أصل المشكلة بالسياسات

أصل المشكلة بالسياسات

كثيراً ما يلجأ أصحاب الحل والعقد في بلدنا إلى التعامل مع المشكلات والإخفاقات والخسارات باللجوء إلى أهون الطرق وأسهلها، وهو تغيير الشكل المعتقد أنه سبب تلك الأمور التي ذكرت، والإبقاء على المسبب الرئيس الذي سبب تلك المصائب التي يريدون لها علاجاً، ولكن تبقى دون علاج جذري ينهي المشكلة،

ونقصد هنا علاج مشاكل شركات ومنشآت قطاع الدولة الصناعية والخدمية خصوصاً المتدهورة صحتها باطراد- بأن تتم إقالة فلان وعلّان من مركزه ويكون بهذا العلاج قد حلّت الحكومة تلك المشاكل التي تعود إلى التفاقم مرة أخرى بشروط أخرى يتعذر على أصحاب القرار حلّها.
في الآونة الأخيرة طالب رئيس الوزراء بإقالة الفريق الذي يعرقل عمل خطط وزارة الصناعة، وهذا الفريق يعمل على إجهاض وتقدم وتطور الوزارة، ونعيد النص كما نشرته مواقع التواصل: رئيس الوزراء «هناك فريق في وزارة الصناعة يعمل على إجهاض تقدم وتطور الوزارة» وطلب من الوزير المختص بإقالة هذا الفريق.
لسنا متيقنين من أنَّ هذا الإجراء لو تم سيكون هو البلسم الشافي لما تعانيه وزارة الصناعة من حيث تأمين تقدمها وتطور عملها ليتم الإقلاع المطلوب لعجلة الإنتاج الصناعي والزراعي. ونعتقد أن المشكلة ليس هنا فقط أي في ذلك الكادر القادر على السير في هذا العمل الوطني الكبير، الذي هو مطلوب بكل الأحوال، ولكن يكمن الداء الذي يفاقم أوضاع الصناعة ويجعل شفاءها مرهوناً بالتخلص منه، الداء هو تلك السياسات الاقتصادية التي تم تبنيها منذ ردح من الزمن، وما زال العمل جارياً بها، وهي سياسات تجعل الصناعة آخر همّها سواء بالقطاع الخاص الذي يعاني في تأمين مستلزمات السير والإقلاع بمعامله الشيء الكثير، ابتداءً من توفير الطاقة اللازمة لعملية التشغيل وليس انتهاءً بتأمين مستلزمات الإنتاج الأولية الداخلة بعملية الإنتاج، ومعامل قطاع الدولة ليست أفضل حالاً من القطاع الخاص، فهي تعاني أكثر بسبب أشياء كثيرة منها قدم خطوط الإنتاج، وكذلك فقدانها للكوادر الفنية التي تلزم لتشغيل الآلات وفقدانها لمصادر الطاقة وغيرها من القضايا التي تعلمها الحكومة تماماً.
إذاً، الحل لا يكمن فقط في التبديل والتغيير في الوجوه مع أن هذا قد يكون ضرورياً من حيث تأمين الكفاءات والكوادر، المعضلة تكمن في السياسات. هل الصناعة والزراعة هي أولاً؟ أم موقعها يكون في المؤخرة، ويحتل الموقع الأول بدلاً عنها المضاربات العقارية والمالية والاستيراد؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
955
آخر تعديل على الإثنين, 02 آذار/مارس 2020 11:35