تأزم المعيشة يدفع بالأطفال للعمل

تأزم المعيشة يدفع بالأطفال للعمل

دفعت حالة العوز والفقر والتهجير القسري التي تعاني منها غالبية الأسر نتيجة الفساد والنهب في سورية، بأطفال هذه الأسر إلى سوق العمل، حيث ما يفوق 90 % من العائلات يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، ووفقاً للعديد من التقارير والدراسات المختلفة فإنّ أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر أكثر من 90% من إجمالي عدد سكان البلاد، كما أن كثيراً منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم، ومنها الزج بأطفالهم في مهن متعبة وشاقة، وذات خطورة بالغة على صحتهم العامة وحياتهم، عدا عن حرمانهم من المدارس، لمساعدة أهاليهم في مصاريف الحياة المعيشية القاسية.

مضى على انفجار الأزمة الوطنية في سورية ما يربو على 13 سنةً، مما أدى لدفع الأهالي بأبنائهم إلى العمل بمهن مختلفة قد تكون مصدر رزق لهم، دون التفكير بمخاطر هذه المهن ومشقتها على أطفالهم، ومدى تأثيرها على نمو أبدانهم، وتحولت عمالة الأطفال إلى مشهد مألوف في البلاد، وضرورة ملحة بالنسبة لكثير من العائلات.
تفاقمت ظاهرة عمالة الأطفال في سورية خصوصاً مع ازدياد نسب التضخم الكبيرة المستمرة التي تؤدي إلى زيادة الفقر الشديد، وكذلك ساهم تراجع مستوى التعليم في زيادة انتشار هذه الظاهرة، لعدم وجود مدارس كافية ومجهزة للتعليم وغيرها من الأسباب. ويضطر آلاف الأطفال إلى التوجه لسوق العمل، والعمل في أعمال شاقّة تتعرض فيها حياة الكثير منهم للخطر، وتوجد النسبة المئوية الأعلى لعمالة الأطفال في البلدان منخفضة الدخل، مقارنة بالبلدان متوسطة الدخل من المنخرطين في العمل.
عرّفت الأمم المتحدة عمالة الأطفال بأنها أعمال تضع عبئاً ثقيلاً على الأطفال وتعرّض حياتهم للخطر، ويوجد في ذلك انتهاك للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إمّا أن تحرم الأطفال من التعليم أو تتطلب منهم تحمّل العبء المزدوج المتمثّل في الدراسة والعمل. ومما يدعو للأسف أنْ تجري معاملة الطفل كعامل أو كشخص كبير في السن رغم صغر سنه، فيكتسب سلوكيات لا يجب أن يكتسبها في طفولته، ما يؤدي إلى إصابته باضطرابات مختلفة كاضطراب الاكتئاب أو القلق بأنواعه، ويتعلم سلوكيات سيّئة كتدخين السجائر أو تعاطي المواد المخدرة في عمر صغير.
أقرت اتفاقية حقوق الطفل بأن من حق الطفل أن يتمتع بالحماية من مزاولة أي عمل يرجَّح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارّاً بصحة الطفل أو بنموّه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي، وشدّدت الاتفاقية على ضرورة أن تضع الدول الأعضاء الموقعة على الاتفاقية القواعد الخاصة بتحديد حد أدنى لعمر الطفل للالتحاق بالعمل، كذلك اتخاذ التدابير التشريعية والاجتماعية والتربوية كافة التي تضمن تنفيذ هذه الاتفاقية.
وأقرت منظمة العمل الدولية الاتفاقية رقم 182 لعام 1999 بشأن حظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها. وحظرت هذه الاتفاقية استخدام أيّ شكل من أشكال الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو العمل القسري، بما في ذلك التجنيد الإجباري للأطفال، أو تشغيل الطفل في أنشطة غير مشروعة، أو الأعمال التي قد تؤدي إلى الإضرار بصحته، مثل الأعمال على الآلات أو المعدات الخطرة، أو العمل في المناجم، أو تحت المياه أو على ارتفاعات خطرة، أو الأعمال التي تزاول في بيئة غير صحية يمكن أن تعرض الأطفال، على سبيل المثال، لدرجات الحرارة المرتفعة، ومستوى الضجيج العالي، أو العمل أثناء الليل أو لساعات طويلة. وألزمت هذه الاتفاقية الدولة باتخاذ كل التدابير الضرورية لضمان تطبيق قواعد هذه الاتفاقية بشكل فعال ونوهت إلى أهمية التعليم الإلزامي في القضاء على عمل الأطفال. وقد عرفت الأطفال في المادة /2/ منها بأنهم جميع الأشخاص الذين دون سن الثامنة عشرة من العمر. وطالب الاتحاد العالمي لنقابات العمال بمناسبة يوم 12 حزيران، اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتوفير الحماية الكافية للأطفال من عمالة الأطفال، فضلاً عن تغطية جميع احتياجاتهم المعاصرة، وأن تكثف الحركة النقابية العالمية ذات التوجه الطبقي نضالها ومبادراتها ضد عمل الأطفال وأشكال الاستغلال كافة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1183