عين الفساد على أموال التأمينات
صرحت رئاسة مجلس الوزراء خبراً مفاده أن اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء درست مشروع تأسيس شركة مساهمة مغفلة لاستثمار أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية تسمى (الشركة الوطنية لاستثمار أموال التأمينات الاجتماعية) وسيتم عرضه على مجلس الوزراء لاستكمال أسباب صدوره أصولاً، وذلك بغية تنفيذ رؤية المؤسسة لفصل العمل التأميني الخدمي عن الاستثمار، وبهدف تطوير عملها لاستثمار فائض أموالها بالشكل الأمثل وتجاوز الصعوبات وتعزيز مركزها ودورها الهام في مجال الضمان الاجتماعي، والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية حسب ما جاء في الإعلان، دون ذكر أية تفاصيل أخرى حول هذا المشروع وماهيته وما هي طبيعة الشركة التي ينوى تأسيسها، وما وظيفتها وما هي طبيعة المشاريع التي تنوي استثمار أموال المؤسسة من خلالها؟
هذا الخبر أثار حفيظة العمال الذين أبدوا مخاوفهم من هكذا خطوة قد تؤدي إلى إفلاس المؤسسة وضياع أموالهم، خاصة وأن أغلب الشركات الحكومية مصيرها قيد الدراسة والترتيب بسبب عدم دعم الحكومة لها، ناهيك عن تاريخ مؤسسة التأمينات الاجتماعية مع الحكومة وقراراتها التي كانت دائماً في غير صالح المؤسسة، وإنما كان الهدف منها فقط السحب من أموال العمال دون اعتبار للمؤسسة والمهام الاجتماعية الملقاة على عاتقها، وسياسات الحكومة الاقتصادية بشكل عام لا تصب في صالح الطبقة العاملة بل تزيد من هضم حقوقها.
سياسات الحكومة والمؤسسة والطبقة العاملة
ما زالت الحكومة تحمل مؤسسة التأمينات الاجتماعية أعباء لا علاقة لها بها، ناهيك عن مديونية الحكومة والقطاع الخاص للمؤسسة والتي تبلغ 230 مليار ليرة سورية، والتي تمتنع الحكومة عن سدادها للمؤسسة وتقدم تسهيلات وإعفاءات للقطاع الخاص للهروب من دفع ديونهم للمؤسسة.
عدا عن مديونية الحكومة المباشرة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية وإشراك المؤسسة في مشاريع حكومية، والسحب من أموالها لإنقاذ بعض الشركات المهددة بالإفلاس، وتبلغ مديونية الحكومة بالإضافة إلى اقتراض مؤسسات القطاع العام حوالي 300 مليار ليرة سورية منذ ما قبل الأزمة، أي عندما كان الدولار ب50 ليرة سورية، فكم خسرت المؤسسة بسبب ذلك اليوم.
وهذا ما أدى إلى وصول المؤسسة لحد الاستدانة من الحكومة ففي تاريخ 20/2/2018 وافقت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء على مشروع قرار معد من وزارة المالية، بمنح سلفة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية تقدر بثلاثة مليارات ونصف ليرة سورية لتتمكن من سداد الالتزامات المترتبة عليها، فإذا كانت المؤسسة تستدين من الحكومة منذ سنتين فمن أين جاء الفائض لكي يُستثمر؟!.
قانون التأمينات الاجتماعية رقم 52 لعام 1959وتعديلاته
سمح القانون لمؤسسة التأمينات الاجتماعية استثمار 50% من فائض أموالها في مجالات ريعية استثمارية استناداً لدراسة جدوى اقتصادية للمشاريع وبما يضمن درجة أمان استثماري، هل ستتقيد هذه الشركة بتعليمات قانون المؤسسة وفي حدود 50 % من أموالها فقط أم أن المشروع سيسمح لها بممارسة نشاطها الاقتصادي بعيداً عن أية قيود أو شروط كالتي نص عليها القانون، وبالتالي تعريض أموال العمال إلى الخطر، خاصة وأن النشاط الاقتصادي يدور بين النفع والضرر وقد يؤدي إلى ضياع أموال المؤسسة وخسارتها لدورها الاجتماعي الأساس وانعكاسه السلبي على العمال ومستقبلهم.
كما نصت المادة الحادية عشرة من القانون رقم 92 على تشكيل لجنة لاستثمار أموال المؤسسة، وهي بعضوية رئيس اتحاد نقابات العمال، وتختص هذه اللجنة بوضع برامج الاستثمار وبالبت في طلبات القروض التي تقدم إليها، وذلك وفق القواعد العامة التي يضعها مجلس الإدارة لاستثمار أموال المؤسسة، وتكون جميع قرارات اللجنة خاضعة للتصديق من مجلس الإدارة.
فإذا كانت هناك لجنة خاصة مهمتها فقط استثمار أموال المؤسسة فما الحاجة إلى إنشاء شركة مساهمة للقيام بهذه المهمة. وبالتالي فإن تبرير إنشاء هذه الشركة للفصل بين وظائف المؤسسة الاجتماعية والاستثمارية حسب ما ذكر تصريح رئاسة مجلس الوزراء ليس في محله ويطرح عدة تساؤلات.
ومن هي الجهة الرقابية التي ستراقب عمل هذه الشركة، هل مجلس إدارة المؤسسة كما هي في القانون؟ وهل ستبقى لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مهمة إصدار نظام استثمار فائض أموال المؤسسة، أم أن ذلك سيعود إلى مجلس إدارة الشركة فقط التي لم يعلن من هي الجهات التي ستتمثل فيه؟
عدة تساؤلات تدور حول إعلان الحكومة نيتها تأسيس شركة مساهمة لاستثمار فائض أموال المؤسسة دون أن تعلن عن أية تفاصيل أخرى يمكن الحكم من خلالها على هذا المشروع، ولم يتم طرحه للمناقشة مع الاتحاد العام لنقابات العمال، باعتبار أن أموال المؤسسة هي ملك خالص للعمال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 949