العمال المؤقتون اليوم عاطلون عن العمل غداً

العمال المؤقتون اليوم عاطلون عن العمل غداً

نص قانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004 على أحكام الاستخدام المؤقت وذلك في المادة 146 منه وقد أورد ما يلي: يجوز للجهة العامة وضمن حدود الاعتمادات المرصودة لها في الموازنة لهذا الغرض استخدام عمال مؤقتين (على أعمال مؤقتة بطبيعتها) أو موسميين أو عرضيين ويحدد النظام الداخلي للجهة العامة الحالات والأعمال التي يجوز فيها استخدام هؤلاء العمال.

الحكومة تخالف القانون

المادة 146 من القانون حصرت استخدام العمال المؤقتين أو بعقود سنوية لأعمال مؤقتة بطبيعتها، ولكن الحكومة قامت باعتماد هذا النموذج من التعاقد وبتوصيات من صندوق النقد الدولي ومنظمة العمل الدولية «لا وظيفة دائمة لعمل دائم» على جميع مسابقاتها، فأغلب المسابقات الحكومية التي يتم الإعلان عنها اليوم تقوم على مبدأ التعاقد وفق عقود سنوية ووفق المادة 146 مع العلم أنّ الوظائف التي تسند إليهم لا تحقق شرط المادة 146 أيْ ليست مؤقتة بطبيعتها بل تدخل في أساس العمل داخل المؤسسات، وبالتالي هي أعمال دائمة، وقد منعت المادة 148 استخدام العمالة المؤقتة في مَلاك الجهة العامة حيث نصت على (عدم جواز أن يجري الاستخدام المؤقت على الوظائف التي عرّفتها المادة الأولى من القانون) والمادة الأولى عرّفت الوظيفة (بأنها كل عمل دائم وردت تسميته في ملاك الجهة العامة...) وبالتالي مطالبة العمال بتثبيتهم بناء على ذلك هي مطالبة محقة. هذا ما جرى بحق الموظفين العاملين في وزارة العدل، فقد تم تعينهم على أساس أعمال مؤقته في المحاكم ولكن طبيعة عملهم هي أعمال دائمة، وأمضوا في وظائفهم سنواتٍ طويلة ولكن هذا لم يشفع لهم وتمّ تسريح العشرات منهم بجرّة قلم، وبالرغم من محاولاتهم العديدة مع الجهات التي لها علاقة بإعادتهم، ولكن جهودهم ذهبت أدراج الرياح بما فيها مع النقابات التي وعدتهم بالمساعدة. والكثير من الحالات المشابهة جرى التعامل معها بالطريقة نفسها مثل عمّال محالج الأقطان حيث يُسرَّحون من عملهم بعد انتهاء الموسم ليعاد التعاقد معهم في الموسم الذي بعده.
لقد سعت النقابات كثيراً من أجل تثبيت العمال المؤقتين فلم يُستَجَبْ لمسعاها إلّا قليلاً وبقي معظم العمال المؤقتين على حالهم دون تثبيت.
إن بقاء العمال على حالهم دون تثبيت هو استغلال لهم ولجهدهم، ويهدف للضغط عليهم -فهم مهدَّدون بالتسريح في أيّ وقتٍ- وحرمانٌ لهم من الحقوق التي يحفظها القانون للعامل المثبَّت، فهؤلاء العمال لا يخضعون لقانون العاملين الأساسي بل لما جاء في صكوك استخدامهم.

الحكومة مسؤولة عن أزمة العمّال المؤقتين

بالرغم من معاناة القطاع الحكومي من نقصٍ في الأيدي العاملة، وهو الآن نقص كبير في اليد العاملة، وخاصة في المعامل والمراكز الخدمية، إلّا أنّ الحكومة لا تقوم بتثبيت العمّال المؤقتين إلّا قليلاً؛ الذين هم في حاجة إليهم وخصوصاً بعد اكتسابهم الخبرة في أعمالهم، كما لا تقوم المؤسسات الحكومية بالإعلان عن مسابقات للتوظيف لتلافي النقص في الكوادر، وإنْ قامت بذلك فإنّها تعلن عن مسابقات للتعاقد بعقود سنوية ولعدد محدود جداً لا يتجاوز العشرات، كما جرى في المسابقة الأخيرة والتي لم تسدّ النقص الكبير في اليد العاملة التي تحتاجها المعامل وأماكن أخرى.
ونتيجة لذلك تتراكم مسألة تثبيت هؤلاء العمال سنة بعد سنة، وتتزايد المطالب بشأن تثبيتهم وتقوم الحكومة كل فترة بإصدار مشروع قانون لتثبيت العمال، ولكنها لا تثبّت سوى عدد قليل منهم فقط وذلك بربطها لمرسوم التثبيت بكلمة (يجوز) بدلاً من (يجب)، وهو ما يترك العمال لمزاجية الإدارات التابعين لها ولمزاجية وزرائهم عدا عن حالات الفساد والمحسوبيات.

مشروع قانون التثبيت الأخير

هذا ما حدث في مشروع القانون الأخير الذي اعتمده مجلس الوزراء منذ فترة بـ«جـَواز» تثبيت العاملين المؤقتين الجاري استخدامهم بموجب عقود سنوية وفقاً لأحكام المادة /146/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004 وتعديلاته، وذلك بقرار من الوزير المختصّ، من خلال الشواغر المتوفرة في كل وزارة وإمكانية الاستعانة بشواغر الوزارات الأخرى.
كيف يمكن حسب مشروع قانون الحكومة ربطُ التثبيت بحسب الشواغر المتوافرة في كل وزارة، مع العلم أنّ هؤلاء العمال على رأس عملهم ويقومون بأعمالهم؟ أي: الشواغر تعتبر متوافرة حكماً.
أي: إننا سنواجه أيضاً مشكلة تثبيت العمال المؤقتين بعد فترة وذلك لأنّ الحكومة نفسها تخلق المشكلات وتتركها تتراكم، ثم تقف عاجزة عن حلها بعد ذلك، فلماذا لا تقوم الحكومة بإلغاء التوظيف المؤقت وبطريقة العقود السنوية وتجري مسابقاتها للتثبيت، وبالتالي تنتهي من هذه المشكلة التي تتفاقم سنة بعد أخرى؟
عمّال المياومة، الأكثر عرضةً للظلم، ما زالوا مياومين بسبب طبيعة عملهم المؤقتة أيضاً والتي استمرت لسنوات طويلة!! والحكومة ما زالت تعمل على وعدهم بتحويل عقودهم إلى سنوية بدلاً من تثبيتهم وإعطائهم حقوقهم مع أنها بحاجة إليهم، فهؤلاء العمال لا يستفيدون من زيادة الأجور ولا من التأمينات الاجتماعية ولا من إجازات، فهم لا يتقاضون سوى أجرة اليوم الذي يعملون فيه فقط دون أية حقوق أخرى ويعملون في وضع استغلاليّ جداً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1176