بصراحة ... أحوال الناس كيف تقاس
الواقع المعاش وجميع الدراسات الاقتصادية تؤكد على أن الوضع المعيشي لعموم الشعب السوري يسير بمنحدر شديد الخطورة، قياساً بارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة والتي تجاوز وسطيها مليوني ل.س وربما أكثر.
أصبح الواقع المعاش المؤكد بالدراسات التي تصدر بأرقامها الصادمة لكل الفقراء، مقارنةً مع ما يحصلون عليه من أجور وموارد لا تكفي كفاف اليوم، أو عدة أيام متوالية يشير إلى أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من حافة الجوع، لأن الناس تستغني تباعاً عن ضرورياتها الغذائية لصالح الأكثر ضرورة، وهذا الوضع تؤكده حركة الأسواق وكميات الشراء التي يقوم بها الناس، فمثلاً: البيض يُشترى بالواحدة، وفخذ الدجاج أيضاً يشترى بالواحدة، والخضار أيضاً والسكر بالأوقية وغيرها من الأشياء المعروفة لدى الجميع، وزاد عليها شراء بقايا عظام الدجاج كبديل عن شراء لحم الدجاج.
أصبحت الحياة ابتداءً من كميات الهواء المخصص للاستنشاق وليس انتهاءً بمتطلبات المعيشة الضرورية مرتبطةً جميعها بدرجة الاحتكار العالية للمواد الأساسية والتحكم بأسعارها والتي تستند إلى تغيرات سعر الصرف لليرة مقابل الدولار اللعين، وهذا الأخير يسير بتطور متسارع في أسعاره التي انعكست مباشرة على مزيد من رفع الأسعار، الذي يعني مزيداً من الإفقار للفقراء، ومزيداً من الثروة المكدسة لدى ناهبي قوت الشعب، حيث الفارق بين الأجور ومتطلبات المعيشة كبير جداً فالحد الأدنى لها 93 ألفاً- حتى بعد الزيادة الأخيرة- والحد الأدنى لمتطلبات المعيشة يتجاوز المليونين، فما هو الحل؟ سؤال يطرحه الفقراء السوريون على أنفسهم أولاً، وثانياً على أصحاب العقد والربط في الحكومة، والحكم التي تمطرنا عبر الإعلام والإعلام فقط.. بسيل هائل من الوعود الخُلَّبية التي تتبخر مع الانتهاء من التصريح، وهذه التصاريح الرنانة ليست فقط في الجانب المتعلق بالوضع المعيشي، بل تمتد إلى مجمل المطارح الاقتصادية «صناعة- زراعة» وهي المطارح التي يمكن في حال إعادة تأمين مستلزمات نهوضها، وتدوير عجلة إنتاجها أن تكون قاعدة ارتكاز حقيقية في تأمين مستلزمات التنمية، وتحسين مستوى معيشة أغلبية الشعب السوري، وتحقيق نسب النمو الضرورية للخروج من عُنق الزجاجة، التي وضعتنا فيها السياسات الليبرالية المحابية والمراهنة على قدوم المستثمرين، حيث جرت صياغة مشروع جديد لهم كحل أساس من الحلول التي تعتمدها، كما تمّ الرهان في السابق على أموال المستثمرين، ووصل البل إلى ذقن أموال العمال في التأمينات المطروحة للاستثمار، بعد أن شفطت مليارات الليرات السورية كدينٍ ولم تردّ إلى مصادرها.
هذا الواقع هو غيض من فيض، وتتحمل الحكومة مسؤولية حدوثه، ولا ندري كم ستكون منعكساته مؤلمة في المرحلة القادمة سياسياً واجتماعياً حين سيجيب الفقراء عن سؤالهم السابق: ما هو الحل الذي سيؤمن لهم العيش بكرامتهم في وطنهم؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1089