بصراحة .. تصريحاتٌ لا تُسمن ولا تُغني من جوعٍ
ترتفع وتيرة التصريحات التي يطلقها المسؤولون عبر وسائل الإعلام المختلفة، بتحسين الوضع المعيشي لعموم الفقراء، ومنهم العمال، استناداً بشكل أساسي على ما سيأتي من مساعدات وهِبات من الدول المختلفة، وخاصة دول الخليج، بالإضافة لعدد من الإجراءات، منها: خفض الأسعار، وتعديل التعويضات المختلفة للعمال، وتعديل الحوافز الإنتاجية. وجرى التشديد على ذلك من قبل النقابات في اجتماعاتها المختلفة، وفي المذكرات التي أرسلتها للحكومة. ولكن لم يَنلِ العمالُ من كل تلك الجهود المتواضعة التي قامت بها النقابات والوعود التي أطلقتها- خاصة أثناء الوقفات الاحتجاجية التي قام بها العمال، احتجاجاً على تسريحهم- أيَّ شيء يذكر، وبقي الحال على ما هو تقريباً، بالرغم من الزيادة الأخيرة على الأجور، بل أخذ يسير نحو الأسوأ، وبقيت الأمور في إطار القول لا الفعل، لأنّ القاعدة الإنتاجيّة الأساسية التي يمكن أن تغيّر واقع العمال إلى حالٍ أفضل، أي المعامل، مصابةٌ بالشلل، أو التعطّل الكامل سواء في القطاع العام أو الخاص، فكلاهما تتدهور أوضاعهما.
العمال يطرحون في مجالسهم سؤالاً مفاده: لماذا تَصدُق الحكومةُ في وعودها والتزاماتها تجاه أصحاب الأموال وأصحاب النعم، وتغدق عليهم ليزدادوا نعماً وثروة، ولا تَصدُق بوعودها معنا نحن العمال؟ أيْ عندما نحشرهم في الزاوية بمطالبنا المشروعة يتحدثون عن تحسين معيشتنا محاولين إقناعنا بصدق نواياهم- مجرد نوايا فقط- من أجل زيادة أجورنا، أو تعديل حوافزنا الإنتاجية، وغيرها من القضايا المرتبطة مباشرة في إخراج وضعنا المعيشي من عنق الزجاجة.
الحكومة تعمل كل ما يجعل الناهبين المغتنين يغتنون أكثر، والمفقرين يزدادون فقراً، ابتداءً من إلغاء الدعم نهائياً، وليس انتهاءً برفع الأسعار المتواصل.
العمّال في مجالسهم يتساءلون عن سبب فقرهم، والآن عن سبب جوعهم، ومجرد طرحهم لهذا السؤال يعني اقترابهم من وعي الحقيقة المرّة، التي أوصلتهم إليها آلة النهب والاستغلال، وعي مصالحهم ومصدر شقائهم، وبالتالي، لا بدّ من ابتداع أدواتهم التي ستجعلهم قادرين على رسم معالم طريق تحصيل حقوقهم المنهوبة، أي إنهم سيكتشفون من خارجهم، ومن تجربتهم، قوانين الصراع مع من يستغلهم ومن يوصلهم إلى حافة الجوع، ومن يحاول أن يجعل فقرهم وجوعهم أبدياً، وهذا لن يطول، لأنّ درجة الضغط على معيشتهم عالية، ودرجة النهب والمنع لحقوقهم أصبحت مركَّزة بشكلٍ عالٍ، وأصبح يقرّ بها القاصي والداني، ولم تعد تفيد كل الكلمات المعسولة عن تحسين أوضاعهم، التي تقال لهم دون خطوات ملموسة ومحسوسة يقتنع بها العمال، وإلّا فإن قانون الصراع دفاعاً عن المصالح سيكون حاضراً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1248