رضا العمال النقابي والوظيفي

رضا العمال النقابي والوظيفي

إن الرضا الوظيفي هو استقرار العامل في عمله، وما يحققه له هذا العمل من تأمين مناسب لاحتياجاته المعيشية من غذاء وكساء وسكن وغيرها، وهو أيضاً شعور داخلي يشعر به العامل اتجاه ما يقوم به، وذلك لتأمين مصالحه والدفاع عن حقوقه في مكان عمله عن طريق النقابات وبأساليب مختلفة منها الإضرابات والتفاوض الجماعي وغيرها من الأدوات الكفاحية.

إن تطور الصناعة وعلاقات العمل ونشوء التنظيمات العمالية بما فيها النقابات التي أصبحت طرفاً في المفاوضات والدفاع عن حقوق العمال كان لها الدور الأساسي في زيادة الوعي لدى العمال. حيث شهدت علاقات العمل الرأسمالية منذ ظهورها أشكالاً عدة ثم تطورت ليأخذ العمل طابع العمل الدائم وسنت القوانين والتشريعات التي يجب أن يتمتع بها العامل. تعتبر المنشأة وحدة متكاملة قائمة على أساس العلاقات المتبادلة بين مختلف مكوناتها والمصالح المرتبطة ببعضها البعض لتحقيق أهدافها، معتمدة على وسائل وأدوات الإنتاج وكذلك قوة العمل المتمثلة في الطبقة العاملة. حيث إن العامل هو المحرك الرئيسي للعمل ولباقي عناصر الإنتاج، فهو أهم عنصر في المنشأة ومورّد دخل من مواردها الأساسية، وليس قوة عمل عضلية أو دماغية مشغلة أو آلة من آلات المصنع فحسب. وهذا ما دفع العمال إلى تنظيم أنفسهم عبر العمل النقابي أجل تحسين وتغيير أوضاعهم. ويعكس وجود التنظيم النقابي في المجتمع طبيعة موازين القوى بين أطراف الإنتاج وطرق التعبير عن قضايا وحقوق الطبقة العاملة والأساليب المتاحة لذلك، ومدى ممارسة هذه الحقوق في المجتمع. إذ إن النقابة تتمتع بالشخصية الاعتبارية التي تعطيها حق تمثيل العمال بما تمتلكه من وسائل وأدوات ضغط تحسن توظيفها للدفاع عن مصالح العاملين، وحل المشكلات التي يواجهونها مع أرباب العمل مثل الدعوة إلى الإضرابات. فالعمل النقابي وجد من أجل المطالبة بحقوق العمال ومنها الأمن الصناعي والتأمينات الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية وتحسين شروط وظروف العمل، وبالأخص منها تحسين الأجور وغيرها من الحقوق.
ولتحقيق تلك المطالب والحقوق يلجأ العامل إلى التنظيم النقابي، من أجل تلبية حاجاته وتحقيق أهدافه ومتطلباته من خلال النقابات، فإذا تحققت حقوقه ومطالبه الحياتية فإنه سيشعر بالرضا اتجاه التنظيم النقابي وعمله.
في ظل علاقات العمل السليمة يتخذ كل من العمال وأصحاب العمل أساليب مختلفة للضغط كل منهم على الآخر للخضوع لشروطه والوصول إلى اتفاق، يتعلق بشروط الاستخدام وحقوق العمال من خلال المفاوضات يهدف إلى الحفاظ على المنشأة وحقوق العمال لصالح الطرفين، غير أن أصحاب العمل سواء كانوا دولة أو قطاعاً خاصاً يتهربون من الدخول في مفاوضات مع نقابة العمال.
إذا وجدت النقابة العمالية من أجل تحسين ظروف وشروط العمل، وشروط الاستخدام داخل كل صناعة ومهنة فهي مصدر القوة للعمال. إن تاريخ العمل النقابي يبين لنا أهمية النقابات في المجتمع لما تقوم به من مهام تسعى من خلالها إلى الدفاع عن مصالح العمال.
غير أن التحولات السياسية والاقتصادية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة والتي نتج عنها تدهور أوضاع العمال المعيشية والاجتماعية والمهنية، ومن جهة أخرى انخفاض مستوى الدور الذي تلعبه النقابات في تمثيل العمال والدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والعمل الكفاحي على تلبية مطالبهم لأنها أصبحت طرفاً أساسياً في الترويج لتلك السياسات الحكومية عبر يافطات شعبوية مثل نحن والحكومة في خندق واحد والعامل يعمل بوطنيته...إلخ من هذه اليافطات. شكلت هذه التحولات فضاءً للتفاعل الاجتماعي في محيط العمل وخلق نوع من عدم الرضا لدى العمال عموماً اتجاه التنظيم النقابي في مكان عملهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1156