اتفاقيات العمل العربية هل تضمنتها قوانين العمل؟
تأسست منظمة العمل العربية عام 1965 وتضمّ في عضويتها الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وتقوم المنظمة على التمثيل الثلاثي الذي يعتمد على أساس اشتراك أصحاب العمل والعمّال والحكومات في هياكل المنظمة الدستورية.
وقد نص دستور المنظمة في مقدمته: أن لجميع البشر الحق في السعي وراء رفاهيتهم المادية والروحية بحرّية، وفي ظروف قوامها تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية وقد حددتها، ومن أهمها: تنمية وصيانة الحقوق والحريات النقابية، ووضع خطة لنظام التأمينات الاجتماعية لحماية العمال وعائلاتهم، وتنسيق الجهود العربية في ميدان العمل ومكافحة البطالة.
وقد أصدرت المنظمة (19) اتفاقية، كان أهمها: اتفاقية العمل العربية رقم (1) لعام 1966 بشأن مستويات العمل، والاتفاقية العربية للعمل رقم (16) لعام 1983 بشأن الخدمات الاجتماعية العمالية، والاتفاقية رقم (15) لعام 1983بشأن تحديد وحماية الأجور والعديد من الاتفاقيات والتوصيات التي تضمن حقوق العمال، وتنظّم العلاقة بين العمال وأرباب العمل.
والاتفاقية رقم /6/ لعام 1976 بشأن مستويات العمل يمكن اعتبار اتفاقيات المنظمة ودستورها أنها متقدمة من حيث حماية العمال وحقوقهم فقد نصت الاتفاقية رقم (1) لعام 1966 بشأن مستويات العمل والمعدلة عام 1976 على حقوق العمال الرئيسة، واعتبرتها بأنها الحد الأدنى من الحقوق، ومنها: الاعتراف بحق الإضراب للعمال بشكل واضح وصريح للدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد استنفاد طرق التفاوض القانونية، واعتبرت الاتفاقية أنّ نصوص تشريعات العمل يجب أن تكون أحكامها من النظام العام، لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها إلّا إذا كان ذلك لمصلحة العامل، وأكّدت أن تشريعات العمل يجب أن تكون موحدة للعمال كلهم في البلد الواحد، بحيث لا يجوز التفريق بين العمال في القوانين، كما أكدت على حق العامل وحده في إثبات حقوقه بالطرق كافةً، وحَرّمت النص على التسريح التعسفي، وجعلت التسريح خاضعاً للرقابة القضائية اللاحقة، كما أفردت فصلاً كاملاً لحماية صحة العمال ووقايتهم من أخطار العمل، وتشغيل الأحداث والنساء وحمايتهم.
اتفاقية العمل العربية
اتفاقيات العمل صادقت عليها سورية وبقيت دون تطبيق، وقد وقعت سورية على اتفاقية مستويات العمل لعام 1976 وعلى عشر اتفاقيات أخرى، أهمها: اتفاقية العمل العربية رقم (7) لعام 1977 بشأن الصحة والسلامة المهنية، والاتفاقية رقم (3) لعام 1971 بشأن المستوى الأدنى للتأمينات الاجتماعية، والاتفاقية رقم (19) لعام 1998 بشأن تفتيش العمل، وتسع توصيات أخرى فقط، وبالرغم من ذلك، فإن سورية لم تلتزم باتفاقيات منظمة العمل العربية التي صادقت عليها، ولم تنعكس هذه الاتفاقيات في قوانين العمل السورية، بل ذهب المشرّع عكس ذلك تماماً منذ تبني الحكومات السورية المتعاقبة لسياسات اقتصاد السوق الاجتماعي، فسورية شرَّعت التسريح التعسفي في قانون العمل رقم /17/ لعام 2010 وفي قانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004، وقوانين العمل في سورية ما زالت تجرِّم الإضراب وتعتبره جنحة، رغم أنَّ الدستور الجديد عام 2012 نصّ عليه صراحة كحقٍ من حقوق العمال كذلك لم تراعِ الحكومات السورية أن تكون قوانين العمل موحدة، بل هي في سورية متعددة وهذا الأمر يؤثر على وحدة الطبقة العاملة من حيث مطالبها العامة وحقوقها المتعددة ويفصل بينها فما يحق لعمال قطاع الدولة لا يحق لعمال القطاع الخاص، والشيء الوحيد الذي ساوى بين العمال في القطاع الخاص وعمال قطاع الدولة هو حق أرباب العمل سواء رب العمل الحكومي أو رب العمل الخاص بأن يتم التسريح بنصوص يتضمنها القانون، أي قوانين العمل، وهذا مخالف لاتفاقيات العمل العربية التي صادقت عليها الحكومة السورية ومن المفترض أن يتضمنها قانونا العمل ويجري التسريح وفقاً لتلك المواد التي يتضمنها قانونا العمل، وقد تمت عمليات تسريح كثيرة في كلا القطاعين تحت مسميات مختلفة مما أضاف أعداداً متزايدة لجيش العاطلين عن العمل.
حقوق ومزايا لأرباب العمل
إن نص اتفاقيات العمل يقضي بأن لا تتضمن قوانين العمل نصوصاً قانونية تتعارض مع حقوق العمال ولكن واقع الحال في قوانين العمل السورية تتضمن حقوقاً ومزايا لأرباب العمل أكثر من الحقوق للعمال وخاصة قانون العمل 17 الذي وافق ممثلو العمال المفترضين في مجلس الشعب على ما جاء بالقانون 17 بكل تفاصيله دون اعتراض على المواد التي تمكن أرباب العمل من التحكم والهيمنة على حقوق العمال ومنها حقهم في العمل الدائم والآن تطالب النقابات ببعض التعديلات على القانون 17 ولكن الحكومة بوزاراتها المعنية بهذا الأمر تسوّف تلك المطالب ولا تقدم على إجراء التعديلات المطلوبة من النقابات مع أنها أي تلك التعديلات لا تمس جوهر القانون بمعني المواد التي تمنع أرباب العمل من تسريح العمال كيف ومتى شاؤوا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1035