من يحمي قطاع الدولة
المال العام هو ملكٌ للمجتمع بأفراده كافّة، وليس ملكاً لأفراد أو مجموعة من الأفراد في المجتمع. ومهمّة سلطات الدولة بكل أجهزتها الإشراف عليه وحسن إدارته وتطويره للصالح العام. وهي مسؤولة على حمايته والحفاظ عليه وعدم التفريط به تحت أي ظرف كان أمام المجتمع، باعتبارها راعية للمجتمع، مهما كان شكلها سواء كانت هذه السلطات مؤقتة، أو انتقالية أو غير ذلك من المسمَّيات.
ويتضمن المال العام الثروات الطبيعة والمنشآت والمؤسسات الصناعية منها أو الزراعية، والمرافق العامة في البلاد. وفي الحروب أو الأزمات التي تتعرض لها البلاد، تعتبر حماية هذه الثروات والمنشآت والمؤسسات من المهمّات الوطنية الكبرى على عاتق الحكومة، أيّاً كان شكلها، فمن واجباتها الأساسية القيام بذلك. وكذلك من مهمات المنظَّمات الشعبية المختلفة، وخاصّة النقابات العمّالية، والقوى السياسية والمجتمعية، التي تمثل الطبقة الأوسع في المجتمع، مراقبة أداء الحكومة في حماية الأموال العامة ومنعها من التفريط بهذا المال أو إساءة استخدامه. والدفاع عن هذه المصالح بوصفِهم أفراداً في هذا المجتمع وأصحاباً للمال العام، وليسوا شركاء للحكومة في وظيفتها ومهمّتها المنوطة بها المتعلقة بإداراتها للمال العام وإعادة توزيعه بشكلٍ يحقق العدالة الاجتماعية. وذلك باستخدام كل الطرق والأساليب التي ضمنتها الشرائع الدولية والوطنية، بما فيها التظاهرات والإضرابات ضمانةً لحق المجتمع أفراده كافةً.
إدارة المال العام
وفقاً لجوهر إدارة الأموال العامة، تحدَّد واجبات الرعاية والحماية الاقتصادية والاجتماعية من جانب هذه الحكومات، أيّاً كان شكلها كما ذكرنا آنفاً، من خلال الاستخدام الأمثل لهذه المؤسسات والمنشآت الصناعية المختلفة والزراعية، والمرافق وتطويرها، والتي منها قطاع الكهرباء والاتصالات والمياه والقطاع الصحي العام والأموال العامة، وذلك بزيادة الدخل الوطني وانعكاسه المباشر على كلّ العاملين بأجر، عن طريق زيادة نسب النمو بالاستثمار الأكبر في القطاعات الإنتاجية، من صناعة وزراعة وتقديم الدعم اللازم لها، وليس بيعها أو تأجيرها سواء لأفرادٍ أو شركات خاصّة، محلّية أو عابرة للحدود الوطنية، ومن جهة أخرى رفع الحدّ الأدنى للأجور، وذلك بما يوازي المتوسط لتكاليف المعيشة، أو على الأقل الحد الأدنى لتكاليف المعيشة، الذي يؤدّي بطبيعة الحال لرفع مستوى معيشة المواطنين وخاصة العاملين بأجر. وأنْ يعطَى كلُّ عاملٍ أجراً عادلاً حسب نوعية العمل ومردوده، على ألّا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُّرها. ولكي يؤدي المال العام وظيفته الاقتصادية والاجتماعية وجب على هذه الحكومة أو تلك تأمين كل ضروريات والمنشآت في مختلف نواحي النشاط الاقتصادي والاجتماعي، بما يضمن الحماية اللازمة والضرورية من الأخطار والحوادث، أو تعطيل الإنتاج وذلك عبر تطوير أدوات الإنتاج وتوفير مستلزماتها كافةً مِن مواد أولية وتأمين اليد العاملة لعملية الإنتاج، لا أن تقوم بخصخصتها أو بيعها تحت مسمّيات تضليلية.
متابعة سياسات السلطة الهاربة
لقد باتت عملية التطور الصناعي والتقدم التكنولوجي ضرورةً رئيسيّة للثروة، فهي من الضروريّات التي لا يمكن الاستغناء عنها، لأنها الطوق الذي يحمي الاقتصاد الوطني، وبالتالي يحمي اليد العاملة. واليوم يبدو أن الحكومة المؤقتة تبذل كل ما بوسعها لتوفير أفضل الظروف والأوضاع الملائمة لقوى رأس المال والمستثمرين المختلفة، استكمالاً لما كانت ماضيةً به السلطةُ الهاربة، بحجّة جذب هذه الاستثمارات المختلفة العربية منها والأجنبية إضافة للمحلية، تحت يافطات عدة ومنها إعادة الإعمار. أمّا تحسين القطاعات العامة المختلفة وخاصة الإنتاجية، وتحسين أجور العاملين فيها بما يتناسب مع الوضع المعيشي، وإيجاد تلك البيئة القانونية والتشريعية التي تضمن حقوقهم المختلفة في العمل والحياة الكريمة، فهي بعيدة عنها. وهذا كان السبب الأساسيّ لانفجار الأزمة في 2011 وما خلّفَهُ من مأسٍ وويلات على الشعب السوري والبلاد عامّة.
الأساسيات من نسبة الدخل
ومن نافل القول التأكيد على أهمية الأجور والأسعار، فهذه القضية باتت مشكلة يومية يعيشها العباد، وهي تعني الوجود بحدّ ذاته. فقد أثقلت نفقات تكاليف المعيشة كلّ المواطنين وبالأخص العاملين بأجر والمتقاعدين بشكل أكبر. والسؤال اليوم الذي يطرح بكلّ جدّية: ما هو الدخل اللازم لتغطية الحاجات الأساسية والضرورية والغذائية للفرد والأسرة في البلاد، حيث أصبح الدخل لا يغطي الحاجات الضرورية. إن الدراسات الاقتصادية الأكثر قرباً للرأسمالية تشير إلى أنّه لا يجوز أن تتجاوز الاحتياجات الأساسية للفرد نسبة 50% من الدخل. إنّ سياسة تجميد الرواتب والأجور عامل مهم لتحفيز وتبرير جميع أشكال الفساد، والأخطر منها الفساد الاقتصادي الذي يفرّط بالمصالح العامة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1208