أعمال شاقّة من أجل لقمة العيش
ضمن محاولاتها المستمرة في الحصول على عمل يؤمن لها أجراً قادراً على سد بعض احتياجات الحياة لها ولعائلتها، لجأت نسرين مثل غيرها من النساء للعمل في خدمة تنظيف البيوت حيث تخرج كل يوم باحثة عن لقمة عيشها عبر التنقل من منزل إلى آخر وفق جدول مواعيدها المنظم بحرفية عالية لتقوم بعملها المأجور المتمثل بتنظيف غرفة هنا ومطبخ هناك بالإضافة إلى أعمال تنظيف السجاد وغسيل الحرامات وغيرها من أعمال التوضيب والتعزيل اليومي والموسمي، مكرسة نفسها للمساهمة بفاعلية لإعالة عائلتها التي تتركها مكرهة طوال النهار في سبيل غايتها.
ذكرت لنا إحدى ربات البيوت العاملات خلال حديثنا معها كيف أن زوجها الذي يعمل كشغيل نجار باطون مع أحد متعهدي البناء بأجر يومي لا يتعدى 7 آلاف ليرة في أحسن الحالات غير كافٍ لسد احتياجات الغذاء لعائلتها المكونة من خمسة أفراد فكيف إذاً مجمل الضرورات الأخرى كآجار المنزل ومصاريف النقل والدواء واللباس ومصاريف مدارس الذكور الثلاثة؟؟
وأضافت إخبارنا عن مجمل مصاعب الحياة بشكل عام وعن مصاعب تأمين المعيشية للعائلة بشكل خاص وكيف تضطر لدفع 1500 ليرة سورية يومياً ثمناً للخبز فقط وبأن الطبخة اليومية التي تكفي عائلتها تحتاج 15000 ليرة خالية من كل أنواع اللحوم والشحوم والدسم بل تستعيض عنها بمكعب المنكهات «ماجي»، في حين تستمر وجبة الفطور اليومية بالارتفاع رغم أنها لا تشبه الوجبة إلا اصطلاحاً فهي عبارة عن 2000 ليرة فلافل و1500 ليرة مسبحة وطبعاً فهذه العائلة كمثيلاتها من عائلات الطبقات الفقيرة قد شطبت من قاموسها اليومي ما كان يسمى وجبة العشاء وبهذا تبلغ تكاليف الغذاء لليوم الواحد 20 الف ليرة لليوم الواحد أضف إليها المصروف الدراسي اليومي للأولاد الثلاثة بمعدل 500 ليرة للطفل الواحد في حين يبلغ الإيجار الشهري للمنزل في منطقة السبينة التي تقطنها 50 ألف ليرة.
تخبرنا أم العيال عن عملها وكيف أنه بطريقة أو بأخرى أفضل من العمل في الشركات المنتشرة في منطقتها أو المناطق المجاورة كالمعامل والشركات والورشات كونها تستطيع الحصول على ما يقارب 400 ألف شهرياً ورغم أن نصف المبلغ يذهب كأجور تنقلها اليومي الشاق إلا أنه ما زال أفضل من الأعمال الأخرى.
وحين سألناها عن طبيعة عملها أخبرتنا بأنه كفاح يومي وبأنها تعاني من أوجاع مستمرة في ظهرها ورقبتها كما أنها تعاني أيضاً من أكزيما بأطرافها نتيجة استخدامها المستمر لمواد التنظيف وتعتمد على بعض المسكنات ناهيك عن صعوبة التنقل في المواصلات العامة وساعات الانتظار على المواقف وغيرها من الصعوبات و كيف تحاول جاهدة إراحة نفسها قليلاً وقدر المستطاع حين تكون في البيت أو في عطلة لا تتوفر إلا فيما ندر.
اختتمت أم العيال حديثها معنا عن أملها وتفاؤلها بالقادم من الأيام وبأن اليأس ليس من صفات الأمهات السوريات رغم كمية الآلام التي تملأ وجدانها وحجم الهموم والمسؤوليات التي تحملها على أكتافها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1045