كيف يمكن للعمال أن يعيشوا...

كيف يمكن للعمال أن يعيشوا...

بعيداً عن أقوال الحكومات وشعاراتها وخططها النظرية والتي تعتبر حبراً على ورق لا أكثر، وقريباً من لغة الأرقام وسحرها وما تحمله ضمنها من القول والفعل الحق، إضافة إلى عكسها أي توجهات هذه الحكومات الحقيقية ومدى توافق أفعالها مع أقوالها، خاصة وأن قرارات الحكومات تخص وتؤثر بشكل مباشر وغير مباشر بالغالبية العظمى من السكان وبالتالي أبناء الطبقة العاملة، هؤلاء الكادحون والمناضلون الذين يشكلون أكثر من 90% من السوريين، لا بد من إلقاء الضوء على واقع الرواتب والأجور لأبناء الطبقة العاملة في القطاعين العام والخاص وذلك بالاستناد إلى الأرقام والبيانات الرسمية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء لعامي 2010 و 2021 وتبيان التغيرات التي طرأت على رواتب العمال وأجورهم وبالتالي حياتهم وطريقة عيشهم.

وكما هو معروف فإن موضوع الرواتب والأجور من المعايير الأساسية لوضع التنمية والنمو، وهو المعيار الأساسي لتوضيح مدى بؤس أو رفاهية أبناء الطبقة العاملة في هذا البلد أو ذاك، ومن أجل توضيح ذلك بالنسبة لحال عمالنا وكادحينا ومدى تمثيل حكوماتنا لغالبية السكان نتناول في هذه المادة أرقام وبيانات الأجور أولاً ضمن عام 2010 وثانياً ضمن عام 2021.

قبل ثلاثة عشر عاماً...

يوضح الجدول التالي البيانات الأساسية لأبناء الطبقة العاملة خاصة توزعها على القطاع العام والخاص إضافة إلى توزعها على أساس فئات الرواتب وذلك لعام 2010:

1138a

يتضح من خلال الجداول السابقة فئات الرواتب وتوزع العمال بالقطاع الخاص والعام على هذه الفئات، مع العلم أنه تم حساب الرواتب بالدولار الأمريكي بسعر الصرف في السوق السوداء، إضافة إلى أنه تم أخذ متوسط كل فئة وحسابها بالدولار، فمثلاً الفئة الثانية، تم أخذ المتوسط الحسابي للرقمين 9000 و8000 والذي يبلغ 8500 ما يعادل 189 دولاراً تقريباً، وهكذا لبقية الفئات.
ويتضح أيضاً أن الحد الأعلى للرواتب يبلغ 200 دولار تقريباً في حين أن الحد الأدنى يقدر ب 111 دولاراً تقريباً، مع العلم أن عدد العمال الإجمالي ضمن القطاعين الخاص والعام حوالي 3,181,789 عاملاً موزعة على مختلف القطاعات، وتقدر نسبة العمال الذين يتقاضون أجوراً من 200 دولار وأعلى حوالي 60% من إجمالي عدد العمال، في حين أن العمال الذين يتقاضون 111 دولاراً وأقل تبلغ نسبتهم حوالي 9%، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن عاملي القطاع العام غالبيتهم يتقاضون أجراً 200 دولار بالحد الأدنى، وتبلغ نسبتهم أكثر من 78% من إجمالي العاملين بالقطاع العام. إضافة إلى ذلك فإن متوسط الأجور لإجمالي العاملين ضمن القطاع العام والخاص يقدر بحوالي 179.5 دولاراً.

كيف تغيرت الأرقام...

بعد عرض البيانات الأساسية للطبقة العاملة من أجور وعدد العمال ضمن عام 2010، ننتقل الآن إلى توضيح الأرقام ذاتها بعد مرور 11 عاماً لنوضح التغيرات التي طرأت على هذه البيانات ومدى تأثير هذه التغيرات على واقع الطبقة العاملة، ونوضح ذلك من خلال الجداول التالية:

1138b

يتضح من خلال الجدول السابق، حجم الكوارث التي ضربت بيانات الأجور والرواتب سواء للعاملين بالقطاع العام بالدرجة الأولى، والعاملين بالقطاع الخاص بالدرجة الثانية، علماً أن الحد الأعلى للرواتب يقدر بحوالي 72 دولاراً فقط، والحد الأدنى يبلغ 12 دولاراً فقط لا غير، لا يتوقف الأمر هنا، بل يتعداه إلى أن نسبة العمال الذين يتقاضون الحد الأعلى قد انخفضت بشكل مخيف لتصبح بالقطاع العام 2.5% وبالقطاع الخاص 32%، أما بشكلها العام لإجمالي العاملين فهي لا تزيد عن 15.43% فقط لا غير.

خلاصة البيانات...

انطلاقاً من البيانات السابقة، يوضح بالتفصيل حجم التغيرات الطارئة على بيانات الرواتب والأجور بالدرجة الأولى، فبالنسبة لرواتب القطاع العام، انخفضت بالمتوسط بنسبة 560% في العام 2021 عمّا كانت عليه ضمن العام 2010، أما بالنسبة لأجور القطاع الخاص فقد انخفضت بنسبة 335% تقريباً، إضافة إلى ذلك يتضح جلياً تراجع دور القطاع العام وعدم قدرته على توفير أجور ورواتب للعاملين ضمنه بالحد الأدنى كما كانت عليه في عام 2010، الأشد كارثية، أن القطاع الخاص لم يقم حتى بملء المساحة التي انسحب منها القطاع العام، إضافة إلى ذلك فإن حجم العمالة الإجمالي قد انخفض أيضاً من 3,181,789 إلى 3,089,955 أي بنسبة 3%.

التفسير الذي لابد منه...

تم اتباع السياسات الليبرالية المتوحشة والمشوهة كتوحش وتشوه القلة القليلة المستفيدة منها، هذه القلة التي تشكل ما لا يزيد عن 5% من السكان. هذه السياسات التي أدت – عن سبق الإصرار من متبعيها – إلى تصفير راتب العامل السوري وملء حياته بالبؤس والفقر والعوز، أدت بالضرورة إلى ما وصلت إليه حال البلاد من تدمير وتهجير وكوارث اجتماعية قد تمتد إلى عشرات السنين بعد إنقاذ البلد مما هي فيه بسبب هؤلاء الذي يضحون بسورية مقابل تلبية مصالحهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1138