لماذا لم تُشكَّل اللّجنة الوطنية للأجور؟

لماذا لم تُشكَّل اللّجنة الوطنية للأجور؟

بالرغم من أن قانون العمل رقم 17 لعام 2010 قد تم إصداره ليلائم مصالح المستثمرين وأرباب العمل وجاء متوافقاً والسياسات الاقتصادية الليبرالية للحكومات السورية، ومع أنه جاء مجحفاً بحق العمال والطبقة العاملة، إلّا أنّ الحكومة لم تكتفِ بذلك بل عمدتْ إلى تجميد بعض نصوص القانون التي تنصّ على الحقوق الطبيعية والأساسية للطبقة العاملة، وعدم نقل تطبيقها على أرض الواقع وبقيت حبراً على ورق.

ومن أهم تلك المواد مثلاً ما نصّ قانون العمل عليه في المادة 69 منه بشأن تشكيل اللجنة الوطنية للأجور والرواتب، وبذلك أُبقيت قضية الرواتب في القطاع الخاص تابعة لمزاجية أرباب العمل من جهة، وللمراسيم الحكومية من جهة ثانية، ولم تعمل على تأسيس هذه اللجنة أساساً.
ومن المفترض أن تعقد اللجنة جلساتها مرّة كل عام في الأسبوع الأول من شهر أيار، وبدعوة من رئيس مجلس الوزراء، وعلى أن تراعي اللجنة أثناء أداء مهمتها الأزمات الاقتصادية وهبوط النقد وسعر صرف العملة الوطنية والقوة الشرائية والمستوى العام للأسعار وغيرها من المتغيرات.
ومع أن قانون العمل مرَّ على إصداره نحو أربعة عشر عاماً، ومع كل ما مرّ على الطبقة العاملة من أزماتٍ اقتصادية وتدنٍّ وتدهورٍ للقيمة الشرائية للرواتب والأجور، والتي لم تعد تكفي اليوم سوى ليوم أو يومين في الشهر، لم تعقد هذه اللجنة أيّ اجتماع لأنها لم تتشكَّل أساساً كما ذكرنا.
مع أنّ تركيبة اللجنة مجحفة أيضاً بحق الطبقة العاملة ومن يمثلونها، فللعمّال صوتٌ واحد فقط مقابل ثماني أصوات لأرباب العمل والحكومة، ومِن المثير للجدل أنّ الدعوة لانعقاد هذه اللجنة محصور برئيس مجلس الوزراء، أو غالبية أعضاء اللجنة فقط عند الظروف الاستثنائية، وبما أن العمال ليس لهم سوى صوت واحد يمثّلهم من خلاله الاتحادُ العام لنقابات العمال، فليس بمقدورهم الدعوةُ لانعقاد اللَّجنة لوحدهم فقط.
والأهم من ذلك هو كيفية التصويت داخل اللجنة في حال انعقدت وقررت اتخاذ قرارات مهمة؛ فقد نص قانون العمل على أنّ القرارات تصدر بأغلبية الأصوات، ويرجِّحُ صوتُ الرئيس في حال تساوي الأصوات، وهو ما يجعل صوتَ العمّال ضعيفاً وغير ذي قيمة في مواجهة الأغلبية من أرباب العمل والحكومة.
كما أن قانون العمل نصّ في المادة 71 منه على تشكيل لجانٍ لتحديد الحدّ الأدنى للأجور في المهن الخاضعة لأحكام قانون العمل، وتُشَكَّل هذه اللجان بقرار من الوزير في كلّ مديرية مختصّة.
وتراعي اللجنة في المديرية المختصة عند تحديد الحد الأدنى للأجور الأمور التالية:

أ- الحد الأدنى العام للأجور.
ب‌- المؤهلات والخبرات اللازمة للقيام بالعمل.
ج- أهمية العمل ودوره في تطوير الإنتاج.
د- ظروف العمل ومكانه.
هـ- المستوى العام للأجور في المحافظة.

إلا أن مصير هذه اللجنة ظلت حبراً على ورق ولم يتم تشكيل هذه اللجان ولم تعقد أي جلسات كما هو الحال في اللجنة الوطنية للأجور.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة لم تذكر يوماً هذه اللجنة ولم تعمل على تأسيسها ولم يطالبها أحد بعقد جلساتها حتى القائمين على الاتحاد العام لنقابات العمال لم يتطرّقوا يوماً لها، ولم يطالبوا الحكومة عبر كتبهم بضرورة تفعيل عمل هذه اللجنة، والتي بات انعقادُها مهمّاً جداً في هذه المرحلة مع انتشار الفقر في أوساط الطبقة العاملة، والتي وصلت لحدِّ المجاعة وانعدام الأمن الغذائي. ولو انعقدت هذه اللجان وباشرتْ عملها، وبالرغم من الغبن في طريقة تشكيلها، لكان استطاع الاتحاد العام لنقابات العمال فتح معركة زيادة الأجور مع أرباب العمل من خلال فتح جبهة جديدة تضغط باتجاه تحصيل مزيد من الحقوق للطبقة العاملة، وعبر الاستفادة من بعض الإضرابات التي تحصل في بعض المعامل لتقوية صوته داخل هذه اللّجان.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1195