معاناة العمال في بلاد المهجر
الهجرة الى أي مكان حتى إلى أقاصي الأرض بحثاً عن عمل محترم يؤمن أبسط مقومات الحياة بات حلماً بالنسبة للمواطن السوري وخاصة الشباب منهم حتى لو كلّفه ذلك أن يبيع كل ما يملك حتى منزله المتواضع لكي يدفع تكاليف السفر عله يؤمن عملاً في إحدى الدول (حتى لو كلفته هذه المغامرة حياته) يستطيع من خلاله تأمين نفسه وحياته وتأمين مستقبل آمن لعائلته التي بقيت في الوطن ولو اضطر للاعتماد على فرق العملة فقط لكي يستطيع أن يؤمن متطلباته الحياتية والتي ترتفع أسعارها بالداخل باستمرار لا يرحم، مقابل تدني الأجور وانعدام الفرص الحقيقية للعمل والحياة.
بطالة لا تستثني أحداً
طبعاً الهجرة بحثاً عن عمل لا يبقى مقتصراً على العمال فقط، بل لجميع أبناء الوطن وخاصة من حملة الشهادات والتي ترتفع بينهم نسب البطالة بشكل مخيف، وإن كانوا اسمياً يعملون في مهنهم إلا أنهم عاطلون فعلاً عن العمل، وهؤلاء أيضاً يفضلون السفر والعمل بأي شيء مقابل أجر بسيط يؤمن لهم حياة مستقرة خالية من الجوع والعوز خاصة أن أهاليهم كانوا يعولون عليهم وعلى شهاداتهم لكي ينتشلوهم من الفقر ولكن الأحداث وانفجار الأزمة وانعدام فرص العمل رمى حتى أصحاب الشهادات في بطالة مقنعة، فمثال ذلك ما صرح به نقيب المحامين أن 70 % من المحامين العاملين ليس لديهم قضايا وليس باسمه وكالة واحدة خلال العام وهذا يؤكد كلامنا أن هناك بطالة مقنعة من أصحاب الشهادات من مهندسين وأطباء ومحامين وأساتذة.
معاناة الفقر فوق الغربة
والبلدان التي يقصدها أغلب الشباب السوريين هي العراق والإمارات ومصر ولبنان وتركيا لأنها الأقرب إلينا وتكاليف السفر إليها ضمن المستطاع نسبياً ولكن هناك للأسف من لا يحصلون على ما يتمنون رغم بساطة أحلامهم بسبب استغلال أغلب الدول للعامل السوري وظروفه الصعبة وتشغيله ضمن راتب لا يؤمن له تكاليف حياته في الغربة من مسكن ومأكل بسبب ارتفاع أسعار المعيشة في تلك البلدان بالمقارنة مع أجره، ولكن مع ذلك العمال السوريون باتوا يعلمون كيف يتغلبون على هذه الصعاب، فالعيش في أدنى المستويات في تلك البلدان أفضل لهم من العيش في بلادهم التي هربوا منها من الجوع والفقر، ولا حل أمامهم سوى تحمّل تكاليف المعيشة الغالية خوفاً من العودة بخفي حنين إلى ذويهم و بلادهم وهم يعلمون ألّا شيء قابل للتحسّن في بلادهم، فمثلاً بات السوريون في الخليج أو العراق ينامون في أماكن عملهم ويعيشون فيها ليوفروا أجرة السكن أو يبحثون عن سكن مشترك مع عدة عمال يتقاسمون فيها أجرة المنزل، ومنهم من اضطر للنوم في الحدائق والطرقات واقتصار وجباتهم على وجبة واحدة في اليوم.
ابتزاز مضاعف من قبل الحكومة
هذا عدا عن أساليب العنصرية التي يتعرض لها العمال السوريون في بعض البلدان وملاحقتهم قانونياً لأسباب تتعلق بالإقامة وتجديدها وتكاليفها وما إلى ذلك وهو ما يعرضهم لابتزاز أكبر من دون توجيه أية مساعدة من قبل سفارة بلادهم التي من المفترض أنها تمثلهم وتدافع عن مصالحهم فهي تفرض رسوماً مرتفعة عليهم وبالدولار بحجة أنهم يعملون خارج البلاد فلا بد من نهبهم أيضاً، فعلى سبيل المثال رفعت الدولة سعر جواز السفر إلى مليون ليرة سورية للفوري وقامت نقابة المحامين ولكي لا يتعرض المحامي للفصل بسبب سفره فرضت رسوماً بقدر 500 دولار عن كل سنة خدمة يجب أن يدفعها المحامي المغترب أو الذي يريد السفر حتى لا يرقّن قيده من النقابة وكأنه كتب على السوريين أن ينفقوا على الحكومة وهم في بلاد الاغتراب أيضاً ناهيك عن التكاليف التي تتقاضاها السفارات منهم لإنجاز أية معاملة قنصلية.
ومع ذلك لا ترى الحكومة ومن وراءها من قوى الفساد من هذا النزيف خسارة للوطن طالما أن مصالحها تسير على ما يرام فلا يهمها هجرة العمال وأصحاب الشهادات والكفاءات خارج الوطن ولم تعمل على وقفه أو معالجة أسبابه وهي بسياساتها وخاصة الاقتصادية منها هي التي تدفع الشباب دفعاً نحو الهجرة وترك بلادهم وعائلاتهم وهؤلاء خسارة كبيرة للوطن لا يمكن تعويضها بعشرات السنين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1104