بانوراما عُمّالية
يصادفُ صدورُ هذا العدد استعدادَ الطبقة العاملة لبدءِ عامٍ جديد من معاناتها اليومية والمعيشيّة، فمتوسط تكاليف المعيشة لأسرة العاملين بأجر في سورية ما زال مرتفعاً، وما زال الحد الأدنى لأجر العامل السوري لا يغطي الجزء اليسير من نصف تكلفة الحد الأدنى لمعيشة الفرد العامل لوحده، نستعرضُ ما رصدتُه قاسيون خلال العام المنصرم للعديد من القضايا والمطالِب العمّالية كالأجور والصحّة والسلامة المهنية والتأمينات الاجتماعية والتشريعية.
المصلحة العامة نقيضٌ لتطبيق الليبرالية
في العدد (1167) كتبت قاسيون: رغم ارتفاع معدّلات الفقر والبطالة والوصول إلى مستويات مخيفة من انعدام الأمن الغذائي وانتشار الأمراض الناتجة عن سوء التغذية في المجتمع، خاصة بين الأطفال، ما تزال الحكومة تعمل على سحب يد الدولة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية، عكس ما تقتضيه الضرورة والظرف الحسّاس والأزمة التي تمرّ فيها البلاد منذ ثلاثة عشر عاماً، رغم أن القرارات الحكومية دائماً تُرَوَّس بعبارة «لمقتضيات المصلحة العامة»، وهي عكس ذلك تماماً؛ فما تزال الحكومات السورية المتعاقبة مصرّة على السير بالسياسات الليبرالية رغم أنّ أعتى الدول الرأسمالية في الغرب تغيّر من سياساتها وتتدخّل في المجتمع والاقتصاد في أوقات الحروب والأزمات لكي تخفّف من آثار الأزمات قيد الإمكان وتحمي نفسها من الانهيار.
قيود يجب أن تكسر لمنع الجوع والحرمان
كتبت قاسيون في زاوية «بصراحة» (العدد 1167): يَعرِفُ مَن يصنعون ويطبّقون السياسات المضرّة بمصالح وحقوق شعبنا -وكذلك العمال في بلدنا- أنَّ العدوَّ الحقيقي لسياساتهم، والقوة الأكثر قدرة على الوقوف في وجههم وفضح برامجهم، ولجم سياساتهم إنْ أتيحت لها الفرصة وتوفَّر لها المناخ المناسب، هي الطبقة العاملة. لذلك يبذل هؤلاء كل ما بوسعهم في سبيل عدم امتلاكها لناصية القرار المطلوب، وإبقائها في حالة عجز غير قادرة على القيام بأيّ فعل حاسم للدفاع عن نفسها وحقوقها. لقد وصلت أحوال الشعب السوري عموماً، والطبقة العاملة خصوصاً، إلى مستوىً عالٍ من التردّي والسوء، وهو ما يُحدِثُ تراكماً كبيراً في الصدور والنفوس قد ينفجر في أيّة لحظة، ويأخذ مساراً غير مرغوب فيه إنْ لم يجدْ مَن يوجِّهه وينظِّم خطواته ويصوِّب بوصلته نحو العدوّ الحقيقي الطبقي والوطني.
نقاباتنا مطواعة ولطيفة!
وكتبت قاسيون في العدد 1175: ترهُّلُ وضعفُ العمل النقابي هو نتاجٌ موضوعيّ لمرحلة تاريخية على مستوى العمل النقابي، تبدأ من ركون العمل النقابي تحت العباءات الحزبية الضيقة، إلى غياب الأساليب والأدوات النضالية في برامج الحركة النقابية، وغياب الأسئلة الضرورية في تقاريرها السنوية أمام مؤتمراتها: لماذا نمارس العمل النقابي؟ وماذا نريد من العمل النقابي؟ ومَن هم أعداؤنا الطبقيّون؟... مرضٌ خبيث أصاب النقابات، وينبغي استئصاله من أساليب عمل النقابات، وهو مِن الأمراض التي تشكّل خطراً حقيقياً وتهدّد استقرار واستمرار العمل النقابي وتطوُّرَه في خدمة مصالح العمال الرئيسية المناطة بالتنظيم النقابي .إنّ نقاباتنا ما زالت مِطواعة ولطيفة!!
