ما هي أهداف بيلدربرغ 2012؟
بدأ يوم 31 أيار 2012 في شانتيي (فرجينيا، الولايات المتحدة)، على بعد نحو أربعين كيلومتراً من البيت الأبيض، لقاء بيلدربرغ لهذا العام. تعرف حلقة بيلدربرغ نفسها دائماً بأنها «منتدى أوروبي ـ أمريكي»، وربما كانت تلك ميزتها الأساسية بالنسبة إلى المفوضية الثلاثية التي انعقد اجتماعها السنوي في طوكيو قبل ذلك بأكثر من شهر.
ترأس هنري دوكاستريس، رئيس مجلس إدارة آكسا، الاجتماع الذي ضم 145 مشاركاً في لقاء العام 2012 ومن المتوقع أن يدوم حتى يوم الأحد. في مقالٍ بتاريخ 31 أيار لصحيفة هفنغتون بوست عنوانه: «بيلدربرغ 2012: قادة العالم يجتمعون في لقاءٍ سري في فندق فرجينيا»، أشير إلى إجراءاتٍ أمنيةٍ لا سابق لها، في حين كتبت صحيفة الغارديان: «بيلدربرغ 2012: التكنوقراط ينهضون في هذا الاجتماع السنوي» وذكرت في الآن عينه نشاط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سي آي إيه في مواجهة تأسيس تجمع احتلوا بيلدربرغ. في 31 أيار أيضاً، نشر موقع دانييل استولين مذكرةً بعنوان «بيلدربرغ هو حقيقةٌ تآمرية» تحيل بدورها إلى مقابلة لهذا المؤلف مع موقع WND. غير أن وسائل الإعلام الفرنسية تبقى صامتةً إلى درجةٍ لا تصدق بصدد هذا اللقاء على الرغم من أن من يترأسه هو رئيس مجلس إدارة فرنسي نافذ، وهو صديقٌ شخصي لفرانسوا هولاند، ومن أن المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، «الاشتراكي» الفرنسي باسكال لامي، يشارك فيه بهذه الصفة. وكذلك آنوشه كارفار (CFDT، تيرا نوفا...). في الوقت عينه، نشرت المفوضية الأوروبية على الإنترنت "توصياتها لأجل الاستقرار والنمو والتوظيف" للفترة 2012-2013. من بين أعضاء هيئات الاتحاد الأوروبي المشاركين في لقاء بيلدربرغ 2012، نجد: نائب رئيس المفوضية الأوروبية والمفوض الأوروبي للتنافسية جواكين آلومنيا، المفوض الأوروبي للتجارة كاري ديغوشت، المفوضة الأوروبية المكلفة بالمجتمع الرقمي نيلي كرويس والأمين العام التنفيذي للإدارة الأوربية للنشاط الخارجي بيير فيمون. ما الذي سيناقش في بيلدربرغ في ما يتعلق بوضع بلدان الاتحاد الأوروبي؟ ما هي المصالح التي ستوجه هذا النقاش؟
في 31 أيار 2012، تبنت المفوضية الأوروبية مجموعةً من التوصيات الموجهة لكلٍ من البلدان الـ27 في الاتحاد الأوروبي وكذلك لمنطقة اليورو، بصدد السياسات الخاصة بالميزانية والسياسات الاقتصادية الوطنية في الفترة 2012-2013.
تستجيب التوصيات بالنسبة إلى كل بلدٍ من المفوضية لبرامج إصلاح الميزانيات والإصلاحات الاقتصادية التي قدمتها في مطلع العام 2012 كل حكومة للأشهر الاثني عشر القادمة.
وهي تأخذ بالحسبان الوضع الاقتصادي لكلٍ من بلدان الاتحاد الأوروبي وتصيغ توجهاتٍ نوعية لتنشيط النمو واستحداث الوظائف.
يظهر تقييمٌ شاملٌ للتقدم المنجز أنه أجريت إصلاحاتٌ بصدد الميزانية وفق الأولويات التي حددتها الدول الأعضاء الـ27. لقد قامت عدة بلدان بإصلاحاتٍ اقتصادية واسعة النطاق، تتضمن تحويلاتٍ بنيوية لأسواق العمل لديها. فضلاً عن ذلك، تقوم بلدانٌ عديدةٌ بإصلاح قطاعها المالي.
لكن ينبغي فعل المزيد، وبسرعة، في وجه الضعف الاقتصادي وحل أزمة الديون التي تضرب منطقة اليورو. على البلدان الأعضاء أن تتخذ مزيداً من الإجراءات لتشجيع النمو وتقليص البطالة. كذلك، ينبغي اتخاذ إجراءات إضافية لمساعدة الشباب على الحصول على عمل أو تأهيل.
