الحل في مكان آخر؟
الحكومة، صرعتنا بتصريحاتها المستمرة، بأنها ستدعم الإنتاج، وستقلع بالمعامل وستساعد القطاع الخاص، بإعادة تشغيل معامله، وتعقد المؤتمرات واللقاءات مع الفعاليات النقابية والاقتصادية ورجال الأعمال من أجل إيجاد السبل الكفيلة بتذليل الصعوبات عنهم، وتسهيل الإجراءات بما فيها دعمهم بمبالغ مالية كبيرة إلى آخر الأسطوانة التي يُشنفّون آذاننا بسماعها؟
ولكن على أرض الواقع لا شيء يتغير تجاه القضايا المتعلقة بالإنتاج والصناعة، سواء في القطاع الخاص أو معامل قطاع الدولة، لتبقى تلك الوعود وعوداً لا تغني ولا تسمن من جوع، خاصة مع وجود الكورونا التي جعلت المعامل خاوية من عمالها الذين في فقرهم وعوزهم يتخبطون، وتحول الإنتاج إلى نسب متدنية، خاصة مع التغيرات الكبيرة بسعر الصرف الذي استفادت منه قوى النهب الكبرى.
بينما في المقلب الآخر، لا نرى طحناً بل وعوداً يعدون الناس بها، مثل: تنزيل الأسعار وضبطها خلال فترة من الزمن، وكأن الموضوع هو (أوكازيون) يتسابق فيه المسؤولون بالتصريحات والوعود التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ليبقى الفقير يترنح بعذابات فقره والغني يتغنى بمجد المال الذي نهبه من فقرنا ولقمة عيشنا.
في السابق قالت الحكومات لأعضاء مجلس الشعب: لا حل للقضايا التي تطرحونها، والحل كما قالوا: أعطونا مليارات الدولارات، ونحن على استعداد لحل كل القضايا المطلوبة من الحكومة، ولا ندري إن كانت هذه المليارات المطلوبة ستكون صالحة لحل أزمة بحجم الأزمات المعيشية، والضروريات التي يحتاجها الشعب السوري، أي: صالحة من حيث حسن التصرف بها لصالح الشعب السوري الفقير، وألّا تقع في بالوعة النهب، التي هي مثل النار تقول: هل من مزيد.
ولكن، ماذا يعني هذا الكلام الصريح والواضح؟
يعني: أنه ليست هناك حلول بالمدى المنظور وغير المنظور، وأن جملة الوعود والتصريحات والخطب من فوقِ المنابر، هي رماد يجري ذره في عيوننا، والدليل جملة الأزمات التي يعيشها شعبنا: أزمة كهرباء.. أزمة غاز.. أزمة ماء.. أزمة مازوت.. أزمة كبيرة في أجور العمال، أزمة حقيقية في المعامل، التي توقف جزء مهم منها، أو تعمل بطاقتها الدنيا، والتي أصبح عمالها مهددين بالتسريح، وقبل التسريح مهددون بالجوع، لأنهم يتقاضون الآن نصف أجرهم المقطوع، إن استمروا بقبضه، والكل يعلم أن الحد الأدنى للأجور 47000 ألف ليرة سورية، وبالله عليكم: ماذا يفعل العامل بهكذا أجر مقصوف عمره إلى هذا الحد؟ ولا ندري إن كان أصحاب الحل والعقد يدرون بما وصلت إليه أوضاع العمال! ونحن نجزم بأنهم يدرون وبكل التفاصيل، ولكن أمامهم خياران لا ثالث لهما: إما أن ينحازوا تجاه الشعب الفقير. وإما تجاه قوى النهب الكبرى. والخيار الثاني هو السائد والمعمول به، لأن الخيار الأول يعني أن الشعب يمارس سلطته الحقيقية تجاه ناهبي ثروته، وهذا لا يتوافق مع مصالحهم بالنهب والفساد السائدين.
إن المبالغ التي تريدها الحكومة، من أجل حل أزماتنا موجودة، ولكن تحتاج إلى قرار سياسي بحجم الأزمة، التي يعيشها شعبنا، وهي ليست قادره على اتخاذه، قرار يعبر عن إرادة الشعب السوري في الخروج من أزماته، التي جزء منها أزمته المعيشية، والشعب سيكون سنداً لمن يتخذ هذا القرار الوطني، وهو تأميم مراكز النهب الكبرى في البلاد، وهي معروفة «للكبير والمقمّط بالسرير»، وعندها لن تحتاج الحكومة وتطلب من أحد في الداخل أو من غيره في الخارج، تأمين تلك المبالغ ، من أجل حل القضايا التي يطالب بها الـ90% من الشعب السوري، فهل يأتي أحد ويفعلها؟ إنه الشعب المقهور لأنها ثروته!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 977