النقابات اليوم
لا يزال الخطاب السائد للحركة النقابية جارياً على أساس نموذج العامل في قطاع الدولة، وقائماً على أساس نحن والحكومة فريق عمل واحد أو شركاء، هذه السياسة تتجاهل واقع الطبقة العاملة، لا بل توحي بأن هذا الواقع الرديء الذي يعيشه العمال هم المسؤولون عنه، وهذا ما عبرت عنه وأوحت به كل التصريحات الحكومية.
يمثل عمال القطاع الخاص بشقيه المنظم وغير المنظم أكثر من ثلثي الطبقة العاملة في البلاد ويتشارك عمال هذا القطاع بطبيعة استغلالهم من قبل أرباب العمل بعدم وجود تلك الحماية القانونية الكافية من التسريح التعسفي وظروف العمل غير الآمنة، وانعدام الضمان الصحي لهم وحرمانهم من التأمين الاجتماعي لدى مظلة مؤسسة التأمينات الاجتماعية رغم وجود نص صريح وواضح في قانون التأمينات الاجتماعية عن إلزامية التأمين معبّرٍ عنه بالمادة /18/ من القانون «يكون التأمين في المؤسسة إلزامياَ بالنسبة لأصحاب الأعمال والعمال ولا يجوز تحمل العامل أي نصيب من نفقات التأمين إلا في فيما يرد به نص خاص». أمّا التنظيم النقابي لا يزال بعيداً عنهم، وهناك ضعف في العلاقة المباشرة معهم، حيث لا تصل نسبة تمثيلهم في النقابات 25% في أحسن الأحوال، حيث إنهم يتشاركون مع قطاع الدولة بتلك الأجور المتدنية التي لا تلبي احتياجات العامل المعيشية اليومية من غذاء وكساء ومسكن وغيرها من الحاجات الضرورية للعامل وأسرته.
في ظل هذا الواقع المأساوي للعمال نتيجة تلك السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة المنتجة للأزمات المختلفة من كهرباء وغاز ومازوت ومواصلات، ومزيد من الإفقار لكل المشتغلين بأجر، أصبحت أغلب مؤسسات الدولة اليوم وخاصة المنشآت الصناعية مثقلة بالمشاكل والهموم المختلفة، ومن جهة أخرى، لا يزال يسيل لعاب قوى الفساد والنهب الكبرى على ما تبقى من خيرات البلاد وجيوب العباد الفقيرة والمفقرة نتيجة تلك السياسات المتبعة من قبل الحكومة، بينما تتزايد أفواج العاطلين عن العمل وطالبي الهجرة للخلاص من هذا الواقع الرديء، وكانت خيبة أمل كبيرة لدى الطبقة العاملة ببرامج الحكومات المتعاقبة، التي أشرفت على تدمير ونهب كل شيء، حيث كانوا غاضّين الطرف عمّا يجري من أحوال العمال والعباد، وبرزت فئات جديدة متخمة بالثراء عبر الربح السريع في التجارة الهامشية، مقابل فئات تعتاش على الفتات، وارتفاع نسب البطالة إلى مستويات قياسية، وزاد من سوء الحال لدى القطاع الخاص المنتج، مما أدى إلى خروج القطاع الخاص الوطني المنتج ليبحث عن مصالحه خارج البلاد، إضافة إلى تهميش جميع منشآت وزارة الصناعة الإنتاجية وتوقف الزراعة. هذا الذي كان قد فرض على الحركة النقابية ألّا تكون صاحبة هوية طبقية منحازة إلى الطبقة العاملة رغم تدهور الأحوال المعيشية لها ووصولها إلى ما تحت خط الفقر، إنّ غياب الحركة النقابية العمالية في سورية يعيق تحسين الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة وكافة أفراد المجتمع، لذا لا بد من إستراتيجية جديدة للحركة النقابية تعمل على توسيع قاعدتها العمالية في كافة القطاعات الاقتصادية وبالأخص في القطاع الخاص الهام، وهو الأكبر والأوسع من حيث عدد العمال الذين ينضوون ضمنه، إستراتيجية تعمل على الدفاع عن حقوق ومطالب العامل وخاصة:- إيجاد ذلك التشريع الذي يوحد الطبقة العاملة السورية في القطاع الخاص وقطاع الدولة على حد سواء من قانون العمل وقانون التنظيم النقابي، وقضاء عمالي يضمن حقوق العمال. – تبني تلك الأدوات النضالية الحقيقية التي خبرها العمال من خلال تجاربهم من احتجاجات واعتصام وإضراب وغيرها. وهذه هي الوحيدة التي تعمل على جذب العمال إلى منظمتهم والتصاقهم بها باعتبارها الضامنة لحقوقهم المشروعة. – إيجاد المعادلة الحقيقية للأجر العادل في العيش الكريم المرتبطة بالواقع الحقيقي للمعيشة. – حريات ديمقراطية حقيقية لتمكين العامل من اختيار ممثليهم دون وصاية أو ضغط من أحد وأن يعبّروا عن هواجسهم ومطلبهم في المؤتمرات النقابية، وبعيداً عن أسلوب القائمة المغلقة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1032