الأجور بين الحكومة ودور النقابات
دوماً تتحدث الحكومة بضرورة زيادة الإنتاج عند مواجهتها بضرورة زيادة الأجور والرواتب مع العلم أن الأجور يجب أن تتناسب مع الأسعار كما نص على ذلك الدستور السوري لعام 2012 في المادة الثالثة عشر التي نصت على أنه (تهدف السياسات الاقتصادية إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة) ولطالما تجاهلت الحكومة الدستور، وخصوصاً في النصوص التي تهم الطبقة العاملة وتتبع سياسات اقتصادية مخالفة له وللمبادئ الاقتصادية التي نص عليها.
كلمة حق يراد بها باطل
حتى الكلام الحكومي اليومي والمتكرر عن ضرورة زيادة الإنتاج، وإعادة تشغيل المعامل، لا تلتزم به الحكومة على أرض الواقع، ولم تقدم خطة اقتصادية حقيقية للنهوض بالقطاع العام الاقتصادي كما أكد عليه الدستور في المادة الثالثة عشر (يقوم النشاط الاقتصادي على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام ....) ولم تقدم الأموال والتسهيلات والدعم الذي يتطلب ذلك، وأغلب قراراتها الاقتصادية تعتمد على دعم الاستيراد وتأمين الأموال للمستوردين وطرح أشكال من الخصخصة لقطاع الدولة عبر طرحها لقانون التشاركية وغيره من القوانين، وفتح منشآتنا الاقتصادية أمام المستثمرين المحليين والأجانب، وبشروط مجحفة، بعد أن هيأت الأرضية القانونية والتشريعية لذلك ابتداء من قانون العمل رقم 17 لعام 2010 وليس انتهاء بقانون التشاركية لعام 2015.
إذاً كل الكلام الحكومي عن ضرورة زيادة الإنتاج لزيادة الرواتب هو ذر للرماد في العيون، وتهرب من المسؤوليات، والسياسات الاقتصادية الحكومية تتجه إلى مزيد من إفقار الطبقة العاملة، خاصة عندما تصدر الحكومة لنا بياناتها حول فاتورة الدعم المزعومة، والتي تذكرنا من خلالها بمكارمها تمهيداً لمزيد من رفع الأسعار، لفتح شهية المستثمرين للإقبال على الاستثمار في منشآت القطاع العام.
وطالما هذه سياسات الحكومة، فالوضع لن يتغير ويسير نحو الأسوأ ولا بد من استخدام وسائل الضغط الدستورية للتأثير على الحكومة وقراراتها وتغيير سياساتها الاقتصادية ودفعها نحو الالتزام بمبادئ الدستور الاقتصادية.
دور النقابات
القائمون على الاتحاد العام لنقابات العمال لا يطالبون الحكومة بتطبيق الدستور، ولا يتحدثون عن ضرورة رفع الأجور والرواتب بما يتناسب والأسعار، ولا يتسلح هؤلاء بالنصوص الدستورية التي تسمح لهم بلعب دورهم النضالي المطلوب منهم بسبب تبنيهم شعار (نحن والحكومة شركاء) بل يمكن أن يطالبوا وبكل خجل وبأحسن الأحوال بتحسين متممات الأجور والرواتب من حوافز ومكافآت لرفع مستوى معيشة العمال، وهذا بحد ذاته غير كافٍ، ولا يسد رمق العمال حتى، فماذا سيستفيد العمال من رفع هذه المتممات في ظل هذه الهوة الكبيرة بين الأجور والأسعار.
عمال القطاع الخاص
لا بل حتى منظمات العمال ومن ورائها الحكومة، تمنع العمال في القطاع الخاص من المطالبة بحقوقهم عبر الطرق القانونية والدستورية المشروعة تحت حجج كاذبة وواهية، هدفها الوحيد التماهي مع سياسة الحكومة الاقتصادية في دعم أرباب العمل على حساب العمال. ولا تلعب تلك المنظمات سوى دور الوسيط بين العمال وأرباب العمل، وهذا بحد ذاته يعني تنحي النقابات عن وظيفتها الحقيقية، وتحيزاً واضحاً لمصالح أرباب العمل.
الإضراب السلاح الوحيد
النقابات لا تملك أي شيء تقدمه للطبقة العاملة سوى بعض الخطابات، ليسد بها العمال رمقهم دون أي تحرك جدي يمكن من خلاله الضغط على الحكومة لتحسين مستوى معيشة العمال عبر زيادة الأجور والرواتب، خاصة وأن الإضراب وهو السلاح الوحيد في يد الطبقة العاملة قد نص عليه الدستور في المادة (44)، وهو حق مشروع للطبقة العاملة، وهو الطريق الوحيد للضغط على الحكومة.
ولكن الشعار الذي ترفعه النقابات، والذي رُفع نتيجة لتطبيق المادة الثامنة من الدستور السابق تعرقل هذا التحرك وتحد من قوة النقابات وفاعليتها المطلوبة تجاه حقوق الطبقة العاملة ومطالبها وتمنعها من التحرك منفردة للمطالبة بتلك الحقوق.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 950