كورونا مصيدة السياحة!
فادي نصري فادي نصري

كورونا مصيدة السياحة!

تعرضت الكثير من المنشآت السياحية- مثلها مثل المنشآت الخدمية الأخرى- لما يشبه الشلل في أعمالها، نتيجة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة في بداية الجائحة ولكنها كانت وحيدة الجانب، أي، وكأنها قالت للعاملين وأصحاب الأجور: اذهبوا أنتم وربكم وقاتلوا من أجل معيشتكم، التي هي بالأساس- أي بدون إجراءات- في حالة بؤس وضنك شديدين، فكيف مع الإجراءات، خاصة وأن العاملين في هذه الأماكن ليس لديهم ما يحميهم من الجوع والعوز سوى عملهم الذي خسروه، ولكم أن تتخيلوا عدد المنشآت التي أغلقت أبوابها بسبب الجائحة، وبسبب قلة ما في الجيب للكثيرين من روادها، التي ترافقت مع ارتفاع كبير في أسعار المأكولات والمشروبات، مما قلص عدد المرتادين لهذه الأماكن.

يقال: إن أعراض وباء كورونا تبدأ في الأيام الثلاثة الأولى، وفيما بعد، إما يتحسن المريض ويشفى، أو يموت، هذا التعريف يصلح في حال الإصابة بالفيروس، ولكن لهذا الفيروس أخطار أوسع من الفتك بصحة البشر، ألا وهي الاقتصاد بشكل عام وجيوب العمال بشكل خاص.

مصلحة عامة

مع بداية تفشي فيروس كورونا في سورية، اتبعت الحكومة عدت أساليب لمكافحة الفايروس وحماية المواطنين من الإصابة بهذا المرض اللعين، فكان الحجر، والذي انتهجته أغلبية دول العالم، وأحد من هذه الأساليب لمواجهة الفايروس، فأغلقت جميع المحال التجارية والمجمعات السياحية على كبرها وصغرها، وأرسل بآلاف مؤلفة من العاملين بأجر- شهري أو أسبوعي، أو على الأجر الذي يسمى بالبخشيش أو البراني- إلى المجهول، فجلس هؤلاء المعطلون قسراً في منازلهم، ويتمنون العودة إلى أعمالهم ولو طالهم الفيروس في صدورهم، فما كان من الحكومة إلا أن أعلنت عن منحة بمبلغ 100 الف ليرة سورية للمتعطلين بسبب الحجر، وفي المحصلة 2‎%‎ من المتعطلين عن العمل في المنشأة السياحية من حصلوا على المنحة، وبقي آلاف العاملين في مهب الريح.

فرح المصابون فقراً

بعد فك الحجر استبشر هؤلاء العمال خيراً بعودتهم إلى أعمالهم، ولكن كانت المفاجآت المأساوية تنهال عليهم تباعاً، فمنهم من حاول العودة إلى عمله، ووجد المحل قد أغلق بشكل كامل بسبب الخسائر التي لحقت بأصحاب المحال السياحية، ومنهم من كان حظه كما يقال من ذهب، وعاد إلى عمله، ومنهم من يعمل لحد الآن بدوام ساعي جزئي أو على طريقه نصف شهري، وما زالت القرارات تصدر لمواجهة الجائحة دون الالتفات لمصائر هؤلاء العمال، وعلى سبيل المثال: صدر هذا الشهر قرار ينص على منع إقامة الحفلات الفنية والعروض الفنية في جميع المحال السياحية، والقرار من حيث المبدأ صحيح، ولكن مواجهة وباء الموت يجب أن تترافق مع خطة لمواجهة العوز والفقر لهؤلاء العمال، والذين لا توجد إحصائيات دقيقة لأعدادهم، والسبب عدم حمايتهم بأية مظلة قانونية تأمينيه أو نقابية، وما علينا الآن سوى تفنديهم للوقوف على حجم المأساة. 1- عمال النرجيلة متوقفين بشكل كامل. 2- عمال خدمة الصالات. 3- عاملو النظافة، وهؤلاء ينقسم عملهم بين تنظيف الصالات ومحيط المنشأة، وجلي الكؤوس والصحون. 4- عمال تحضير الطعام والشراب. نهاية الكلام نطلب من المسؤولين ركوب سياراتهم الحديثة والمريحة، والقيام بجولة ترفيهية، والمرور من أمام المطاعم التي يعرفونها جيدً، لأخذ نظرة سريعة عن ضخامة المطاعم، ومقارنة الأعداد التي كانت تشغلها مقارنة بالوضع الحالي، والنتيجة: ربما مئات آلاف المصابين المفقرين بفيروس كورونا 2020.

معلومات إضافية

العدد رقم:
978
آخر تعديل على الإثنين, 10 آب/أغسطس 2020 13:43