النمو على المدى البعيد
لم تقم الدول الأعضاء بما يكفي للسماح للاتحاد الأوروبي ببلوغ الأهداف المحددة من حيث الوظائف والأبحاث والتنمية والتعليم ومكافحة الفقر.
عليها مضاعفة الجهود لفتح آفاقٍ تجارية جديدة واستغلال إمكانيات استحداث فرص عمل، لاسيما في قطاع الخدمات والطاقة والمجال الرقمي.
على الاتحاد الأوروبي تحسين مستوى تأهيل يدها العاملة، وضمان تعادلٍ أفضل بين الكفاءات وحاجات سوق العمل وتنشيط الابتكار. أخيراً، ينبغي اتخاذ مزيدٍ من الإجراءات لدعم التعافي الاقتصادي وإدارة عواقب الشيخوخة السكانية.
تندرج هذه التوصيات في إطار «الفصل الأوروبي»، وهي عمليةٌ سنويةٌ من ستة أشهر تتشاور أثناءها الحكومات الأوروبية مع بعضها بعضاً بصدد سياساتها في ما يتعلق بالميزانيات والاقتصاد.
كما قدمت المفوضية توصياتٍ لمنطقة اليورو في إطار هذه العملية.
انتهاء الفصل الأوروبي
سوف يجتمع المجلس الأوروبي يومي 28 و29 حزيران لتفحص التوصيات. وبعد إقرارها في شهر تموز، ينبغي على كل بلدٍ أن يدرجها في ميزانيته القومية وسياساته الاقتصادية للفترة 2012-2013.
بعد ذلك، ستتابع الدول الأعضاء تطبيق كل بلدٍ لتلك الإجراءات، وذلك عبر نظام تقييمٍ خارجي أقيم في إطار الفصل الأوروبي.
الاختبار السنوي للنمو - 2012
يوم الأحد 3 حزيران 2012، آخر يومٍ في لقاء بيلدربرغ للعام 2012، يتواصل الصمت الإعلامي الفرنسي. وفي حين تحلل صحيفة الإندبندنت هذا الاجتماع بعنوان «منظرو المؤامرة يلتقون بنخبة العالم»، لا نجد شيئاً مماثلاً في الصحافة الفرنسية. لماذا؟ هل لقاءات بيلدربرغ خالية من الأهمية؟ في هذه الحالة، لماذا يحضرها عددٌ من كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، مثلما أشرنا إليه في مقالنا: «ما هي أهداف بيلدربرغ 2012؟ (1)»؟
لابد من ملاحظة أن بيلدربرغ يجمع دائماً ممثلين من الصف الأول عن الأوساط المالية والصناعية والسياسية و«الإدارية» الأوروبية والأمريكية. هل نستطيع أن نزعم جدياً بأنه «لا شيء يجري» في مثل هذه اللقاءات ومنها لقاء العام 2012 الذي يضم حوالي 145 مدعواً؟ في الثالث من حزيران، أعلنت صحيفة لونوفيل أوبزرفاتور أن «سورية وإيران هما على جدول قمة الاتحاد الأوروبي وروسيا في سانت بطرسبورغ». وهي قمةٌ من المفترض أن تنعقد غداً، أي مباشرةً بعد لقاء بيلدربرغ 2012 الذي تشارك فيه بسمة قضماني، الناطقة باسم المجلس الوطني السوري وعضو مكتبه التنفيذي، ورئيس الجبهة المدنية الموحدة (معارضة) في روسيا غاري كاسباروف. هل هذه المشاركة غير ذات معنى؟
نلاحظ أيضاً من بين المشاركين في بيلدربرغ 2012 وجود توماس دونيلون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، وكيث ألكسندر، مديرة وكالة الأمن القومي الأمريكية. وهو «توجهٌ» قوي الدلالة ومعبرٌ في ما يخص محتوى مشاركة الهيئات الحكومية الأمريكية في بيلدربرغ 2012. وإذا كان لقاء شانتيي لا يفيد في شيء، لماذا قطع هؤلاء المسؤولون الرفيعون في الأمن القومي الأمريكي كل تلك المسافة؟
في الثالث من حزيران أيضاً، تتساءل مدونة قرننا:«بيلدربرغ 2012: هل الصحافة الفرنسية مكممة؟». يذكر المقال إمكانية وجود علاقةٍ بين هذا الصمت الإعلامي الفرنسي واقتراب الانتخابات التشريعية، حيث أن الرئيس الحالي للقاءات بيلدربرغ ورئيس مجلس إدارة شركة آكسا هنري دو كاستري معروفٌ بقربه من فرانسوا هولاند. وبالفعل، لم تتحدث أيٌ من وسائل الإعلام الفرنسية عن دور هنري دو كاستري على رأس لقاءات بيلدربرغ. وهذا أمرٌ يدعو إلى القلق الجدي بشأن شفافية السياسة الفرنسية والاحترام الفعلي لحقوق المواطنين في الحصول على معلوماتٍ حقيقية. لاحقاً، عند اقتراب مواعيد انتخابية مهمة.
