تطور الحركة الإضرابية العمالية الأمريكية
يجري تطور مهم في الحركة العمالية الأمريكية من حيث تنظيمها في النقابات ومن حيث فاعليتها في الإضرابات الجارية حيث تتصاعد وتتمكن من انتزاع أجور أفضل بالنسبة لأجورها السابقة وهذا مهم في سياق تطورها وطرح شعاراتها من مطلبية إلى الشعارات السياسية المعبرة عن جوهر الصراع بين العمل ورأس المال.
حدث 424 إضراباً عمالياً في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الماضي 2022 حسب إحصاءات جامعة كورنيل بمشاركة 224 ألف عامل «الإضرابات التي يشارك فيها أقل من 1000 عامل غير مشمولة بالإحصاء بالرغم من كثرة عدد الإضرابات الصغيرة».
ويعادل ذلك 4447588 يوم إضراب «يجري حساب أيام الإضراب بعدد أيام العمل لكل عامل مشارك في الإضراب ومدة الإضراب وعدد ورديات العمل_ مدة يوم العمل الواحد لكل عامل هي 8 ساعات». وحسب هذه الأرقام، ارتفع مستوى الحركة العمالية عن العام 2021 بنسبة 60% تقريباً. إذ حدث 279 إضراباً عمالياً في عام 2021 بمشاركة 140 ألف عامل.
سنأخذ بعين الاعتبار بأن هذه الأرقام ليست دقيقة 100%، لأن الإحصاءات تختلف بين جهة وأخرى، وهذا يدل على عدم قدرة الجامعات والمعاهد على تتبع الحركة العمالية الأمريكية، خاصة في ظل غياب اتحاد عمالي مركزي حقيقي وحالة التبعثر السائدة في الحركة النقابية.
على سبيل المثال، وحسب إحصاءات معهد السياسة الاقتصادية شارك حوالي 80 ألف عامل في إضرابات 2021، وحوالي 120 ألف عامل في إضرابات عام 2022. وإذا بنينا على أرقام وسائل الإعلام الأمريكية والحركة النقابية، سنحصل على أرقام أكبر بكثير مما قيل أعلاه. خاصة وأن الأرقام التي أعلنتها النقابات حول إضرابات عمال هوليود والسكك الحديدية والتعليم كبيرة جداً. فكل إضراب حدث بمشاركة أكثر من 100 ألف عامل، إي إن الإحصاءات الرسمية الأمريكية تقلل من شأن الحركة العمالية إعلامياً.
وبالإضافة إلى حركة الإضرابات، تشهد الولايات المتحدة نشاطاً كثيفاً على صعيد الانتساب إلى الحركة النقابية. إذ انتسب 16 مليون عامل إلى النقابات في عام 2022 مقابل 15.8 مليون عامل في العام 2021. فإذا حسبنا منتسبي هذين العامين فقط، سنحصل على أكثر من 30 مليون منتسب جديد إلى الحركة النقابية.
وحسب موقع حركة ناضلوا من أجل 15 دولاراً، في بداية العام 2023، حصل 8 ملايين عامل على زيادة أجور قدرها 5 مليارات دولار «انتزعوها بالنضال». إذ جرى رفع الحد الأدنى للأجور من 7 دولارات للساعة الواحدة إلى 15 دولاراً للساعة الواحدة في عدة ولايات ليصبح مجموعها الكلي 23 ولاية أمريكية، وتحول ذلك إلى قانون في 8 ولايات منذ إقرار أول قانون في كاليفورنيا عام 2016. واستطاعت هذه الحركة التي تصاعدت منذ عام 2018 رفع الحد الأدنى للأجور لـ 24 مليون عامل، أي حوالي 30 % من قوة العمل الأمريكية. وتنشط فروع الحركة في أكثر من 300 مدينة أمريكية و60 بلداً حيث توجد الشركات الأمريكية.
منذ عام 2018، تعرف وسائل الإعلام أن هناك صعوداً في الحركة العمالية الأمريكية، بل أصبحت هذه الحركة مادة دارجة في وسائل الإعلام الأمريكية.
ومن حيث لا تدري الحركة نفسها، أصبح للرأسمالية الأمريكية عدواً في الداخل الطبقة العاملة الصاعدة في التنظيم وحركة الإضراب. وإذا ما ارتفع مستوى هذه الحركة بشكل أعلى، سيصبح حكام أمريكا بين نارين، نار سياسية واقتصادية من جهة القوى الصاعدة في العالم، ونار طبقية تزداد اشتعالاً في الداخل.
وإذا ما انطلقنا من الأرقام التي أوردناها في هذه المادة، هناك حركة كبيرة تتشكل في الأسفل، ستسرع من الهزيمة السياسية للولايات المتحدة الأمريكية. وهكذا هزيمة في أي بقعة جديدة في العالم ستنعكس على الداخل الأمريكي بشكل كبير من جهة، وستسرع الحلول السياسية في بقاع مختلفة من جهة أخرى. وهكذا ومن حيث لا تدري، تصنع الحركة العمالية الأمريكية حليفاً داخلياً للحلول السياسية التي لا تصب في مصلحة الإمبريالية الأمريكية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1132