنطقة في ربيع العام 2009 بعد وصول أوباما إلى الرئاسة. لكن هذا العدد انخفض إلى 16 بالمائة في صيف العام 2010. في العام 2009، أعلن 29 بالمائة أنّ إيران مزوّدة بأسلحة نووية سيكون لها تأثيرٌ إيجابي على المنطقة، وارتفع الرقم إلى 57 بالمائة في العام 2010، عاكساً اختلافاً بيّناً عن الموقف الرسمي للحكومات.
أندرو غيفن مارشال
وبينما تزعم واشنطن و«إسرائيل» وزعماء دول عربية أنّ إيران تشكّل التهديد الأكبر على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لا يوافق الشعب العربي على ذلك. أجاب الناس عن سؤال من هي الدولة التي تشكّل التهديد الأكبر على المنطقة، فقال 88 بالمائة: إسرائيل، و77 بالمائة قالوا الولايات المتحدة، و10 بالمائة قالوا إيران.
ما بعد الانتفاضة التونسية..
في القمّة الاقتصادية العربية التي انعقدت بعيد تنحية زين العابدين بن علي، الذي غاب للمرّة الأولى عن الاجتماعات، خيّمت الانتفاضة التونسية على الاجتماع. قال الأمين العامّ للجامعة العربية عمرو موسى في ملاحظاته الافتتاحية إنّ «الثورة التونسية ليست بعيدةً عنا»، وإنّ «المواطنين العرب يعيشون وضعاً لا سابق له من الغضب والإحباط»، ملاحظاً أنّ «الفقر والبطالة والركود العامّ حطّمت روح العرب». من غير الممكن فهم دلالة هذا «التهديد» على القادة العرب. فمن نحو 352 مليون عربي، هنالك 190 مليون تقلّ أعمارهم عن 24 عاماً، ثلاثة أرباعهم تقريباً عاطلون عن العمل. في أحوال كثيرة، لا يقدّم التعليم الذي تلقّاه هؤلاء الشباب أيّ فائدة لأنّه لا توجد فرصٌ للعمل في حقول تخصّصهم.
هنالك مقالةٌ في صحيفة هآرتس الإسرائيلية افترضت أنّ «إسرائيل قد تكون قاب قوسين أو أدنى من نشوب ثورة». كتب الكاتب موضحاً:
«راكمت منظمات المجتمع المدني في إسرائيل سلطةً معتبرةً عبر سنوات، ليس فقط ما يطلق عليه تسمية المنظمات اليسارية، بل كذلك منظّمات تعالج قضايا من قبيل الفقر وحقوق العمال والعنف الموجه للمرأة والأطفال، تشكّلت كلّها لملء الفجوات التي تخلّت عنها الدولة، والتي كانت سعيدةً من جانبها لمواصلة العمل بعيداً عن مشكلات تجد غيرها وقد اهتمّ بها. الإهمال كبيرٌ إلى درجة أنّ القطاع الثالث الإسرائيلي ـ المنظّمات غير الحكومية، منظمات التطوع والإحسان ـ هو الأكبر في العالم. لكنّها لا تملك إلاّ القليل من القوّة».
في الوقت الراهن، تريد الحكومة الإسرائيلية والكنيست استعادة تلك القوّة، مع أنّها وفق الكاتب «اختارت تجاهل الأسباب التي جعلت تلك المجموعات قوية»، أي: «مصدر قوّتها الفراغ، السياسات الإجرامية التي مارستها الحكومات الإسرائيلية خلال 40 عاماً، مصدر قوّتها حكومةٌ تتهرّب من واجباتها في رعاية مواطنيها وإنهاء الاحتلال، وكنيست يؤيّد الحكومة بدل أن يحاسبها».
