موقف اللجنة جاء مجحفاً
أديب خالد أديب خالد

موقف اللجنة جاء مجحفاً

بعد الخلاف الذي نشب بين عمّال مرفأ طرطوس ونقابتهم من جهة، والشركة الروسية المشغَّلة لمرفأ طرطوس من جهة ثانية، إثر مباشرتها العمل والاستثمار.

أول ما بدأت به الشركة الروسية هو تحويل عقود العمال إلى عقود غير محددة المدة حسب القانون العمل رقم 17 لعام 2010 بعد أن كانوا موظفين خاضعين لقانون العاملين الأساسي بالدولة رقم 50 لعام 2004.
لجنة لتضييع الحقوق
نتيجة لذلك فقد تم تشكيل لجنة ضمّت معاون المدير العام مهند علي إسماعيل، وبعضوية مدير في رئاسة الجهاز المركزي للرقابة المالية بسام عوفان، ومدير العمل المركزي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمود الدمراني، ومدير الشؤون التأمينية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أيمن المدني، ومدير الشؤون الإدارية والقانونية في مرفأ طرطوس جهاد علي شعبان، ورئيس نقابة عمال النقل البحري والجوي ممثل التنظيم النقابي فؤاد جودت، لدراسة صك العقد الذي اقترحته شركة /STG-E/ المراد إبرامه مع العاملين «دائمين– متعاقدين» في الشركة العامة لمرفأ طرطوس.
وأنجزت اللجنة عملها بعد عدة اجتماعات.. اطّلعت خلالها على العقد الموقع بين الشركة العامة لمرفأ طرطوس وشركة /STG-E/ المحدودة المسؤولية لإدارة واستثمار مرفأ طرطوس والتصديق عليه بالقانون رقم /16/ تاريخ 17/6/2019، وعلى القوانين السورية ذات الصلة، وعلى كتاب رئاسة مجلس الوزراء المحال لوزير النقل والمتضمن قرار المجلس بمنح العاملين في الشركة العامة لمرفأ طرطوس «دائمين ومتعاقدين» إجازة خاصة بلا أجر لمدة أطول من المدة المقررة في القانون الأساسي للعاملين في الدولة، واطّلعت أيضاً على البنود التي تضمنها مشروع عقد العمل الفردي غير محدد المدة والمتفق عليه بين الطرفين.
توصيات قانونية لكن سيئة
توصلت اللجنة إلى عدة مقترحات تراها مناسبة لضمان حقوق العاملين، ففيما يخص العقد المقترح إبرامه مع العاملين بيَّنت أن مشروع عقد العمل الفردي المتفق عليه لا يتعارض مع قانون العمل رقم /17/ لعام 2010 كما أنه يحافظ على الحقوق التأمينية للعاملين وحقوقهم المكتسبة.
هذا ما خلصت إليه اللجنة، والتي رأت أنَّ عمل الشركة قانوني ويحافظ على حقوق العمال من وجهة نظرها، ولكن المشكلة لماذا يتم تحويل العمال من قانون العاملين الأساسي بالدولة إلى قانون العمل رقم 17؟ هذا الإجراء بحد ذاته ضار بالعمال وبحقوقهم ويسبب خسارة كبيرة لهم.
لا سيما أن قانون العمل رقم 17 بحد ذاته لا يضمن حقوق العمال، وليس كافياً لصون حقوق العمال، لا سيما أنه يحق بحسب القانون لرب العمل أو الشركة المستثمرة تسريح العمال تعسفياً من أعمالهم في أي وقت، وهذا يفقد العمال عامل الاستقرار في عملهم، فهم باتوا معرضين للطرد في أية لحظة.
لقد جاء في قانون التشاركية لعام 2016 في المادة 66 منه والمتعلقة بعمال القطاع العام بأنه في حال تعلق مشروع التشاركية بمنشأة قطاع عام موجودة فعلياً، فيمكن استخدام بعض عمال القطاع العام حسب مؤهلاتهم في شركة المشروع بناء على طلب الشركة، وبناء على رغبتهم بعد أن يتم إنهاء علاقتهم الوظيفية مع الجهة العامة طبقاً للقوانين النافذة. أي إن المادة حددت شروطاً لاستخدام (بعض) عمال المنشأة وليس جميعهم، وبشرط أساس (بناء على رغبتهم) وليس فرضاً عليهم، وهذا ما يحصل مع عمال المرفأ، وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة السابقة على أن تبقى تبعية باقي الموظفين والعمال في منشأة القطاع العام للأحكام القانونية المنطبقة عليهم مع احتفاظهم بحقوقهم المكتسبة كاملة.
اتفاقيات خاصة
على حساب العمال
إذا كانت الاتفاقيات الدولية أعلى مرتبة من القوانين المحلية فهذا يحمِّل مسؤولية هؤلاء العمال للحكومة السورية التي لم تفاوض بجدية لصيانة حقوق العمال والحفاظ على مكتسباتهم، وهي تتحمل المسؤولية كاملة أمامهم فهذه جريمة بحق العمال لأنهم لم يطَّلعوا لا هم ولا منظماتهم النقابية على هذه الاتفاقية، ولم يطالبوا ببيان رأيهم، وكان حرياً على إدارة مرفأ طرطوس ومن خلفها الحكومة السورية الحفاظ على حقوق العمال بدلاً من التغاضي عنها لتمرير المشاريع الاستثمارية على حسابهم.
جاءت توصيات اللجنة لحل هذا الخلاف بعد دراسة عقد العمل الفردي المتفق عليه بين الطرفين، فمن أين جاءت اللجنة بعبارة المتفق عليه بين الطرفين؟ هذا العقد فرض على العمال، ولم يوافقوا عليه، وهو بمثابة عقد إذعان وليس بعقد عمل. فإما أن يوقع عليه العامل، أو يطرد منه وليس له صلاحية مناقشته أو تعديل شروطه.
كتاب رئاسة مجلس الوزراء
أما فيما يخص الإجازة الخاصة بلا أجر لمدة سنة قابلة للتجديد، فقد رأت اللجنة أنها لتحقيق المصلحة العامة ولمصلحة العمال، وهذا البند بحد ذاته سبب الإشكال مع العمال، وهو بمثابة التخلي عن العمال وتركهم بلا عمل ولا راتب لمدة سنة. فمن أين أتت اللجنة بأن ذلك يصون مصلحة العمال؟!
على ما يبدو أن اللجنة التي شكلت وقفت مع الجهة المستثمرة للمرفأ ضد مصلحة العمال، وقد تبنت كامل موقف الشركة المستثمرة، وهذا الموقف مستغرب بحد ذاته، وعلى الاتحاد العام لنقابات العمال القيام بمهامه الأساسية واتخاذ موقف أكثر جدية لصالح العمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
954