الاتحاد العام لنقابات العمّال يعلن الحوار ويدعو إليه

الاتحاد العام لنقابات العمّال يعلن الحوار ويدعو إليه

في مبادرة نقابية إيجابية، نشرت صفحات التواصل الاجتماعي التابعة للاتحاد العام لنقابات العمال استبياناً خاصاً بمشروع قانون الخدمة المدنية، متبعاً أسلوب السؤال الواحد المفتوح، حيث تضمن أربعة أسئلة: ثلاثة منها تتعلق بالمعلومات الشخصية للمستبيَن كاسمه الثلاثي والجهة التي يعمل بها ومسمَّاه الوظيفي، فيما كان الرابع منها «رأيك يهمنا شاركنا باقتراحاتك وتوصياتك أو استفساراتك». ونوّه الاتحاد في منشوره حرصه على إشراك العمال والنقابيين بالرأي بما يخص القانون المزمع إطلاقه وفق مصادر حكومية في القريب العاجل.

– المكتب العمالي النقابي

وأُلحِقَ المنشور بدعوة لندوة حوارية تعزّز دور الاتحاد العام في إصلاح القوانين الناظمة للعمل الحكومي، معلناً إطلاق حوار حول الرؤية الجديدة للوظيفة العامّة في سورية. ووفق المنشور، فإنَّ هدف ندوة الحوار تعزيز صياغة مشروع القانون وبلورة مقترحات المنظَّمة وتأكيد دورها في صياغة مشاريع القوانين، ممّا يرفع كفاءة القيادات النقابية ويحقِّق مصلحةَ العامل وبيئة العمل. ولم يحدّد تاريخ الندوة، أو يوضّح فيما إذا كانت ستسبق إصدارَ مشروع القانون أم تليه. وبغض النظر عن التاريخ الذي سيحدّد للحوار وفق رؤية المنظِّمين، فإنه يأتي ضمن إطار المطالبات العديدة التي صدرت عن جهات عديدة تطالب بضرورة فتح مسارات الحوار بين مختلف الهيئات النقابية والتكتلات العمّالية والقوى المجتمعية والسياسية المعنية بالاقتصاد والطبقة العاملة، ومنها جريدة قاسيون التي كتبت وطالبت عشرات المرَّات بضرورة فتح الحوار وتحقيق أوسع مشاركة بدءاً من القواعد العمالية؛ آخرها مقال في العدد السابق 1245 تحت عنوان «بانتظار صدور مشروع قانون العمل الجديد وطرحه للنقاش العام». وهذا ما يجب أن تستغله النقابات في كل الاتحادات، ريثما يحدد موعد ندوة الحوار، فالمفترض أن تطلق ورشات عمل عمالية تناقش فيها قانون العمل السابق ومشروع القانون اللاحق، وحمل مخرجات الورشات إلى الحوار مع تمثيل عمالي وازن بها.

مضمون الحوار ونتائجه معيار الجدية والتمثيل الحقيقي

تُحسب للاتحاد العام استجابته لدعوات الحوار، وتُعتبر هذه الخطوة بالاتجاه الصحيح، على أنْ تتبعها حوارات دائمة ومستمرة، فالقضايا المتراكمة التي تحتاج لهذا النوع من الحوار والمتابعة لا تنتهي. فها قد أُعلن عن تشكيل لجنة صياغة مشروعٍ للتأمينات الاجتماعية، وعمّا قريب سيبدأ الحديث عن ضرورة إعادة النظر بقانون التنظيم النقابي وقانون العمل رقم 17، كون القانونين مترابطَين وبينهما عشرات التقاطعات، والتي تفرض العمل عليها جميعاً كي تنسجم مع بعضها بعضاً. وما إن تنتهي الحوارات والندوات الخاصة بالتشريع والقانون، حتى ننتقل لملفات وقضايا أخرى تجعل من الحوار وسيلةً من وسائل إصلاح البنية التنظيمية للمنظمة من جهة، وتساهم في استعادة دور التنظيم النقابي وسائر الحركة النقابية في الحياة السياسية والمجتمعية من جهة أخرى.

ولا نريد أن نفسد فرحة هذه المبادرة، ولكن على مبدأ «صديقك من صدقك»، وحرصاً على تلافي الاكتفاء بالحوار كشكل بعيداً عن المضمون والنتائج، وخوفاً من اقتصاره على الشعارات والاستعراض (تريندات)، فلا بد من التركيز على مضمون الحوار ومخرجاته والالتزام بها كنهج وبرنامج نضالي يتناسب مع التركيبة العضوية للنقابات منذ نشوئها. فمضمون ونتائج أي حوار هما معيار جديته، وهما من يعطيان الجهة الداعية له أحقية تمثيلها وجوهر وجودها. لذلك لا بد من الإعداد الجيّد، وتسهيل وصول كلّ رأي لقاعة الحوار، والإنصات جيداً بعيداً عن الاحتكار النخبوي والسلطوي، وأنْ تُوضَع آلياتٌ علمية ومدروسة تضمن الالتزام بمخرجات الحوار دون انتقاء أو اختزال أو وصاية، وإلّا سيفقد الحوارُ معناه وتتبخَّر غاياتُه، وهذا يهدِّد بتوسيع الهوّة القائمة ما بين المنظمة والعُمَّال، وهذا ما لا يريده أيُّ نقابيٍّ يفقه دورَه ويُلزِمُ نفسَه بالقضية العمّالية المحقّة. وإذا ما نجحت المنظمة بقيادة الحوار لنتائج ومخرجات تعبِّر عن روح الطبقة العاملة ومصالحها، فإنها ستكون قد أفلحت بالعودة لدورها النضالي الطبقي، وساهمت بوحدة الطبقة العاملة وتوحيد برنامجها وتمكين حواملها لما فيه خير العُمّال والوطن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1246