الفساد وآثاره
أديب خالد أديب خالد

الفساد وآثاره

يعود سبب انتشار الفساد إلى ضعف في المجتمع، كذلك نتيجة لعدة أسباب مترابطة ومتشابكة هي اجتماعية واقتصادية وسياسية حيث تؤثر العوامل الثلاثة بشكل إيجابي أو سلبي تجاه الفساد، ففقدان العدالة في المجتمع وتحوله إلى مجتمع امتيازات بدلاً من مجتمع قانون يؤدي إلى انتشار التملق والنفاق وظهور الشخصية الزئبقية التي ليس لها من مصلحة سوى مصلحتها الشخصية، وهذا يؤدي إلى وجود خلل في بناء المجتمع ووظائفه، ويتجلى البعد الاجتماعي للفساد من خلال الأخذ والعطاء، القائمَين على أساس ضياع الثقة الاجتماعية، ويصبح الفساد منتجاً لقيم هدامة تؤدي إلى إخفاق عملية التنمية، بحيث يصبح ممارسو الفساد قوة مضادة لمسيرة المجتمع ومدمرين له.

أسباب انتشار الفساد

أما على مستوى الاقتصادي تتمثل أسباب الفساد في ميل ميزان توزيع الثروة نحو أصحاب الربح مع ما يمثله هذا من تراجع في مستوى الدخول وتردي القوة الشرائية وما يفرزه من شرائح اجتماعية طفيلية تتسبب في تكديس الثروة بيد القلة وتوليد البؤس لدى الكثرة.

الفساد يتأثر عكساً بمستوى الحريات

أما من الناحية السياسية فإنه مما لا شك فيه أن الفساد يتأثر بمستوى الديمقراطية والحريات ومدى قوة وقدرة السلطة التشريعية المنتخبة ديمقراطياً على مراقبة السلطة التنفيذية، ومدى وجود سلطة تنفيذية تتمتع بالجدارة والإمكانية والولاء للمصلحة العامة، مع وجود سلطة قضائية مستقلة عن النظام السياسي مطلقة الصلاحيات في تطبيق القانون، كما مدى قدرة السلطة الرابعة على ممارسة الرقابة والمساءلة الشعبية على أعمال الحكومة والسلطة التشريعية وتكشف حالات الفساد بصورة موضوعية.

نتائج الفساد

من الناحية الاجتماعية يؤدي الفساد إلى آثار سيكولوجية مدمرة للمجتمع ويضعف الشعور بالمواطنة وتهتز ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها وينقسم الناس إلى أقوياء وضعفاء بينهم مسافات اجتماعية شاسعة، لأن الفساد يزيد من سلطة الأثرياء ويوسع الفجوة بين الطبقات ويغدو الفساد مرضاً عضالاً ينهك المجتمع ويدمر قواه المنتجة ويعرقل دور الدولة في إعادة توزيع الدخل، لأن الفساد يؤثر في العدالة التوزيعية مما يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة.
ومن آثار الفساد على المستوى الاقتصادي فإنه يتجلى ذلك في تراجع معدلات النمو والإيرادات الحكومية نتيجة لفقد موارد هائلة مما يؤدي إلى تقليل الإنفاق على التنمية وبالتالي إلى إعاقة خطط التنمية وإفشالها، وأيضاً ينتج نتيجة لفساد جهاز الدولة وارتباط بعض المسؤولين بقضايا الفساد والإفساد إلى حرمان خزينة الدولة من الكثير من الإيرادات على سبيل المثال لا الحصر (التهرب الضريبي والجمركي).

لا تنمية مع الفساد

أما على مستوى النمو الاقتصادي فيلاحظ أثر الفساد بشكل واضح حيث يضعف الفساد النمو الاقتصادي ويخفض حوافز الاستثمار كما أنه يؤدي إلى زيادة التكاليف على الاقتصاد الوطني لأن الرشاوى والتكاليف غير المنظورة للصفقات التي يبرمها المستثمر تضاف إلى التكلفة الكلية للمشروع ويتحملها الاقتصاد الوطني في النهاية كما أن الفساد يتلاعب بمواصفات المشروع قيد التنفيذ، وتلجأ قوى الفساد عادة إلى جلب الاستثمارات الأجنبية الملوثة التي تسعى إلى تحقيق الربح السريع وتحويله إلى الخارج وحرمان الدولة من العملات الصعبة، عدا على تركيز الإنفاق الحكومي على المشاريع التي يسهل الحصول من خلالها على رشاوى كبيرة مع الاحتفاظ بسريتها.
من دون مكافحة جدية للفساد تبدأ من الفساد الكبير الذي يحمي ويغذي الفساد الصغير ويعمل على إفساد المجتمع بأكمله لا يمكن الحديث عن إعادة إعمار ولا تنمية ولا استثمار. ومكافحة الفساد تتطلب أشراك المجتمع بأكمله فيها لأن الفساد يتسم بعدم العشوائية إذ يتمتع بطبيعة محكمة وله شبكة مترابطة سرّية متغلغلة في مختلف المجالات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1116
آخر تعديل على الخميس, 13 نيسان/أبريل 2023 12:28