قوانين العمل ونصائح المؤسسات المالية الغربية
وفي زاوية بصراحة (العدد 1180) كتبت قاسيون: منذ تبني اقتصاد السوق الاجتماعي رسمياً، ارتسم خط ناظم لعمل جميع الحكومات التي تعاقبت تجاه الطبقة العاملة السورية بشقيها العام والخاص، وهذا الخط جرى التعبير عنه بأشكال مختلفة من الممارسة والسلوك ابتداءً بما سمّي بمشاريع «الإصلاح» الاقتصادي للقطّاع العام، التي تبخّرت مع تقدُّم وسيادة النَّهج الليبرالي في الاقتصاد الوطني، وليس انتهاءً بحرّية التجارة، وفتح الأسواق، وتقليص دور الدولة «الاقتصادي الاجتماعي»، وتقييد قوة العمل بقوانين عمل «مرنة» حسب تبنّي صندوق النقد والبنك الدوليَّين لهذا المبدأ الذي تمّ النُّصح والدَّفعُ به لتطبيقه في كلّ الدول التي تبنّت الليبرالية الجديدة في الاقتصاد!
الهيئات العامة بمثابة برلمان عمالي للدفاع عن المصالح
في زاوية «بصراحة» للعدد 1179 كتبت قاسيون: إنّ التواصل ما بين النقابات والعمال وإشراك الآخرين في حوارٍ مفتوح عبر عقد اجتماعات للهيئات العامّة في المعامل والشركات، للوصول إلى توافقات مع العمال حول السبل الكفيلة والمجدية لتحسين أوضاعهم المعيشية، عبر ربط أجورهم بسلَّم متحرك مع ارتفاع الأسعار - إنّ هذا العمل لو كُتِبَ له أنْ يتحقّق سيؤسِّس لمرحلةٍ مهمّة وأرضيّة صلبة تستند عليها الحركة النقابية إنْ توفّرت الإرادة الكفاحية في مواجهة ما يحصل بحقّ العمال، ويُخرِجُ الحركة وحواراتها من حالة الهمس داخل الغرف إلى الفضاء الرحب والواسع؛ إلى الطبقة العاملة.
المرحلة المقبلة تتطلب
وجاء في العدد 1179 من قاسيون: تتطلب المرحلة المقبلة من حياة البلاد الاستخدام الأمثل والكامل لعناصر الإنتاج، واستخدام الموارد البشرية والاقتصادية كافّة للوصول إلى أعلى مستوى من الإنتاج وذلك من حيث الكمّ والنوع، ولا بدّ أن يكون ذلك أوّلاً بعيداً عن مخالب وأنياب قوى الفساد والنهب. ولا بدّ من زيادة الاستثمار في أصول المعامل والشركات الوطنية وخاصة في القطاعات الإنتاجية لدى الدولة، إضافةً إلى القطاع الخاص. فهذا الاستثمار يشكّل عصب التنمية الاقتصادية، وقدرة الاقتصاد الوطني على التخلّص من الركود، وزيادة الدخل الوطني، وهذا ما يحقق رفع متوسط الدخل للعاملين بأجر ويحقق رفعاً لمستوى المعيشة. وبالتالي تكون زيادة الأجور حقيقيّة، وغير تضخمية، نتيجةَ نمو اقتصادي حقيقي.
الحكومة ومكاييلها تجاه الصناعيين والعمال
في زاوية «بصراحة» للعدد 1183 كتبت قاسيون أنّ: عدم قدرة النقابات على اتخاذ المواقف المطلوبة، وهي لن تفعل ذلك ضمن ظروفها وواقعها الحالي، سيجعل الطبقة العاملة تذهب باتجاه خياراتها التي قد تكون صعبة ومؤلمة ولو بعد حين، ولكنها صحيحة، ويمكن عبرها انتزاع حقوقها والدفاع عن مصالحها، بما فيها حقّها بالإضراب السّلمي الذي لا تعترف به النقابات، ولكن الدستور السوري يقرّه ويؤكّده ويحتاج مَن يُنزِلُه إلى الأرض.
لقمة الفقراء في طاحونة الناهبين الكبار
وفي زاوية «بصراحة» للعدد 1187: إنّ الحكومات المتعاقبة جميعها لا حلول لديها تقدّمها للناس، هَمّها الأساس هو جمع مواردها عبر المراسيم والقرارات التي تحمّل الفقراء المزيد من الظلم وتقهرهم أكثر، حيث تنهب تلك الموارد بأشكال مختلفة من جيوب الفقراء، مهما اختلفتْ المسمّيات، بينما أولئك في الطرف الآخر العزيز على قلب الحكومات، فيعيثون فساداً في لقمة الفقراء عبر الاحتكار والنهب والفساد! فهل يبقى الفقراء على حالهم أم سيغيّرون واقعهم؟ إنَّ غداً لناظره لقريب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1207