قام الكنيست بفتح تحقيقات حول مصادر تمويل منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية في مناورة سياسية للالتفاف عليها. مع ذلك، وكما أوضحت مقالةٌ كتبها أستاذٌ إسرائيلي في هآرتس، تلعب هذه المجموعات فعلياً وعلى نحو غير مقصود دوراً في «تطويق الاحتلال». وكما يوضح الكاتب: «حتّى لو كان قصد المجموعات اليسارية التأكيد على مساندة الحقوق الفلسطينية، فالنتيجة غير المتعمّدة لأنشطتها هي الإبقاء على الاحتلال. فتخفيف وتقييد فاعلية الجيش يمنحه وجهاً أكثر إنسانيةً وشرعية. تخفيض ضغط المنظّمات الدولية إلى جانب تهدئة المقاومة الشعبية الفلسطينية يمكّن الجيش من مواصلة الإبقاء على طراز من السيطرة يدوم طويلاً».
إذاً، إن استطاع الكنيست التخلّص من تلك المنظّمات غير الحكومية القوية، فإنّها تهيّئ لانتزاع صمّام أمان في المناطق المحتلّة، احتمال احتجاجات داخلية هائلة داخل «إسرائيل» من اليسار، فضلاً عن احتمال انتفاضة أخرى في المناطق المحتلّة نفسها قد يتزايد على نحو مفاجئ.
فضائح «السلطة» الفلسطينية..
يعبّر الغرب وإسرائيل عن عدم استساغتهما لتحقيق ديمقراطية في المنطقة. حين عقدت انتخاباتٌ ديمقراطيةٌ في غزّة في العام 2006 وانتخبت حركة حماس، التي تراها إسرائيل وأمريكا خياراً خاطئاً، فرضت «إسرائيل» حصاراً قاسياً على غزّة. ريتشارد فولك، المفوض العام السابق للجنة التحقيق في حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية، كتب مقالةً للجزيرة أوضح فيها أنّ الحصار:
«قيّد على نحو غير مشروع إلى أدنى الحدود تدفّق الغذاء والدواء والوقود. يتواصل هذا الحصار اليوم، واضعاً أهالي غزّة في أكبر سجن مفتوح في العالم، وضحيةً لأكثر أشكال الاحتلال العسكري همجيةً في تاريخ الحروب».
يزيد الوضع توتراً في المناطق المحتلة تسريب «الوثائق الفلسطينية» التي تتضمّن عقدين من التوافقات الفلسطينية ـ الإسرائيلية السرّية، وتكشف الموقع التفاوضي المتهالك للسلطة الفلسطينية. تحتوي الوثائق على التنازلات الكبيرة التي كانت السلطة الفلسطينية تزمع القيام بها «حول قضايا حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين والتنازلات عن الأراضي والاعتراف بـ(إسرائيل)». من بين التسريبات، الموافقة السّرية للمفاوضين الفلسطينيين على التنازل بالكامل تقريباً عن القدس الشرقية. أكثر من ذلك، تمّ إبلاغ الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (الذي تفضّله إسرائيل وواشنطن على حماس) بالعدوان الإسرائيلي على غزّة في كانون الأوّل 2008 عشيّة عملية الرصاص المصبوب، التي أدّت إلى مقتل أكثر من ألف فلسطيني: «قيل إنّ المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين ناقشوا عمليات اغتيال ناشطين من حماس والجهاد الإسلامي في غزّة».
لاحقاً، طالبت حماس اللاجئين الفلسطينيين بالاحتجاج على التنازلات المتعلقة بحقّ عودة اللاجئين، والذي أذعن المفاوضون لسماح الإسرائيليين بعودة 100 ألف لاجئ من بين خمسة ملايين إلى فلسطين. انتحب سفير الولايات المتحدة السابق في إسرائيل ومصر: «يخشى أن يتسبّب ذلك في مزيد من المشكلات في التحرّك قدماً». مع ذلك، وبينما يكال اللوم على منع «مسار السلام» من التقدّم، تكشف الوثائق أنّ «مسار السلام» نفسه مجرّد أضحوكة. تستمدّ السلطة الفلسطينية سلطتها من السلطة التي تسمح لها «إسرائيل» بامتلاكها، وتتعزّز تلك السلطة بالطريقة التي يتمّ بها التعامل مع النخبة الفلسطينية في الداخل، وهو ما تفعله كلّ القوى الاستعمارية. ثمّ تكشف الوثائق كيف أنّ ما يطلق عليه تسمية السلطة الفلسطينية لا تعبّر عن مصالح الشعب الفلسطيني ولا تسعى إلى تحقيقها، وكيف أنّ ذلك سيزيد من الفرقة بين السلطة الفلسطينية وحماس، لاسيما أنّها موجودةٌ سابقاً. لاشكّ في أنّ نشر الوثائق سيزيد المصاعب التي تعترض «مسار السلام» على فرض أنّه مسار سلام حقيقيٌّ في المقام الأول.
