العرب.. والهجرة خارج الصعاب
نمر محمد الذيب نمر محمد الذيب

العرب.. والهجرة خارج الصعاب

الهجرة الخارجية مشكلة كبيرة تتزايد وتيرتها في معظم البلدان العربية، وتشكّل في الحقيقة معاناة كبيرة يعيشها المهاجرون، سواء كانت وجهتهم إلى العالم الغربي أم العالم العربي، وأياً كانت جهة هذه الهجرات فإن أسبابها إما أن تكون سياسية أو اقتصادية أو نتيجة للكوارث والحروب التي غالباً ما تعصف ببلدان المنطقة، ما يضطر كثيراً من سكانها إلى ترك أوطانهم والنزوح إلى بلاد غريبة لتحسين أوضاعهم المعيشية والاقتصادية أو أحياناً طلب اللجوء الإنساني وحتى السياسي في البلدان التي هاجروا إليها.

إن التعامل مع حالة الهجرة يجب أن يأخذ أنماطاً جديدة تراعي الظروف الخاصة بالمهاجرين المهددين بالانفصال عن تراثهم وقيمهم، وذلك بأخذ الأعلام العربي لدوره في إبقاء جسور التواصل قائمة بين المهاجرين وذويهم، وكذلك مد يد العون لهؤلاء المهاجرين وتحفيزهم على تفعيل طاقاتهم العملية والنفسية في خدمة أهداف أوطانهم وشعوبهم.

من أبرز الهجرات العربية في وقتنا الراهن هي هجرة إخواننا في السودان إلى كافة أنحاء العالم، وهذه الهجرة تشكل أزمة كبيرة على اللاجئين السودانيين وهي هجرات بعضها شرعي وبعضها الآخر غير شرعي كما أوضح السيد علي الصادق الناطق باسم وزارة الخارجية في السودان حين أشار إلى أن موجة الهجرة الأولى كانت خلال حرب الجنوب، والثانية جاءت بعد اندلاع مشكلة دارفور وقال: إن معظم اللاجئين في الفترة الأخيرة يمكن أن نطلق عليهم «اللاجئين الاقتصاديين»، فبعضهم أتخذ مشكلة دارفور ذريعة للجوء لدولة أخرى، كدول الاتحاد الأوروبي و«إسرائيل»، وتم تصنيفهم هناك كلاجئين اقتصاديين.

كذلك قضية المهجرين العراقيين من أسرع أزمات اللاجئين تصاعداً في العالم، وذلك وفقاً لوصف المنظمة الدولية للهجرة التي قالت: إن خمسة ملايين عراقي هاجروا من منازلهم منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، وهذا يمثل نصف أعداد النازحين المهجرين في العالم حسب بيان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الصادرة في 18/6/2007.

إن مشكلة المهاجرين والمهجرين مشكلة كبيرة تواجه العراق فالأسباب التي دفعت الملايين إلى الهجرة، ومهما اختلفنا في تحديد جذورها وتشخيص المسؤول عنها وتباين الآراء بصددها، تبقى خطيرة، ووفقاً للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن العراق احتل المرتبة الأولى بين أربعين دولة بالنسبة لعدد طالبي اللجوء السياسي في الدول الأوربية حيث بلغ عدد العراقيين الذين حصلوا على حق اللجوء خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2007 /8200/ لاجئ، وقدرت المفوضية أن أكثر من /365000/ عراقي أجبروا على مغادرة منازلهم خلال عام 2007، مشيرةً إلى أن المهاجرين يعانون العوز والبطالة والمرض والتشرد وضياع فرص التعليم، ويضاف إلى ذلك ضعف الصلة بالوطن ونتائج ذلك من ضعف القدرة على التواصل باللغة الأم وما يليه من الإحباطات النفسية والصحية التي تثقل كاهلهم في بلاد المهجر.

في ظل ازدياد الهجرة العربية، سواء هجرات خارج الوطن الأم أو داخله، ننادي بالحد من تلك الهجرات بإيجاد الحلول المناسبة وتظافر جهود لدول العربية من أمن وإدارة أهلية وشؤون اجتماعية وصحة وتربية وتعليم ومواطن.. كذلك لابد من تضافر الجهود الدولية والمنظمات الإنسانية بالسهر على التطبيق الدقيق للقانون الدولي الإنساني ومراقبة تنفيذ الدول التزاماتها بموجبه.