دفاعاً عن النقابات..

إن أهم مسألة تشغل بال العمال والعديد من الكوادر النقابية اليوم، هي: استقلالية الحركة النقابية والنقابات، هذا إضافة إلى كيفية النضال اليومي من أجل رفع الأجور للعمال بما يتناسب مع هذا الوضع المعاشي المرزي، وتحقيق التوزيع العادل للثروة الاجتماعية، وتعتبر قضية استقلالية النقابات في المجتمع مهمة جداً. 

لقد حافظ الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية منذ تأسيسه على استقلاليته، وكانت النقابات السورية من المساهمين في تأسيس اتحاد النقابات العالمي، لكن الحركة النقابية فقدت هذه الاستقلالية، أو بدأت بفقدان هذه الاستقلالية منذ أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي، وما زال الحبل على الجرار شيئاً فشيئاً، حتى أصبحت على ما آلت إليه اليوم، حيث استخدمت ضغوطات عدة على الحركة النقابية، للحدّ من استخدام الأساليب الكفاحية والنضالية الأساسية المعروفة لدى كل العمال والحركات النقابية في العالم أجمع، للدفاع عن حقوق العمال، حتى ضعف أداء الحركة النقابية السورية، وضعف دورها المفترض، وهو ما ينطبق على التنظيمات الشعبية كلها في المجتمع، مما أفقدها حقها الدستوري الذي عبّر عنه الدستور، إن أكثر ما تخشاه الأنظمة الرأسمالية- وخاصة في دول العالم الثالث، وكذلك قوى النهب والفساد الكبرى- هي النقابات المستقلة في المجتمع، وبالأخص النقابات العمالية، لأنها تشكل قوة كبرى ضد النهب والفساد والاستغلال في أية دولة كانت.
إن النقابات في المجتمع المدني، وحتى الأحزاب السياسية، هي من أهم الوسائل والأدوات التي تمنع وتحد من تسلط أجهزة الدولة، وخاصة على مصالح وحقوق العمال والكادحين الاقتصادية المعيشية، من رواتب وأجور وغلاء، وكذلك الحقوق الديمقراطية والتشريعية، من قوانين عمل وضمان اجتماعي وصحي وضمان شروط وظروف عمل مناسبة.

الوظيفة الحقيقية للسلطة

خلاصة القول: إن أي إضعاف لقوى المجتمع الحية من نقابات وأحزاب سياسية هو إضعاف للدولة، لأن ذلك سيفتح الطريق للسلطة أن تبتعد عن وظيفتها الحقيقية، وهي خدمة المجتمع والبلاد عامة، حيث تقوم بنخر جسم الدولة، نتيجة عدم وجود من يكبح هذه السلطة سلمياً، مما يدفعها إلى الفساد، لأن ذلك طبيعة في أية سلطة مهما كانت، وقد يؤدي هذا عادة إلى رد فعل فوضوي من المجتمع ضد فسادها وهيمنتها، وهذا بطبيعة الحال يوقع الدولة في الفوضى وعدم الاستقرار، وقد تصل أحياناً إلى حرب أهلية قد تكون سبباً في انهيار الدولة بحد ذاتها، ويمكننا القول هنا أيضاً: إن وجود نقابات قوية، وخاصة النقابات العمالية ذات الاستقلالية، هي عنصر هام في قوة الدولة وكذلك أيضاً أحزابها السياسية، وأنّ احد الاخطار التي تهدد بناء الدولة هو أن تحاول السلطة إضعاف هذه النقابات، وتحويلها إلى أدوات في خدمتها واحتوائها ضمن بوتقتها. حيث تكون مهمة هذه النقابات- والقوى الأخرى في المجتمع- مراقبة عمل هذه السلطة عندما لا تقوم بواجباتها الوظيفية والوطنية اتجاه المجتمع، كما يجب أن تكون، والدفاع عن مصالح من تمثلهم باستخدامها الأدوات والوسائل السلمية الناجعة، من اعتصام ومظاهرات، بما فيها ممارسة حق الإضراب، وبهذا تكون للحركة النقابية مساهمة فعالة في التنمية بكل أشكالها الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية، وتطوير الصناعة والزراعة في قطاع الدولة، والقطاع الخاص على حد سواء، والمساهمة الأكبر في إعادة توزيع الدخل الوطني من الثروة المنتجة في المجتمع، وفي ضوء ذلك: هل تستطيع النقابات أن تعيد تنظيمها تنظيماً جديداً وفعالاً، بالاستفادة من تطوير وتحديث تجاربها التاريخية وأدواتها الكفاحية؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
977
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 14:59