البارحة، في مقالتنا على موقع ميديابارت بعنوان «بيلدربرغ، الرهانات والصمت الإعلامي الفرنسي...»، شجبنا أيضاً هذا الوضع الذي يبدو أنه، في الثالث من حزيران، لم يتطور قيد أنملة. في الوقت عينه، كتبت صحيفة لوفيغارو بدورها «لدى الاتحاد الأوروبي ثلاثة أشهر لإنقاذ اليورو (سوروس)»، محيلةً إلى تصريحات الملياردير جورج سوروس بصدد مستقبل اليونان والاتحاد الأوروبي واليورو. وهو موضوعٌ آخر، من المؤكد أنه جزءٌ من أولويات لقاء بيلدربرغ 2012.
في الثالث من حزيران، آخر أيام بيلدربرغ 2012 الذي بدأ يوم الخميس المنصرم، نقلت فوركس بروس عن وكالة الأنباء الفرنسية «’خطة إجمالية‘ قيد التحضير لإخراج منطقة اليورو من الأزمة».
لكن هل «التقشف» المزعوم البادي للعيان مستقلٌ عن نفقات «أوروبا عسكرية» يبدو أن زعماء الولايات المتحدة يطالبون بها لأسبابٍ مالية والتي يدعمها جان لوك ميلنشون، ويا للمفارقة؟ (http://www.youtube.com/watch?v=rv-sUJUp0Qw)
في الثالث من حزيران أيضاً، كرر موقع هيرالد نت (التابع لصحيفة ديلي هيرالد) التساؤل التالي: «مؤتمر بيلدربرغ: هل هو جمعية سرية عالمية قوية؟»، في حين عبر بانغور ديلي نيوز عنه بدوره على الشكل التالي: «هل بيلدربرغ مؤتمر حول الشؤون العالمية أم أنه جمعية سرية؟». لكن هل نستطيع حقاً المقابلة بين هذين المفهومين، طالما أن الأمر يتعلق باجتماعٍ خارج المؤسسات، يتضمن أكثر من مائة مسؤولٍ من أعلى المستويات من جميع قطاعات النشاط في أوروبا والولايات المتحدة؟
الأمور تبدو أبسط بكثير في الصحافة وفي العالم السياسي الفرنسي. يكفي عدم التحدث عن ذلك. وكلما طرحنا أسئلةً أقل، كلما كان ذلك أفضل. على كل حال، من وجهة نظر «نخبنا». إنها مقاربةٌ فولتيرية إلى أبعد الحدود.
كان فولتير يعتقد أن «حثالة الشعب» لا تميل إلى التعلم. انظر على سبيل المثال إحدى رسائله إلى إتيين نويل داميلافيل، التي ذكرنا بها في مقالتنا «رسالة فولتير إلى داميلافيل بتاريخ الأول من نيسان 1766». هل يتم حقاً التعامل مع الناخبين الفرنسيين الحاليين بطريقةٍ مغايرةٍ جذرياً فيما يخص المعلومات المتعلقة بالمواطنة؟
الحوكمة الاقتصادية
لقد أبرزت الأزمة مشكلاتٍ أساسيةً وتطوراتٍ لا يمكن تحملها في عددٍ كبيرٍ من البلدان الأوروبية. كما أنها ذكرت مقدار اعتماد الاقتصادات في بلدان الاتحاد الأوروبي على بعضها. سوف يساعدنا التنسيق المعزز للسياسات الاقتصادية في مجمل الاتحاد الأوروبي في التغلب على هذه المشكلات وفي تحفيزٍ طويل الأمد للنمو ولاستحداث الوظائف.
