النقابات والتغيير
بعد ما وصلت إليه البلاد اليوم من تدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وهروب رأس السلطة السابقة، في محاولة منه ترك البلاد في حالة من الفوضى والفلتان الأمني، وبعد أن أوصل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى حالة من السوء غير المسبوقة في البلاد، وبالأخص منها أوضاع العاملين بأجر الاقتصادية والمعيشية والتي كانت تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
يعود إلى إذهان العمال كافة سؤال: هل الحركة النقابية اليوم سوف تمتلك الإمكانيات اللازمة والضرورية لتكون الممثل الحقيقي لكل العمال السوريين في القطاع الخاص المنظم منه وغير المنظم وقطاع الدولة على حد سواء كما ادعت في بيانها الذي صدر عقب هروب رأس السلطة؟ وهل لديها الجرأة لتقول للعمال إن الانتخابات التي لم تنتهِ بعد لم تكن تعبر عن إرادة العمال والحركة النقابية على أقل تقدير؟
إن هذا يتطلب من الحركة النقابية وقفة جديدة وصوتاً عالياً لتغير هذه الأوضاع بشكل جذري. إذاً على الحركة العمالية اليوم وضع استراتيجيات عمل نقابي كفاحي، وهذا لن يحصل إلا من خلال تغير جذري لهذا الإيقاع البيروقراطي مسلوب الإرادة والقدرة الكفاحية من السلطة السابقة التي تعمل من خلاله هذه النقابات. فهي الآن بحاجة إلى تغير جذري في استراتيجية العمل النقابي بكامله وجوانبه كافة، بدءاً من الاستقلالية للحركة النقابية، والقناعة التامة بأهمية العمل النقابي الكبرى وضرورة تقويته باعتباره سلاحاً في يد العمال للدفاع عن حقوق ومصالح العمال ومواجهة الاعتداء على مكاسبهم. والفرصة متاحة لها لاستعادة أدواتها النضالية المعروفة المقرة في الشرائع الدولية، بعيداً عن المهادنة مع أرباب العمل بما فيها الدولة؟ وبناء موازين قوة جديدة تجعل المفاوضات والحوارات مع الحركة النقابية ذات مغزى وبهذا ستتمكن الحركة النقابية من استعادة القوة لصفوفها.
أما إذا بقيت هذه النقابات على ماهي عليه من ضعف واستكانة، واستسهالها العمل من خلال السلطة التنفيذية بهدف الحصول على بعض المكاسب الانتهازية لبعض قادة الحركة، أعتقد أن العمال سوف يعيدون النظر بهذه النقابات، من أجل نقابات قوية ومستقلة عن السلطة بأجهزتها كافة، تدافع عن العمال ومصالحهم المختلفة ضد الاستغلال، والفرصة متاحة لهم اليوم. ولا أجد غضاضة بالتذكير بأن النقابات نشأت عبر نضالات العمال ومعاركهم ضد المستغلين من أجل تحسين ظروف وشروط العمل. هذا وقد كانت هناك إشارة واضحة في بيان المكتب التنفيذي لاتحاد النقابات بأنه يعتبر نفسه جزءاً من السلطة التنفيذية وأنه على استعداد لتنفيذ ما يملى عليه، كما كان في العهد البائد.
النقابة سلاح العمال الأفضل لتحسين ظروف عملهم وتحسين شروطه والنقابة هي مدرسة طبقية لوعي الطبقة العاملة لموقعها في المجتمع ووحدة الطبقة العاملة. وتضم النقابات عمالاً من مختلف الانتماءات السياسية وغيرها من الانتماءات وعملية فرض خيار سياسي بحد عينه عليها ساهم مساهمة كبرى في إضعافها وجعل دورها هامشياً لا معنى له سوى التطبيل والتزمير. كذلك أصبحت غالبية العمال خارج هذه النقابات وخاصة عمال القطاع الخاص. ينبغي على النقابات أن تعود إلى دورها الوظيفي، ولأساليب النضال وللديمقراطية الداخلية في صفوف الحركة النقابية، والفرصة متاحة اليوم للنقابات، لان تغير أسلوب عملها الحالي تغيراً جذرياً مرتكز على قواعد وطرق الصراع الطبقي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1206