أم المعارك

أم المعارك

كيف السبيل من الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد والعباد وخاصة الطبقة العاملة والجميع يسأل ما هو الحل ومتى سيأتي وكيف، والكل ينتظر الفرج لعله يأتي يوم ينقذهم من حالهم التي وصلوا إليها الآن، حيث آلت حال الجميع إلى درجة اليأس والقنوط والأفق يبدو مسدوداً أمامهم، ولا أمل لهم في المستقبل المنظور على الأقل، وكان حلم الهجرة يراود الكثيرين وما زال ولكنه أصبح خياراً صعب المنال ويحتاج إلى المغامرة غير محمودة العواقب.

ولكن لا أحد يفكر أو يعتقد أو يؤمن أن الحل لا بدّ أن يبدأ من المجتمع والشعب وقواه الحية وخاصة العمال فهم وحدهم يخوضون معارك يومية من أجل لقمة العيش في تماس مباشر مع أصحاب الربح وينظرون بأم أعينهم إلى أين تذهب الثروة ولصالح من وكيف يحرمون منها.

الأساليب القمعية السياسية

ولكن السلطة التي تقف في صف أصحاب الربح تضيق على العمال بجميع وسائلها المتاحة تارة بحجب حقوقهم الدستورية بعيش كريم واقتصاد قائم على العدالة الاجتماعية وتارة بالسيطرة على نقاباتهم حزبياً وأمنياً وتحويلها إلى مجرد جمعيات خيرية في أحسن الأحوال وتفريغ عملها من أي مضمون نضالي أو مطلبي من خلال التصدي للسياسات الحكومية الليبرالية وفي تمريرها لمشاريع القوانين التي تصب في مصلحة قوى رأس المال وخصخصة القطاع العام وفي عدم الاعتراف بحق الإضراب الدستوري للطبقة العاملة ومنعهم من مجرد الاحتجاج على ظروف معيشتهم وشروط عملهم.

حرب اقتصادية على الفقراء

ناهيك عن الأساليب الاقتصادية من خلال خفض مستوى المعيشة عبر تجميد الأجور ورفع الأسعار بشكل يومي وعدم تعويض العمال عن انخفاض قيمة أجورهم الشرائية لدرجة أن الأجور لم تعد تكفي ثمن مواصلات للذهاب إلى العمل وانسحاب الدولة من وظيفتها الاجتماعية والاقتصادية وتركها لقوى السوق تتحكم بلقمة العباد وفرض مزيد من شروط العمل المجحفة بحق العمال والتي تبدع الحكومة في فرضها كما خرجت علينا وزارة التنمية الإدارية منذ يومين حيث فرضت على المتسابقين المتقدمين للمسابقة المركزية على التعهد بعدم متابعة دراستهم الجامعية وبشكل مخالف لأحكام قانون العاملين الأساسي في الدولة فبأي حق تضع الحكومة شرط توقيع تعهد بعدم تطوير العمال لأنفسهم وضمان مستقبل أفضل لهم ؟!! ناهيك عن فرض المزيد من الضرائب على المواطنين ورفع أسعار المحروقات والطاقة، إضافة إلى تكاليف النزوح الكبيرة التي يتكبدها العمال ورفع الدعم عن المواطنين الذين زادت فيهم معدلات الفقر والحاجة.
صحيح أن حل الأزمة السورية يحتاج إلى العامل الخارجي عبر أصدقاء الشعب السوري الحقيقيين ولكن هذا الحل سيوفر لنا فقط الظرف الملائم واللازم للتصدي لمشكلاتنا الداخلية من الفقر والبطالة والفساد والتهميش هذه القضايا الهامة والتي كانت أحد أهم أسباب انفجار الأزمة السورية والتي يتوقف حلها علينا فقط من خلال تنظيم صفوف الطبقة العاملة والبحث عن الحل الموجود فينا أساساً، فنحن من نعاني من الليبرالية ونتائجها ولن يأتي أحد ليقدم لنا الحل على طبق من ذهب ومثال تجربتنا مع الدستور الحالي الذي مازال حبراً على ورق بسبب غياب العامل الضاغط لتطبيقه، فأية سلطة كانت لن تحترم حقوق العمال والفقراء إلا إذا كان لهؤلاء قوة ضغط تفرض برنامجهم على الأرض فالحقوق تنتزع انتزاعاً ولا تعطى، وما على الطبقة العاملة سوى أن تعي نفسها ومصلحتها لكي تستطيع خوض المعركة التي فرضت عليها وهي كما تسمى بأم المعارك لأنها ستحمي الوطن وتعزز مناعته داخلياً وخارجياً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1072