الفرق شاسع بين وسطي المعيشة ووسطي الأجور

الفرق شاسع بين وسطي المعيشة ووسطي الأجور

في الدراسات الربعية التي تنشرها «جريدة قاسيون» حول وسطي تكاليف المعيشة لأسرة مؤلفة من خمسة أفراد توصلت الجريدة إلى رقم لهذه التكاليف يقدر ب12 مليون ل.س سورية تداولته معظم المواقع والصفحات المهتمة بالشأن الاقتصادي والأوضاع المعيشية لمعظم السوريين المكتوين بنار الأسعار التي ترتفع مع كل ارتفاع للدولار أو حتى ثبات نسبي في سعره، والأمران هنا سيّان لأن الأسعار ترتفع غير آبهة بما يجري للدولار ومقابله بالليرة السورية من تطورات على صعيد السعر المتداول، والمتضرر الوحيد في هذا الصراع هم الفقراء من عمال وفلاحين وحرفيين وغيرهم من العاملين بأجر.

عندما نقول إن الفرق شاسع بين تكاليف وسطي المعيشة ووسطي الأجور هذا يعني أن أغلبية الشعب السوري بمن فيهم العاملون بأجر يعيشون بحالة عوز وفقر شديدين حتى الجوع، كون الأجور التي يتقاضونها تعادل من الجمل أذنه قياساً بتكاليف المعيشة التي تحلّق عالياً ولا تطالها حاجاتهم الأساسية، والمضطرون إزائها إلى ضغط نفقاتهم إلى الحدود الدنيا، وهذه الحدود لا نهاية لها، فهي بتقهقر مستمر طالما هناك من يتحكم بآليات استيرادها وتسعيرها أو إنتاجها ومن ثم توزيعها.
تتحفنا الحكومة إزاء هذه الأوضاع ببياناتها وأرقامها المعلنة عن حجم الدعم الذي تخلت عنه عبر وسائل الإعلام وفي الميزانية المعلنة لعام 2024 لتزيد الطين بلة، فهي بقراراتها وإجراءاتها تقوم بسحب الدعم الذي كان موجوداً، والذي كان يخفف بعض العبء عن كاهل الفقراء حيث كانت تقول لنا فيها إنها تدعم المواد الضرورية والأساسية وأنها تحارب الاحتكار وتحارب الفساد الكبير، ولكنّ العبرة ليس فيما تقوله الحكومة بل بالنتائج التي سيلمسها الفقراء بمستوى معيشتهم والنتائج يعلمها القاصي والداني، وكذلك الدراسات الاقتصادية حول مستوى المعيشة وجهابذة الاقتصاد الحكومي يعلمون كذلك أن المستوى المعيشي لم يتحسن بالرغم من كل ما كان يقال إعلامياً، ولن يتحسن طالما مصادر عيشنا ممسوكة من قبل حفنة صغيرة ترعاها الحكومة، وتمدها بكل أسباب التحكم بمفاتيح ما يحتاجه الناس في معيشتهم، وهي أي الحكومة تتخلى عن دورها في أن تكون ممسكة بزمام الوضع الاقتصادي من استيراد وتصنيع وتوزيع وهو أقصر الطرق على الأقل ليتحسن الوضع المعيشي نسبياً.
تقول النقابات وتكرر دائماً في اجتماعاتها ومنابرها إنها ستسعى إلى تحسين الوضع المعيشي للطبقة العاملة من خلال أمرين، أولهما زيادة الأجور ولكنها لم تقل للعمال عن الطرق التي ستجعل الحكومة تزيد فيها الأجور زيادة متناسبة أو قريبة من مستوى المعيشة المفترض أن يتحقق للعمال، وإذا كان هذا المطلب كما تقول النقابات غير ممكن فإنها ستسعى إلى تحسين متممات الأجر، والأخيرة مرتبطة بقضايا كثيرة منها الحوافز الإنتاجية المرتبطة بالإنتاج وتحسنه، وهو مرهون بالمستقبل وأن يكون الإنتاج «الرقم واحد» في برنامج الحكومة وهو ليس كذلك، ولكن قضية زيادة الأجور زيادة حقيقية تجاري الزيادة في تكاليف المعيشة مسألة لا تحتمل الخيارات المتبناة من قبل النقابات في تحسين الوضع المعيشي للعمال، بل تحتاج إلى أشياء أخرى هي في عهدة العمال المكبلين الآن بقيود كثيرة تمنعهم أو تجعل حراكهم المطلوب للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم مرتبطاً بقدرتهم على تنظيم قواهم على أساس برنامج يقتنع ويوافق عليها العمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1157