مصر.. الثورة التي تشتعل بقوة
وصل الاضطراب إلى مصر، الملعب الشخصي للدكتاتور حسني مبارك الذي تدعمه الولايات المتحدة وتسلّحه منذ وصوله إلى السلطة في العام 1981. مصر هي الحليف الرئيس للولايات المتحدة في شمال إفريقيا، وكانت لقرون جوهرة الإمبراطوريات، العثمانية ثمّ البريطانية ثمّ الأمريكية. تعداد سكّانها 80 مليوناً، 60 بالمائة منهم تقلّ أعمارهم عن ثلاثين عاماً يشكّلون 90 بالمائة من البطالة في مصر. ويبدو أنّ الأوضاع في هذا البلد ناضجةٌ بما يكفي لتكرار ما حدث في تونس.
في 25 كانون الثاني 2011، عاشت مصر «يوم الغضب»، حيث خرج عشرات الألوف إلى الشوارع للاحتجاج على ارتفاع أسعار الغذاء والفساد والاضطهاد المتواصل منذ ثلاثين عاماً. نظّم المتظاهرون أنفسهم من خلال الوسائط الاجتماعية مثل التويتر والفيسبوك. حالما اندلعت الاحتجاجات، حجبت الحكومة مواقع تلك الوسائط، تماماً كما فعلت الحكومة التونسية في الأيام الأولى من الاحتجاجات التي انتهت بانهيار الدكتاتورية. وكما كتب أحد المعلّقين في الغارديان:
«مصر ليست تونس، إنّها أكبر.. ثمانون مليون نسمة مقارنةً بعشرة ملايين. تختلف جعرافياً وسياسياً واستراتيجياً، وهي القائد الطبيعي للعالم العربي وأكبر بلدانه من حيث تعداد السكّان، لكنّ الكثير من الشكاوى في الشارع متماثلة. لا تختلف تونس والقاهرة إلاّ من حيث الحجم. إن انفجرت مصر، سيكون الانفجار أكبر أيضاً».
