بصراحة .. النقابات والحكومة  على توافق بشكل عام

بصراحة .. النقابات والحكومة على توافق بشكل عام

قدّمت الحكومة برنامجها وتوجهاتها التي ستعمل على أساسها في المرحلة المقبلة بالنسبة لشركات قطاع الدولة الصناعي والإنشائي. وهذا التقديم جاء قبل انعقاد الاجتماع الذي تم في الأسبوع الماضي بين الحكومة وقيادة الحركة النقابية ممثلة بمكتبها التنفيذي.

استهلَّ رئيس الحكومة في سياق كلامه أمام القيادة النقابية الحاضرة للاجتماع بالقول إنّ «انتقال الدولة من التشغيل إلى التنظيم لا يعني تراجع دور الدولة بل يعني تطوير هذا الدور».
إنّ هذا القول يفصح تماماً عن إعادة النظر بدور الدولة بما يخص شركات القطاع الصناعي والخدمي، انطلاقاً من واقعها الحالي الذي وصلت إليه خلال عقود متوالية من عدم تطويره إدارياً وانتاجياً، وتركه يغرق بمشاكله الكبيرة التي تراكمت دون حلول حقيقية تؤدي إلى تطويره من حيث الدور الذي يمكن أن يلعبه في عملية النمو والتنمية، والدور الذي يمكن أن يلعبه في زيادة موارد الدولة، والتي بالتالي ستحسِّن من المستوى المعيشي للعمّال وغير العمال، وستقدّم الحاجات الضرورية للشعب السوري الذي يفتقدها الآن، في ظل السياسات التي اتّبعت وفقاً لتعليمات صندوق النقد الدولي.
إنّ انتقال دور الدولة من التشغيل إلى التنظيم يعني في جوهره عدم ضخّ أموال لإعادة تشغيله بتأمين المستلزمات الضرورية لذلك كافة، والتي منها رفع أجور العمال وتجديد خطوط الانتاج وتأمين الطاقة الضرورية بكافة أنواعها لتشغيله، وتأمين المواد الأولية للإنتاج، وغيرها من الأمور اللازمة لعملية التطوير، ولا طريق غير هذا لتطوير القطاع الصناعي، ولكن المقصود بالانتقال من التشغيل إلى التنظيم هو تسليم القطاع الصناعي لمستثمرين قد لا يأتون في مثل ظروف بلادنا الحالية. وهذا يؤدي كما قال أحد الاقتصادين إلى الموت السريري لهذا القطاع، وهنا بيت القصيد، حيث يزيل عن كاهل الدولة الأعباء والخسائر الكبيرة التي عبّر عنها وزير الصناعة، حيث قال «استنتجنا في الوزارة بعد الدراسة الهادئة والمعمقة لمختلف المنشآت العائدة للوزارة أنّ ثمة خسائر كبيرة جداً في عدد كبير من الشركات والمؤسسات والمعامل التابعة» ولكنه لم يقل مَن خسَّرَ هذا القطاع بهذا الشكل الكبير، بعد أنْ كان في مراحل سابقة يرفد خزينة الدولة بأكثر من 60% من مواردها، لتتناقص بعد ذلك تدريجياً مع تعاظم نسب النهب والفساد الواقعين على هذا القطاع.
موقف النقابات في هذا الاجتماع كان مسايراً للحكومة فيما طرحت، وبعض الحاضرين أكدوا إيجابية الحكومة في طرحها للمواضيع المختلفة، وخاصة فيما يتعلق بقضية أجور العمال وضرورة تحسين الوضع المعيشي لهم، حيث «أكدت النقابات على الحاجة إلى وضع منهج في إدارة ملف زيادة الرواتب والأجور بما يضمن أن تلبي الحد الأدنى من مستوى الحاجات المعيشية، وأكدت الحاجة لتعزيز متممات الرواتب في حال عدم القدرة على تحقيق زيادة شاملة للرواتب»، وهذا الموقف النقابي هو مكرر مع الحكومات السابقة ومساير لموقفها، ولا ندري كيف ستزيد الحكومة وتحسن من متممات الأجور والشركات خاسرة كما عبر وزير الصناعة في اجتماع الحكومة، وخاصة الحوافز حيث إنها مرتبطة بالإنتاج، وما يزيد عن الخطط الإنتاجية المحقّقة يعطى عنه حوافز وهذا غير متوفر، وبالتالي لا تحسُّنَ بمتمّمات الأجور والإنتاج على حاله.
الموقف النقابي من مجمل ما طرحته الحكومة معها كان مريحاً للحكومة في السير قدماً في إعادة هيكلة القطاع العام وترتيب أوضاعه بما يتوافق مع قانون التشاركية وقانون الاستثمار، ولكن هذا الوضع وتطوراته اللاحقة سيجعل الحركة النقابية ضعيفة في موقفها ولا يوجد ما تقوله للطبقة العاملة تبريراً لموقفها هذا، الذي سيؤدي إلى خسائر إضافية للعمال في حقوقهم ومكان عملهم، باعتبارها شريكة للحكومة في قراراتها وتوجهاتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1200