البطالة والفقر

البطالة والفقر

من أوائل الحقوق التي أقرتها الشرائع الدولية، الحق في العمل، ويعتبر العمل حقاً لكل فرد في المجتمع، ولا بد أن يتمتع بهذا الحق، وهو لا يقل أهمية عن الحق في التعليم، والحق في الغذاء وغيرها من الحقوق الأساسية للإنسان، حيث جاء في المادة: 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

لكل شخص حق العمل، وفى حرية اختيار عمله، وفى شروط عمل عادلة ومرضية، وفى الحماية من البطالة.
تعتبر الأزمات ورقة عباد الشمس وكاشفاً تاريخياً وحقيقياً لما يجول في أعماق المجتمع من مشاكل اجتماعية واقتصادية تلدغ المجتمع. وقد أظهر انفجار الأزمة في البلاد أن البطالة ليست هي وليدة انفجار الأزمة، لكن تصاعد وتيرة انفجار هذه الأزمة قد ساهم في ازدياد معدلات البطالة في البلاد، وتختلف الأرقام التي صدرت عن مختلف مراكز الدراسات الإحصائية حول نسبة البطالة في سورية، حيث تتفق جميعها على أنها مرتفعة وازداد ارتفاعها خلال سنوات الأزمة التي ضربت مختلف القطاعات، الإنتاجية: من صناعة وزراعة. والخدمية منها: من مواصلات وصحة وسياحة وغير ذلك. فقد وصلت نسبة البطالة إلى 50% من قوة العمل، حيث دلّت على ذلك معظم هذه الدراسات، وقد تبنت منظمة العمل الدولية خلال دراساتها الإحصائية الدولية هذه الأرقام، وتم تصنيف سورية من قبل هذه المنظمة ضمن أوائل الدول في نسب البطالة المرتفعة

مشكلة فقر اجتماعي عام

عندما نقول: بطالة، يعني ذلك انعدام الدخل، وبالتالي الفقر بشكل عام، ولكن مشكلة الفقر في البلاد ليست عند العاطلين عن العمل فقط، بل هي مشكلة فقر اجتماعي عام مرتبط بسوء توزيع الثروة الوطنية، وعملية الإفقار هذه تستفيد منها قوى النهب والفساد، حيث ما زال القرار الاقتصادي والسياسة الاقتصادية في خدمة مصالحها. تقول بعض المؤشرات: إن الفقر يمكن أن يقاس مقارنة بحصة الإنفاق على وسائل العيش الضروري من الدخل وفق حد لا يتجاوز 60% من الدخل على وسائل العيش الضرورية من غذاء وكساء بالدرجة الأولى، إن كافة العاملين بأجر في القطاع المنظم لدى الدولة والقطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أدنى من مستوى الحد الأدنى للمعيشة، وهذا الدخل لا يكفي الاحتياجات المطلوبة للغذاء فقط. وهذا ينطبق أيضاً على العاملين بأجر في القطاع غير المنظم والحرفيين والعاملين لحسابهم الخاص، نتيجة انخفاض سوية الأجور، وتثبيتها حيث حدها الأعلى لا يصل إلى الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة. وبالمناسبة، إن القطاع غير المنظم يشمل ما يزيد عن 40% من قوة العمل، وهم ليسوا أحسن حالاً من العاملين في القطاع المنظم سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص، بل أسوأ حالاً من حيث مكان العمل وشروط العمل وساعات العمل والأجور أيضاً.

للنقابات دور

في الوقت الذي تتقدم فيه وتعمل ما بوسعها، قوى النهب والفساد في أجهزة الدولة وخارجها بشكل متناغم وأكثر وقاحة لتحميل الطبقة العاملة وكافة الكادحين تكلفة الخروج من هذه الأزمة، تقوم بعض المؤسسات الحكومية بتسريح آلاف العمال ورميهم على قارعة الطريق تحت ذريعة العمال ذوي العقود المؤقتة، وكان ليس أخرها أو أولها، عندما قامت محافظة دمشق بتسريح ألف عامل دفعة واحدة تحت ذريعة الأعباء المالية المترتبة على هذه العقود. وبالمقابل، نجد أن الحركة النقابية ما زالت تستجدي من أجل الحصول على بعض التعويضات الهزيلة، أو رجاء من أجل إعادة العمال الذين يتم فصلهم من العمل هنا أو هناك، لن يكون انعتاق للطبقة العاملة من مستنقع الفقر دون مواجهة حقيقية للبطالة والتسريحات، وتتطلب هذه المواجهة من الحركة النقابية، أن تكون أشدّ ارتباطاً بالطبقة العاملة، وأن تقوم بتجميع أدوات نضال العمال الكفاحية والديمقراطية كلها، والاستفادة من التجارب النضالية المحلية والدولية كلها أيضاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
976
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 15:00