في مصر، اجتمع تحالفٌ خاصٌّ من الطلبة والشباب العاطلين عن العمل والعمّال الصناعيين والمثقّفين ومشجّعي فرق كرة القدم والنساء، من خلال الوسائط الاجتماعية مثيراً سلسلةً من التظاهرات المتنقّلة والسريعة في مدن مصر الرئيسية. ردّت الشرطة بالعنف، وقتلت ثلاثة متظاهرين. بخروج عشرات الألوف من المحتجّين إلى الشوارع، شهدت مصر أكبر الاحتجاجات منذ عقود، إن لم يكن خلال مدّة حكم الرئيس مبارك. هل مصر على حافة ثورة؟ يبدو الوقت مبكرّراً للإجابة. يجب التذكير بأنّ مصر هي ثاني أكبر متلقّي للمساعدات العسكرية الأمريكية في العالم (بعد إسرائيل)، وبالتالي فدولتها البوليسية وأداتها العسكرية أكثر تقدّماً وأمناً من تونس. مع ذلك، من الواضح أنّ هنالك وضعاً مفعماً بالحياة. وكما قالت هيلاري كلينتون عشيّة الاحتجاجات، «تقديرنا أنّ الحكومة المصرية مستقرّة، وتبحث عن الوسائل التي تلبّي المطالب المشروعة للشعب المصري ومصالحه». (28) بكلمات أخرى، نواصل مساندة الاستبداد والدكتاتورية على حساب الديمقراطية والتحرّر. إذاً، ما الجديد في الأمر؟
وفق بعض التقديرات، خرج نحو 50 ألف متظاهر إلى شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس ومدن مصرية أخرى. جوبهت الاحتجاجات بالوحشية المعتادة: ضرب المحتجّين، إطلاق الغازات المسيلة للدموع، استخدام خراطيم المياه في تفريق المحتجّين. كما بدأت الصور والأفلام بالظهور خارج مصر، أظهرت اللقطات التلفزيونية المتظاهرين وهم يطاردون رجال الشرطة في الشوارع. أحد المحتجّين يتسلّق سيّارة إطفاء ويزيحها جانباً. في الليلة التي سبقت الاحتجاجات، انتشرت شائعاتٌ وتقارير غير مؤكّدة مفادها أنّ سيدة مصر الأولى سوزان مبارك قد تكون غادرت مصر جوّاً إلى لندن، تلتها شائعاتٌ تقول إنّ ابن مبارك والوريث المفترض هرب إلى لندن.
هل نتوجه إلى ثورة عالمية؟
خلال الطور الأوّل من الأزمة الاقتصادية العالمية في كانون الأول 2008، حذّر صندوق النقد الدولي الحكومات من مشهد «اضطرابات عنيفة في الشوارع». كما حذّر رئيس الصندوق من أنّ «احتجاجات عنيفةً قد تندلع في أرجاء العالم إن لم تعَد هيكلة النظام المالي لصالح الجميع بدل نخبة صغيرة».
في كانون الثاني 2009، أبلغ دينيس بلير، مدير الاستخبارات القومية وقتها، لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ أنّ التهديد الأعظم الذي يواجه الأمن القومي للولايات المتحدة ليس الإرهاب، بل الأزمة الاقتصادية العالمية:
«أودّ البدء بالأزمة الاقتصادية العالمية، لأنّها تلوح وكأنّها الأكثر خطراً منذ عقود، إن لم يكن منذ قرون... تفاقم الأزمات الاقتصادية خطر زعزعة النظم المهدّدة إن استمرّت لفترة عام أو عامين... وعدم الاستقرار قد يفكّك القبضة الهشّة التي يمسك بها العديد من البلدان النامية القانون والنظام، ما قد يؤثّر بوسائل خطيرة على المجتمع الدولي».
في العام 2007، نشر تقرير وزارة الدفاع البريطانية، والذي يقوم الاتجاهات العالمية في السنوات الثلاثين القادمة. في تقديرات «التباينات العالمي» يعلن التقرير أنّه خلال الأعوام الثلاثين القادمة:
«ستتزايد على الأرجح الفجوة بين الأغنياء والفقراء وسيظلّ الفقر المطلق تحدّياً عالمياً... التباينات في الثروة والامتيازات ستصبح بالتالي أكثر وضوحاً، مع ما يرافقها من المظالم والاستياءات، حتّى وسط الأعداد المتزايدة من الأشخاص المزدهرين مادياً أكثر من آبائهم وأجدادهم. سيغذّي الفقر المطلق والأضرار الملفّقة إدراك الظلم وسط أولئك الذين لا تبلغ توقّعاتهم حدود عدم الاستقرار والتوتّر المتزايد، سيتّخذ داخل المجتمعات وفيما بينها شكلاً عنفياً على هيئة فوضى وإجرام وإرهاب وتمرّد. وقد يؤدّي ذلك إلى انبعاث إيديولوجيات مناهضة للإمبريالية، مرتبطة ليس بحركات دينية أو فوضوية أو عدمية فحسب، بل بنزعات شعبوية وانبعاث الماركسية».