تستند الحوكمة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي إلى ثلاثة أسس:
• برنامج اقتصادي معزز يخضع لمراقبةٍ أكثر صرامة. يتضمن هذا الجانب تحديد الأولويات والأهداف المشتركة في إطار استراتيجية أوروبا للعام 2020؛ التزامات إضافية من الدول الأعضاء المشاركة في "الميثاق من أجل أوروبا المضافة"؛ مراقبة أكثر صرامةً للسياسات الاقتصادية والخاصة بالميزانيات في إطار ميثاق الاستقرار والنمو والأدوات الجديدة الخاصة بمكافحة زعزعة استقرار الاقتصادات الكلية؛ أسلوب جديد للعمل، «الفصل الأوروبي»، الذي يسمح بمناقشة الأولويات الاقتصادية والخاصة بالميزانيات في الفترة نفسها في كل عام.
• العمل على الحفاظ على استقرار منطقة اليورو. في العام 2010، صدر عن الاتحاد الأوروبي رد فعلٍ على أزمة الديون السيادية بإنشاء آلياتٍ مؤقتة لدعم دولها الأعضاء، ستحل محلها في العام 2013 الآلية الأوروبية للاستقرار (MES). وتخضع إجراءات الدعم المقترحة، التي تم تطويرها بالتعاون الوثيق مع صندوق النقد الدولي، إلى تطبيق برامج صارمة للإصلاح ولتعزيز الميزانيات.
• العمل على النهوض بالقطاع المصرفي، مثلما سنشرح أدناه.
تجدون أدناه عرضاً للملامح الرئيسة لهذه الحوكمة الاقتصادية الأوروبية الجديدة.
من الواضح أن إحدى الأولويات الرئيسية للقاء بيلدربرغ الحالي تتعلق بتعميق هذه السياسة، بالصلة مع «أوروبا العسكرية» ومع تدخلٍ محتملٍ في سورية. لكن في هذه الحالة، لماذا هذا الصمت الإعلامي من الجانب الفرنسي؟
في مجال اللغة البرتغالية، نرى ملاحظةً صدرت عن وكالة EFE بتاريخ السبت وبعنوان: «Influente, discreto e poderoso, Clube Bilderberg se reúne neste fim de semana ». لماذا إذاً مثل هذا «الاستثناء الفرنسي»؟
صحيحٌ أنه يبدو وكأن أعضاء الحكومة الحالية لا يحبون إطلاقاً أن يتم «تحريك» معلوماتٍ معينة مثل تلك الخاصة بلقاءات بيلدربرغ. انظر على سبيل المثال المقابلة التالية مع مانويل فالز قبل أربع سنوات
ما الذي يمكن أن تكونه خصوصية اجتماع بيلدربرغ 2012 الذي تصمت عنه منهجياً وسائل الإعلام الفرنسية؟ لابد من ملاحظة أن رئيسه والرئيس الحالي للجنة الدائمة للقاءات بيلدربرغ، ليس سوى رئيس مجلس إدارة آكسا هنري دو كاستري. نجد أيضاً في هذه اللجنة فرنسياً آخر: نيكولا بافيريز.
المشاركون الآخرون في لقاء بيلدربرغ الحالي هم: السيناتور عن الاتحاد من أجل حركة شعبية UMP ورئيس المجلس العام لمنطقة مين واللوار كريستوف بيشو؛ رئيس مجلس إدارة سان غوبان بيير أندريه دو شالندار؛ مدير صحيفة لوموند إيريك إيزرائيليفيتش؛ أنوشه كارفار (سيه إف ديه تيه، تيرا نوفا...)، مفتشة في IGAS؛ باسكال لامي، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية؛ رئيس المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية IFRI تييري دو مونبريال؛ جان دومينيك سينار، المدير العام لمجموعة ميشلان؛ والدبلوماسي الفرنسي بيير فيمون، السكرتير العام الإداري للدائرة الأوروبية للنشاط الخارجي (SEAE).
أما رئيس بيلدربرغ هنري دو كاستري، فقد امتنعت وسائل الإعلام الفرنسية عن الإشارة إلى دوره في اللجنة الدائمة للقاءات بيلدربرغ حين ذكرت قربه من فرانسوا هولاند. على سبيل المثال، في مقالات «فرانسوا هولاند: أصحاب الأعمال الذين يعرفهم من أيام المدرسة» (صحيفة النت)، «ترويج فولتير قيد العمل لوباريزيان «هؤلاء الاقتصاديون وأرباب الأعمال الذين يدعمون فرانسوا هولاند (شالنج)، «فرانسوا هولاند، شبكته بين صفوف أرباب الأعمال» (لكسبانسيون)، إلخ... مع أنها معلومةٌ كانت حريةً بأن تهم القراء، ولا نستطيع سوى أن نأسف لمثل هذا الحذف.
لكن لماذا هذا الصمت حتى اليوم، أثناء انعقاد لقاء بيلدربرغ وقبل أسبوع من الدور الأول للانتخابات التشريعية؟