قوانين الاستغلال الرأسمالي

قوانين الاستغلال الرأسمالي

مع بدايات الإنتاج الرأسمالي الكبير ظهرت الطبقة العاملة، وظهرت معها الضرورات للتخلص من علاقات الإنتاج التي تستغل الإنسان، وظهرت معها ضرورة تحرير الطبقة العاملة .

الإنتاج في المعمل الربح كيف يتحقق؟

فإذا أخذنا بعين الاعتبار دور الآلة بالصناعة، والتقسيم الكبير للعمل، نجد أنه ممكن في أحد المعامل الضخمة ومن أول يوم إنتاج، ينتج العمال أجورهم التي يحصلون عليها جراء عمل 30 يوماً أي: بمعنى آخر: هم يحصلون على أجر يوم واحد ويعملون 29 يوماً مجانياً. إن مجرد الإمعان بهذه الفكرة وبالاستغلال القائم يمكن تخيل سبب بؤس الطبقة العاملة. لأن أي رب عمل غرضه الأساسي من الإنتاج هو زيادة ربحه والإنتاج بأرخص التكاليف، مما يدفعه إلى زيادة عدد ساعات العمل وزيادة المكننة للتخفيف من اليد العاملة، هذا الأمر بدوره يؤدي إلى زيادة درجة الاستغلال على العامل والاستغناء عن عدد من العمال، وبالتالي زيادة البطالة وبالتالي إخضاع قوة العمل إلى العرض والطلب في السوق، والإنقاص من الأجور الحقيقية.
ولكن أحدهم قد يسأل إن كان رب العمل محقاً في هذا وهذه أمواله، وهل يحق له أن يربح؟؟
فإذا اعتبرنا بالفعل أن هذا الكلام محق بغض النظر أن نعرف من أين أصل رأسماله فإن المشكلة تكمن بالقانون الذي يحكم رب العمل، بسعيه نحو الربح الأعلى على حساب العمال وتداعيات هذا القانون.

قانون تمركز الثروة

إن نتيجة هذا القانون الموضوعي الذي يتحكم بالإنتاج يؤدي إلى تكدس الثروة عند الأقلية من أرباب العمل، وسوء حال الطبقة العاملة، وبالتالي ضعف القدرة على الاستهلاك عند الأغلبية. التراجع في الربح عند أرباب العمل، وحرية المنافسة بالسوق تؤدي بحيتان السوق من أرباب العمل إلى ابتلاع أرباب العمل الصغار بالإضافة إلى تدهور أحوال الفلاحين والصناعيين الصغار، وبدء نشوء طبقتين واضحتين هما طبقة العمال وطبقة أرباب العمل.
فإذا كانت الطبقة العاملة نتيجة الصناعات الضخمة، ونتيجة ظهور الآلات، وإذا كانت نتيجة ظهور الصناعات الضخمة تترافق معها مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وإن حرية المنافسة بالسوق اقتضت ابتلاع حيتان الأموال لغيرهم وتكديس الثروة بيدهم، بالمقابل أغلبية شعبية لا تملك شيئاً إلا قوة عملها يمكنها من خلالها أن تعيش حتى تعمل ثانية..

إلغاء الاستغلال وتنمية القوى المنتجة طريق واحد

إن حل هذه المشكلات، وإلغاء الاستغلال، وتنمية القوة المنتجة، وضبط الإنتاج بالسوق، وإلغاء المنافسة، أي: بمعنى التوجه نحو العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة. لا يمكن تحقيقها ضمن سيادة طبقة أرباب العمل التي يحكم مصيرها قانون سعيها نحو الربح الأعلى، وبالتالي لابد من سيادة الطبقة العاملة، وامتلاكها لوسائل الإنتاج، أي: بمعنى تحرير الطبقة العاملة، وانتقالها إلى طبقة تعي ذاتها، وتعمل على تحرير نفسها.
من هنا تظهر فكرة السؤال لماذا الطبقة العاملة؟؟ ولماذا تظهر فكرة تحرير الطبقة العاملة؟؟
حيث نستطيع أن نقول: إن البشرية على مفترق طرق بين الحروب واستغلال الإنسان للإنسان، وبين عودة الإنسان لإنسانيته، وبداية تاريخ جديد للبشرية بسبب طبيعة الإنتاج الرأسمالي التي قامت بحرق البشر والحجر، وإن تحرير الطبقة العاملة يعني تحرير البشرية وتأمين الحاجات المادية وتحرير إمكانات للانطلاق.
ومن هنا تظهر ضرورة تنظيم وتوعية الطبقة العاملة ونضالها، سياسياً واقتصادياً لتحريرها من القيود التي تتحكم بها وتتحكم بمصير البشرية وتطورها.
ولكن السؤال الآن: هل من الممكن أن تعي الطبقة العاملة ذاتها لوحدها؟؟ وإن كان لا يمكن أن تعيها لوحدها فما العمل؟

ضرورة الوعي الاشتراكي

«إن الوعي الاشتراكي عنصرٌ يؤخذ من الخارج، وينقل إلى نضال البروليتاريا الطبقي لا شيء ينبثق منه بصورة عفوية» (لينين كتاب ما العمل). حيث إن العمال بنضالهم اليومي ضد أرباب العمل يكتسبون وعياً بإدراك مصالحهم المتعلقة بساعات العمل والأجور والضمان الصحي والضرائب، ولكن الوعي للنضال ضد طبقة أرباب العمل والقوانين والأنظمة التي تختبئ وراءها طبقة أرباب العمل لا يمكن إلا بتشكل الوعي السياسي الاشتراكي، القادر على تقديم الحلول الجذرية، وتحرير العمل من سلطة رأس المال، وإن الطبقة العاملة بسبب ظروفها في العمل تستطيع أن تبني تلك المعارف المبنية على أسس علمية، والتي هي بيد الطبقة المثقفة من البرجوازية، لذلك تظهر الضرورة لوجود أحزاب ثورية في المجتمع تقود النضال مع الطبقة العاملة، وتنقل هذا الفكر إلى أكثر العمال تطوراً من الناحية الفكرية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1028