كذلك، حذّر التقرير من مخاطر تشكيل قوى انبعاث ثوريّ من الشرائح الوسطى الساخطة:
«يمكن أن تصبح الشرائح الوسطى طبقة ثورية، تأخذ على عاتقها الدور المفترض للبروليتاريا وفق النظرية الماركسية. عولمة أسواق العمل وتخفيض مستويات الثروة القومية والعمالة قد تضعف ارتباط الناس بطبقاتها المعتادة. كما أنّ الفجوة المتنامية بينهم وبين عدد محدود من فاحشي الثراء قد تغذّي التحرّر من أوهام الحكومة الفاضلة. ستشكّل الطبقات الحضرية المتزايدة تهديداً متصاعداً للنظام الاجتماعي والاستقرار، حين تبدأ أعباء الدين وعجز أموال التقاعد بالتفاعل. في مواجهة هذه التحدّيات ينبغي على الشرائح الوسطى في العالم أن تتّحد، مستخدمةً مداخل المعرفة والمصادر والمهارات لصياغة مسارات عابرة للقومية حمايةً لمصالحها الطبقية».
أزمة الرأسمالية.. والثورات العالمية!
بلغنا الآن نقطةً تجاوزت فيها الأزمة الاقتصادية سقف العامين. يبدأ الآن تلمّس المفاعيل الاجتماعية ـ عالمياً ـ نتيجةً لهذه الأزمة والردود المنسّقة عليها. حالما تضرب الأزمة الاقتصادية العالم الثالث، سيتمّ تلمّس أسوأ عواقبها السياسية والاجتماعية. في سياق الزيادات القياسية الحالية في تكاليف الغذاء، ستنتشر اضطرابات الغذاء في أرجاء العالم كما حدث في العامين 2007 و2008، قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية. مع ذلك، سيكون الوضع هذه المرّة أسوأ اقتصادياً، أدعى لليأس اجتماعياً، وأكثر جوراً سياسياً.
سينتشر هذا السخط المتنامي من العالم المتخلّف إلى أوطاننا المرفّهة في الغرب. حالما يتحقّق الإدراك المؤلم بأنّ الاقتصاد لا يتعافى، بل يزداد الكساد، وحالما تواصل حكوماتنا في الغرب دربها في تصفية المظاهر الديمقراطية والحقوق والحرّيات، وتصعّد من رقابتها وسيطرتها، وتروّج لنزعات الحروب والعدوان في سياساتها الخارجية حول العالم (غالباً في محاولة لقمع أو تحطيم النهوض العالمي القائم في أرجاء العالم)، سندرك في الغرب «أنّنا جميعاً توانسة».
في العام 1967، قال مارتن لوثر الابن في خطابه الشهير «ما بعد فيتنام»: «أنا على يقين من أنّنا لو اتّخذنا الجانب الصحيح من الثورة العالمية، لكان علينا جميعاً أن نخوض ثورةً جذريةً على صعيد القيم. يجب أن نبدأ التحوّل سريعاً من مجتمع (يُعنى بالأشياء) إلى مجتمع (يُعنى بالبشر). حين تعتبر الآلات والحواسب ودوافع الربح وحقوق الملكية أكثر أهميةً من البشر، فإنّنا لن نتمكّن من التغلّب على عملاق ثلاثي الأوجه: عنصرية ومادية ونزعة عسكرية».
سيركّز المقال التالي على ردّ الفعل الغربي تجاه «الصحوة» في هذه المنطقة، أي: الاستراتيجية المزدوجة في مساندة النظم القمعية وتشجيع «الدمقرطة» في مشروع مريب جديد، «إمبريالية ديمقراطية».
*أندرو غيفين مارشال باحثٌ مشاركٌ في مركز أبحاث العولمة، ساهم مع ميشيل شوسودوفسكي في تحرير كتاب «الأزمة الاقتصادية العالمية: الكساد الكبير في القرن الواحد والعشرين»، ويعمل حالياً على كتاب قادم بعنوان: «حكومة عالمية».